قالت له
قالت له
قالت له وقف يتمشّى بين الجمع. وقال مَن منكم اسمه علي فخرج بعض ضوء بلا جسد ولا ظل، فقال له خذ دمك وارحل فلا كلام لي وأنت هنا… ولما تحقق من رحيله تطلّع صوب الجمع، وقال مَن اسمه عيسى ومَن بينكم حسين… فسالت قطرات دم من السماء أخذ يجمعها حبة حبة… ويوزّعها طبعاً ولصقاً لزجاً حاراً على جبهات الحضور، كما يفعل الهنود بحبات بوذا… وهو يتمتمُ ويقول علّها تحيي نفوساً تشتاق للحق .
ثم قالت: سمع الجمع شهيقه وزفيره، وهو يسأل مَن كانت أمهاتهم مريم وخديجة، فليخرجوا من الجمع إلى فسحة الضوء هناك… ثم استدار، وقال مَن كانت أمه أو جدته فاطمة فليأتِ إليّ… فجاء طفل بائس فمسح على وجهه فصار رجلاً مشعاً وبيده سيف مسنن طويل… فقال اذهب من حيث أتيت فلا زال أمامك الكثير من الحروب… وسأل عن يزيد فخرج إليه جسد ضخم الجثة فكوّمه بيده كورقة محشوّة بالكلام والسواد ووضعه في كوب… وأحرق الورقة حتى صارت رماداً… وقال ها أنت خذ رمادك واجمعه من جديد… وعندما تستعيد نفسك ورقاً للكتابة تعود إليّ من جديد أعيدك رماداً .
وقالت: ذهل به الجمع ولم يروه بعد. فقال أحدهم مَن أنت؟ فقال آخر لعله الله أو أحد ملائكته. وقال آخر وهل نحن من الأموات؟
أجابهم أنا معلم ساعات خصوصية… أدرّس مادتي الحساب والإنشاء وقد تعلّمتموهما خطأً ووجب عليّ التصحيح… فالحساب عندكم جمع وطرح لتعلّم التجارة طلباً للمكاسب… والإنشاء لغو وصفّ حروف وكثير كلام لتعلّم التملّق والنفاق طلباً للمناصب… وغاب صوته يتلاشى في البعيد… وتنهّدت ثم التفتت تقول: هذا ما رأيته في المنام فمن عساه يكون… وماذا عساه هذا المنام؟
قال لها: هو أستاذ التربية الدينية في دولة مدنية تنتظر الولادة.