لسنا معنيين بأي صراع طائفي أو سياسي في البلدأكد رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، خلال مؤتمر صحافي عقده قبل ظهر أمس في مقر الاتحاد، في حضور وفد من المراقبين الجويين الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية لصالح مديرية الطيران المدني، على «أحقية مطالب المراقبين الناجحين».
بداية، تلا كارلوس الياس طنوس بياناً باسم المراقبين الناجحين، فقال: «بعد مرور نحو سنة على صدور نتائج المباراة المفتوحة التي نظمها مجلس الخدمة المدنية لملء بعض الوظائف الشاغرة في المديرية العامة للطيران المدني، وبدل أن نكون معينين في الوظائف التي نجحنا بها بعد ليال طويلة من الدرس والسهر، ها نحن نجد أنفسنا في مقر الاتحاد العمالي العام، لنطالب بحقنا المجمد من دون أي تفسير أو سبب. لقد مر مرسوم تعييننا بمراحل عدة، بدءاً من تأخير دام 4 أشهر لتوقيعه في وزارة الأشغال، مروراً بدراسته في مجلس الخدمة المدنية ثم توقيعه من قبل وزير المال علي حسن خليل، وصولاً إلى توقيع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، إلى أن حط المرسوم رحاله في قصر بعبدا، حيث يستوجب توقيعه من قبل فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون كي ينشر ويصبح نافذاً».
أضاف طنوس: «غير أن الرياح في قصر بعبدا لم تجر كما تشتهي سفننا. فمنذ وصول المرسوم إلى دوائر القصر وحتى الساعة لا يزال مصيره مجهولاً، فتارة يقال لنا انه يأخذ مجراه الإداري، والموضوع هو مسألة وقت فقط، وطوراً يقال إنه يدرس في الدائرة القانونية في القصر، علماً أن المرسوم قانوني وموقع من الوزراء المختصين ومن رئيس الحكومة، وقد خضع لدراسة مطولة من قبل مجلس الخدمة المدنية. فهل يعقل أن يحوز المرسوم على كل هذه التواقيع والدراسة ثم يأتي من يقول لنا إنه في طور الدراسة القانونية في القصر»؟
وتابع: «إضافة إلى ذلك، فإننا نسمع من بعض النواب الذين نزورهم معلومات مفادها أنّ مرسوم تعييننا يشوبه خلل طائفي ولذلك فهو مجمد في القصر الجمهوري، علماً أن الوظائف التي نجحنا بها هي من الفئة الرابعة، والتي وفق الدستور لا تخضع للتوزيع الطائفي، بل للكفاءة حصراً، عبر امتحانات يخضع لها المرشحون في مجلس الخدمة المدنية، ومن دون أي قيد أو شرط طائفي».
وتوجه إلى الرئيس عون، «بصفته الرئاسية والأبوية، بالسؤال العلني: ما الذي يمنع توقيع مرسومنا حتى الساعة؟ وما ذنبنا وذنب عائلاتنا كي نعيش هذا الضياع وعدم الاستقرار المهني والعائلي؟ وجميعنا من أصحاب المسؤوليات، كل ذنبنا أننا تقدمنا إلى وظيفة أعلنت عنها الدولة اللبنانية، وأخضعتنا لامتحانات نجحنا بها عبر كفاءتنا ودون منة من أحد. أضف إلى ذلك يا فخامة الرئيس، أن هذه الوظائف التي نجحنا بها، ذات حساسية وأهمية، خصوصاً أن مركزها مطار بيروت الدولي، أي المرفق العام الأهم في الدولة اللبنانية، وبوابتها إلى العالم، فهل يعقل أن يبقى الشغور في وظائف حساسة في المطار بسبب توازنات طائفية يمكن معالجتها سياسياً وتنظيمياً في ما بعد»؟
وقال: «نحن يا فخامة الرئيس متفهمون للتوازنات التي ترعى النظام اللبناني، لكن إيجاد الحلول لمشاكل من عمر الاستقلال ليس من اختصاصنا، نحن غير معنيين بأي صراع طائفي أو سياسي في هذا البلد، كل ما نسعى إليه هو أن نعين في الوظائف التي نجحنا بها بكفاءتنا، والتي أصبحت من حقنا، ولا ذنب لنا إذا كان عدد المتقدمين إلى الامتحانات من طائفة معينة أقل مما يجب، فمجلس الخدمة المدنية لم يمنع أحدا من التقدم إلى الوظيفة».
كما توجه الى الرئيس عون مؤكداً «أنّ كل ما يهمنا اليوم هو الخروج من هذا الجمود الذي نعيشه، خصوصاً أنّ ملفنا قانوني ودستوري، وإذا كان هنالك من إجراءات أخرى ينبغي اعتمادها في مباريات مقبلة، فهي من اختصاص السلطة السياسية حصراً ولا شأن لنا بها. إجراءات يمكن العمل عليها ثم تطبيقها في المباريات المستقبلية وبعد تعييننا في وظائفنا، لأنّ حالة الجمود التي نعيشها لن تنفع بشيء سوى أنها ستؤخر تعييننا وتعرقل حياتنا وحياة عائلاتنا التي نعيلها.
فخامة الرئيس ميشال عون، لقد قلت يوماً «من له حق عندي فليطالبني به»، ونحن اليوم هنا نمثل نحو تسعين شاباً وشابة من الجنسية اللبنانية ومن مختلف الطوائف والمناطق، نعتبر أنفسنا بمثابة أولادك، فهل ترضى أن نبقى محرومين من أبسط حق في الحياة وهو الحق في العمل»؟
وقال: «فخامة الرئيس، لقد اخترنا العمل في القطاع العام رغبة منا في خدمة هذا الوطن، علماً أن مؤهلات بعضنا العلمية أعلى بكثير من المؤهلات المطلوبة للوظائف التي نجحنا بها… ورغم ذلك، ها نحن اليوم نناشدك أن تحل هذا الملف بحكمتك وروحك الوطنية المعهودة، أنت الحريص على المؤسسات، وبخاصة مجلس الخدمة المدنية الذي أضحى اليوم مهدداً، وأنت الحريص على السلامة العامة في مطار بيروت الذي يعاني من نقص حاد في الموارد البشرية، وأنت الحريص على شعبك وعلى الشباب في هذا الوطن نتمنى منك يا فخامة الرئيس أن تنهي معاناتنا، وأنت أدرى أننا بحاجة ملحة إلى وظائفنا اليوم قبل الغد، خصوصاً».
ثم تحدث الأسمر متوجهاً إلى المراقبين الناجحين قائلاً: «لقد تابعنا كاتحاد عمالي عام معكم ومع زملاء لكم نجحوا في مباريات مجلس الخدمة المدنية مثل حراس الأحراج والمحاسبين لصالح الإدارات العامة وسواهم مطلبكم العادل والمحق والقانوني والأخلاقي في تسلم وظائفكم الجديدة بعدما تقدمتم حسب الأصول والمعايير التي يفرضها القانون العام وبات من حقكم على الدولة أن تقوم بواجبها تجاهكم من دون أي تأخير أو تلكؤ.»
وأعلن «أننا في الاتحاد العمالي العام نعتبر أن هذه القضية تسمو فوق أي اعتبار طائفي أو مذهبي ولا تخضع إلا للقانون العام، فإما أننا في دولة تحترم مؤسساتها أو أننا في مزرعة أو غابة يأكل فيها القوي حق الضعيف. أنتم أصحاب حق واضح لا التباس فيه وأنتم ظلمتكم دولتكم بعدم تنفيذها للقوانين السائدة التي وضعتها الدولة نفسها. وأنا اليوم وباسم الاتحاد العمالي العام أدعوكم أن لا تيأسوا ولا تستكينوا والاتحاد العمالي العام مستمر وبكل قوة في الوقوف إلى جانبكم، فما ضاع حقّ وراءه مطالب.»
وأكد أنّ الاتحاد لن «يألو جهداً ولن نتوقف لحظة عن المطالبة بتطبيق القوانين وخصوصاً تلك التي تؤمن فرص عمل للشباب والشابات من الخريجين من الجامعات والمعاهد والكليات ومن خلال آليات سليمة وواضحة انطلاقاً من مؤسسات الدولة مثل مجلس الخدمة المدنية وليس عبر الإذلال من خلال الوساطات والزبائنية السياسية عند زعماء الطوائف والمذاهب والأحزاب. ونتساءل عن مآل هذه السياسات الملتوية في ظلّ فساد معمّم ومقونن باعتراف كافة أطراف السلطة وكذلك في ظلّ التوسع في الصرف التعسفي الذي يزداد توسعاً حتى في قطاعات يقال عنها مزدهرة وناجحة كالمصارف. وتحت كابوس مزاحمة اليد العاملة غير اللبنانية وغياب هيئات الرقابة والتفتيش وكذلك كابوس توقف القروض السكنية المدعومة من المصرف المركزي إلى عدم الاستجابة لتعديل المادة 50 من قانون العمل التي يجب أن تردع الصرف التعسفي أو تخفف منه. أليست كلّ هذه السياسات وكأنها تهدف إلى دفع شبابنا وشاباتنا إلى الوقوف على أبواب السفارات طلباً للهجرة؟ ألا يكفي اللبنانيون معاناتهم من النفايات والكهرباء والمياه والبطالة والأجور المنقوصة؟»
وختم الاسمر: «في مواجهة كل ذلك، لنبق معاً يداً بيد إلى أن تتحقق العدالة وتحصلوا على مطلبكم في الالتحاق بوظائفكم التي هي حق لكم ونحقق كافة مطالبنا التي هي مطالبكم ومطالب أغلبية الشعب اللبناني».