غاب بطل من لبنان…
نقولا تويني
علمت عنه وعرفته منذ زمن طويل معرفة السلام والتقدير المتبادل وكان قد تبوأ قيادة الحزب مرات عديدة ومناصب وزارية ومسؤوليات وطنية لبنانية وإقليمية.
لمّا بنينا صداقة متأخرة شعرت أنني فقدت مسافة من الزمن لم أتمتع بعقل ودماثة هذا الرجل الفريد.
أعجبت بصراحته وقوّة حجّته في خطابه ونقاشه وكان هاجسه مشرق مسلوب سليب مفتت مفكك.
كان شجاعاً دائماً في كلّ موقف، وكانت شجاعته شجاعة رجل اليقين، زعيمه شهيد الوطن والظلم والجهل والعمالة الرخيصة.
راح يعلّم الأجيال ما قرأه وكتبه، لم يساوم مع الجهل واعتبره عمالة مقنّعة من صنع العدو.
الحرية هي مجابهة العدو وصهينة المجتمع، اهتمّ بالأجيال الواعدة ولَم ير سبيلاً إلا في القومية الاجتماعية وحرباً بدون هوادة مع المغتصب.
شغله تفكيك الدول العربية من مصر إلى العراق إلى فلسطين وسورية.
تأمّل بالشرق واقتنع بلبنان قاعدة لمقاومة الغزاة، سورية هاجسه ودمشق أوّل عاصمة للعالم.
أعجبتُ بطيبة لقائه وابتسامته وصدق ملامح وجهه عندما كنّا نلتقي، واعتمدنا ان نعتكف قليلاً للتفكير والتحليل، وكان يعلم جيداً في الأسباب والنتائج، يعلم ما هو بنيوي لا مجال لإصلاحه إلا بالتغيير، وما كان مستعاراً وظرفياً وبالإمكان تخطيه.
بنينا صداقة حميمة وكنت أحبّ مقابلته، تكلّمنا سوياً على الهاتف منذ أيّام وكنت في ضهور الشوير أتمشى أنا ورفيق عزيز على قلبه وهيب أبو صعب، يحب هذا المكان ويرتاح له ووعد بالمجيء فور خروجه من المستشفى.
لم أسمع منه كلمة تململ، بل تفاءلوا يا أحرار، إحساس من عرف بالحقيقة، سقط وهو واقف مرفوع الرأس وفي باله زعيم وأمة وعقيدة ومعرفة.
علي… معالي الوزير، حضرة الأمين رحمك الله أيها الصديق الصدوق.
وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد