تقتحم ميدان المواجهة في غزة «النقيفة».. أداة تحرير ونضال فلسطيني
على خطّ التماس الأول، مع قوات الاحتلال شرق مخيم العودة، في خزاعة، شرق خانيونس، تتقدم امرأة فلسطينية بجلبابها الأخضر، تخفي ملامح وجهها خلف نقابها الموشح بالكوفية والعلم لـ«تقصف» الحجارة بـ «النقيفة» باتجاه مكان تمركز تلك القوات خلال السواتر والأسيجة الفاصلة.
تتوارى خلف سحب الدخان المتصاعد من إطارات السيارات المشتعلة، وتنتقل من زاوية لأخرى، لتعاود قصف الحجارة، غير آبهة بأزيز الرصاص وقنابل الغاز التي تتساقط في المنطقة.
وتحوّلت «النقيفة» إلى إحدى أهم أدوات النضال الشعبي في مواجهة قوات الاحتلال «الإسرائيلي» في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبرز استخدام النقيفة خلال انتفاضة الحجارة عام 1987، ولكن تراجع استخدامهما في المواجهات في السنوات الأخيرة، بعد بروز استخدام المقاومة المسلحة في انتفاضة الأقصى عام 2000، وغابت تماماً في قطاع غزة مع انسحاب قوات الاحتلال منه عام 2005، وباتت المواجهة العسكرية بالأسلحة النارية والصواريخ.
تفعيل المقاومة الشعبية في قطاع غزة، عبر مسيرات العودة في 30 مارس/آذار الماضي، ومن قبلها موجة المواجهات التي تفجّرت عقب اندلاع انتفاضة القدس في تشرين الأول 2015، ومن بينهما موجات غضب خاصة على إعلان ترمب أتاح استحضار كل أدوات النضال الشعبي، ومن بينها النقيفة والمقلاع والإطارات المشتعلة.
مكوّنات النقيفة
ومكوّنات النقيفة قطعتان من المطاط، متساويتان في الطول والعرض، طولها 40 سم، وعرضها 3 سم، بالإضافة إلى خشبة مأخوذة من شجرة ما على شكل Y أو علامة النصر، وقطعة جلد أو قماشة مستطيلة وصغيرة الحجم، مثقوبة من الجانبين لربط قطعتي المطاط بها، بحيث تكون هذه القطعة بعد التركيب حاملة الحجر الصغير الحجم، ومَن يجيد فن التصويب ينجح بإحداث إصابات بين صفوف الجنود، وكثيراً ما تُشاهد دماؤهم تسيل، ويصرخون من الألم.
وتُستخدم النقيفة في المواجهات الجارية ضد قوات الاحتلال في الضفة الغربية، لكون المواجهات تجري قرب الحواجز وفي مناطق مكشوفة نسبياً.
أهميتها كسلاح
وتكمن أهميتها – وفق الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر – في الاستخدام غير المرئي، ما يربك قوات الجيش، مبيناً أنه على الرغم من أن إصابتها بالعادة ليست قاتلة، إلا أنها تصيب بجروح قد تكون قوية، إذا كانت من مسافة قريبة، وكان الحجر قوياً، حيث يتراوح مداها بين 70 و120 متراً.
وهي تعتمد على قوة الرامي، ونوعية المطاط المستخدم، فإذا كان من المطاط الجيّد الليونة والقويّ، يصل، أحياناً، إلى مدى أبعد قليلاً، وكلما كانت المسافة قريبة، جاءت الإصابة أكثر فعالية وجدوى.
ويؤكد أبو عامر أن العودة إلى الأساليب القديمة للمقاومة إجابة شافية على أنه كلما حاول المحتل «الإسرائيلي» اتباع تكتيك جديد، وقفت المقاومة له بالمرصاد، لتقطع الطريق عليه بإبداعها أساليب جديدة، ولو كانت قديمة.
ويضيف أبو عامر في مقال أن هذا يفسر تزاحم الإبداعات الصغيرة، وإيجاد المقدمات للإبداعات الكبيرة، والأهم هو نزول الشعب إلى معترك الانتفاضة، وهو لا يملك في البداية سوى إرادة المواجهة.
المركز الفلسطيني للإعلام