انتهت في طرابلس ولم ينته شيء

روزانا رمّال

إنجاز الجيش اللبناني في طرابلس، والمعلومات عن الأوامر الصارمة التي وُجهت إلى العسكريين، والقرار الكبير المتخذ بالحسم لدى قيادة الجيش اللبناني من دون الإصغاء إلى أيّ محاولة من محاولات عرقلة مهمّته سياسياً، كلّ ذلك أنتج مولوداً سريعاً فرض هيبتة وأظهر قدرة لافتة للجيش فاجأت بالحسم السريع أولاً، وثانياً بالقدرة على مواجهة أشرس أنواع المعارك وأخطرها في الشمال من دون انتظار الهبات المالية أو العسكرية.

أصبح لدى قيادة الجيش اللبناني بنك معلومات ومخطط كانت المجموعات الإرهابية تنوي فرضه كواقع على الشمال وقراه، وأبرزها الإمارة الإرهابية في قرى يعصون وعاصون وسير الضنية وبقاعصفرين، وإعلان إمارة في هذه القرى حيث تصبح ملجأ لمسلحي تنظيم «داعش»و جبهة النصرة»بهدف ربط القلمون السورية بالساحل اللبناني… أما التنفيذ فكان مقرّراً بعد شهر…

الحديث عن الإنجاز الأكبر للجيش في لبنان لا يعني انّ كلّ شيء قد انتهى، وبالتالي يجب التوقف عند أمرين أساسيّين في هذا الإطار.

أولاً: إذا كان خطر إنشاء إمارة في الشمال قد زال في المرحلة الراهنة، فهل هذا يعني أنّ هدف إنشاء إمارة إرهابية على البحر المتوسط لم يعد مطروحاً لدى «داعش»أو «النصرة ، لتكون منفذاً أساسياً على البحر المتوسط ودوله؟

ثانياً: إذا كان الجزء الأخطر من الإرهابيّين وقع في يد الجيش اللبناني والجزء المتبقي قيد الملاحقة، كشادي المولوي واسامة منصور، فإلى أين انسحب المسلحون الباقون؟ بالتأكيد انّ جزءاً أساسياً منهم يختبئ في الأرجاء؟

انتهت المعركة في طرابلس ولم ينته معها شيء بالتأكيد رغم الإنجاز العظيم في القضاء على حلم الإمارة الإرهابية في الشمال، لكن من غير المؤكد أذا كانت هذه الأحلام ستنتعش مجدّداً في المستقبل، خصوصاً أنها لم تكن وليدة اليوم ولا جاءت بسبب أحداث سورية، او بسبب مشاركة حزب الله في القتال هناك، إنما كانت منذ زمن بعيد، حيث الكلّ يتذكر خلايا الضنية وأحداث مطلع العام 2000 وأحداث مخيم نهر البارد الشهيرة.

لا يمكن لأيّ شيء ان ينتهي طالما الإرهاب والجماعات المتطرفة موجودة في المنطقة، وطالما الأزمة السورية قائمة، وكذلك الحرب على الإرهاب، ولا يمكن اعتبار أنه تمّ القضاء الكامل على أيّ خطر كامن أو داهم، خصوصاً أنّ الخلايا النائمة في طرابلس لا تزال موجودة، والجيش أكد أنه سيواصل ملاحقتها…

صورة أحمد الأسير تتكرّر مجدّداً في هروب شادي المولوي وأسامة منصور وإخوانهم، والحديث عن أيّ تسوية اليوم في طرابلس هو إهانة للجيش اللبناني، لأنّ ما جرى يشبه ما جرى مع أحمد الاسير في معركة عبرا في صيدا، حيث الهروب المذلّ له ولأعوانه، ولم تكن هناك تسوية أو مساومة على دماء شهداء الجيش تماماً كما القرار اليوم…

انتهت في طرابلس ولم ينته شيء، فالحرب على الإرهاب مستمرة، والمعارك متجدّدة، والمخاطر أكيدة على لبنان وشماله، طالما لم يتمّ استئصال الإرهاب في سورية والجوار، وطالما أنّ داعميه ماضون في الوتيرة نفسها والأهداف والسياسات نفسها في العالم العربي والمنطقة…

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى