البذور السورية قد تنقذ محصول القمح الأميركي
على خلفية أزيز أسراب من الذباب، ومن بين 20 ألف شتلة أصابتها الآفات في أحد المشاتل المعملية بجامعة كانساس، بقيت هناك شتلة واحدة لم تُصِبْها الآفة.
وكانت هذه الشتلة من نوع «الدوسر الطوشي» Aegilops tauschii، وهي نوع نباتي يتبع جنس الدوسر، وموطنه بلاد الشام. والآن، يمكن لتلك البذور السورية، الموجودة في قبو خارج مدينة حلب أن تنقذ محصول القمح الأميركي من تداعيات التغيّرات المناخية في السنوات الأخيرة.
وارتفعت درجات الحرارة في الولايات المتحدة الأميركية في الأعوام 2000-2015 نحو 1-2 درجة على مقياس فهرنهايت عن معدلاتها في القرن العشرين، وتباعدت الفترات بين هطول الأمطار، وفقاً لتقدير وكالة الحفاظ على البيئة، بمعنى أن الطقس في بعض المناطق، مثل منطقة الغرب الأوسط في الولايات المتحدة، أصبح شبيهاً بالطقس في منطقة الشرق الأوسط.
وتأثرت محاصيل القمح في تلك المناطق نظراً لارتفاع درجات الحرارة، ومن المتوقع أن تنخفض معدلات الإنتاج بـ 4 سنوياً، لعجز المبيدات الزراعية عن مكافحة الآفات التي تُصيب المحاصيل في ظل هذه الظروف المناخية.
وجاء ردّ فعل العلماء بالبحث عن طرق المقاومة الطبيعية للآفات في المناطق الحارة، فوجدوها في قلب الهلال الخصيب، في سورية، مهد الزراعة المدجنة.
ويقع أحد أهم بنوك البذور في العالم في قرية تل حدية، على بعد 40 كم غربي مدينة حلب، ويديره المركز الدولي للبحوث الزراعية للمناطق الجافة، وهو مختصّ بالحفاظ على بذور المناطق الحارة، والموجودة في ظروف تواجه اليوم عدداً متزايداً من المناطق الزراعية حول العالم.
وتتميّز تلك البذور بأنها تطوّرت جينياً لتحافظ على خصائصها الاستراتيجية التي تمكنها من مكافحة الآفات في ظل الظروف المناخية الصعبة، وعلى رأسها ذبابة القمح والشعير الملونة التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، وتتحرك الآن نحو الشمال لظهور الظروف الملائمة لحياتها في ولايات مثل كانساس وأوكلاهوما وتكساس وكولورادو ونبراسكا.
ويشرح أستاذ علم الحشرات الجزيئية، مينغ – شن تشن أن فصل الشتاء البارد كان يتسبّب عادة في قتل يرقات الذباب قبل نموّها، لكن قدوم فصل الشتاء في وقت متأخر كل عام، نظراً للتغيرات المناخية، أصبح يتيح الفرصة لتلك اليرقات كي تنمو ذباباً وتصيب المحاصيل.
وقام تشن بمساعدة العالم جيسي بولاند، بإجراء سلسلة من التجارب على جميع أنواع بذور القمح من كانساس والمناطق المحيطة، وكذلك على بذور من سورية، ليكتشفوا أن البذور الوحيدة التي تمكّنت من مجابهة الآفات هي شتلات الدوسر الطوشي السورية.