سامي كليب… «الرحّالة»
وقّع الإعلامي والكاتب سامي كليب كتابه الجديد «الرحّالة… هكذا رأيت العالم» الصادر عن دار «هاشيت أنطوان/ نوفل»، في مكتبة أنطوان، في مجمّع «ABC» في فردان ـ بيروت، بحضور الإعلامي رفيق شلالا ممثّلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل ممثّلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ، وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الأعمال عناية عز الدين، النائب بولا يعقوبيان الوزير السابق سجعان قزي، الوزير السابق عدنان منصور والنائبين السابقين فيصل الداود، وعباس الهاشم، المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة، وضباط عسكريين وحزبيين وحشد من الاعلاميين والصحافيين.
وعن طبيعة مضمون كتابه ومهنته قال كليب: يفتح الإنسان عينيه كي يرى، لكن قلة من بني البشر ترى بقلبها وعقلها. الصحافي الحقيقي هو من تلك القلة، عينه كاميرته على العالم، قلمه ميزان إنسانيته، قلمه يرسم فوق الصفحات خطوط الحاضر وجذور التاريخ والجغرافيا ونبض الناس والحضارات. قلة ممن يمسكون ذلك القلم لديهم ما يكفي من النضج الروحي والإنساني لاستيعاب التجربة. تجربة أن تكون الجميع، وأن تحتضن بكل حواسك أحلامهم وانهزاماتهم، أوجاعهم وأفراحهم، ما يقولونه وما لا يقال.
وأضاف: في غمرة تلك الرحلات إلى عوالم الآخرين، لا تعود القضية عنواناً، بل تصبح بشراً وقصصاً يتدفق في شرايينها الدم لا الحبر. تتراجع الرواية الرسمية أمام الحكايات الصغيرة التي تحرك التاريخ. كلا، التاريخ لا يصنعه الكبار فقط، بل تحبكه قصص الصغار والمهمشين، وتصنعه معطيات تنسج في الكواليس ولا تأخذ يوما دور البطولة.
وتابع كليب: لأن الصحف أضيق من أن تسع كل هذا الزخم، لأن ما هو ليس للنشر يحمل أكثر ممّا يحمله ما نشر، كان هذا الكتاب. خلاصة من الرحلات إلى جميع أصقاع العالم. خلاصة مكثفة، بلغة سلسة، منسابة، وحميمة، خلاصة موضوعية من منطلق شخصي. وأخيراً تسنى للصحافي أن يتفلت من محاذير المهنة ليكون ذاته: رحّالة. رصدت الحضارات والشعوب والمدن والصحارى ترتفقني كاميراتي وعيني إلى الأكثر جمالاً.
مقتطفات من الكتاب: «في صغري، كنت أحلم بأني أطير. ما إن أغرق في نومي حتى أراني محلّقًا فوق المدن والجبال. أقترب من النجوم، أهبط بين البيوت والحدائق والغابات، أرافق الطيور في تحليقها، أقطف من الأشجار أفضل ثمارها وأينعها، أستريح فوق غيمة يتيمة في سماء صيفية، ثم أنزل لأشارك الناس أفراحهم وأحزانهم. كنت أنتظر مجيء الليل لأنام بغية التحليق مجدّداً في السماء، كل ليلة. كانت أحلامي تحمل إلي الكثير من الفرح والغبطة. لعلها كانت تبعدني أيضاً عن ويلات السنوات الأولى للحرب، في بلدي لبنان. كان كل حلم بمثابة نافذة على مساحة من الفرح. أغمض عيني، أزيح ستائر النوافذ، وأسافر صوب سماء بلا حدود ولا قيود…
منذ بدأت القراءة عن السفر والرحلات، سكنني ابن بطوطة. رحت أتخيله وأنا في مطلع ربيع عمري، ممتطياً فرساً، أو معتلياً ظهر جمل، يجوب البراري والصحارى، ويسامر القمر والنجوم، بحثا عن مغامرة جديدة في بلد جديد. تخيلته متجلببا بعباءة زرقاء لا أدري لماذا تخيلتها زرقاء اللون. ربما لأنه لوني المفضل ، معتمراً ما يشبه العمة البيضاء، لا تفارق الابتسامة وجهه. رحت أرسم له صورة بهية في مخيلتي. تارة أراه ساحر النساء، وأخرى شاعراً ملهماً، وسيماً، فارع الطول. لم أشأ أن أشوّه صورته بأيّ علامة سوداء. كل شيء فيه كان جميلاً… هكذا كان في مخيلتي. فكيف كان في الواقع؟ كنت في بحثي عن ابن بطوطة، كمستمع متيم بمغن، أخشى الخذلان إن اقتربت منه. مع ذلك كنت متلهّفاً للتعرّف إليه، وأمني النفس بأن تكون صورته مطابقة لتلك التي في مخيلتي.