أنصاري: للمسارعة في إيجاد الحل السياسي للأزمات والخلافات الإقليمية الملتهبة

جال المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية مساعد وزير الخارجية حسين جابري أنصاري على المسؤولين اللبنانيين، ونقل إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسالة شفوية من نظيره الإيراني حسن روحاني حول التطورات المتصلة بالاتفاق النووي، والجهود التي تبذلها بلاده للتوصل الى اتفاق سياسي في سورية. ونوّه عون بـ«الجهود التي تبذلها إيران للمساعدة في إنهاء الأزمة السورية»، لافتاً إلى أن «تحقيق هذا الأمر من شأنه تسهيل عودة النازحين السوريين إلى بلادهم».

والتقى الرئيس عون أنصاري في قصر بعبدا، وجرى عرض التطورات الأخيرة المتصلة بالاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة الاميركية منه، والاتصالات التي تُجريها بلاده لمعالجة تداعيات القرار الأميركي الأحادي. كذلك اطلع الموفد الرئاسي الإيراني رئيس الجمهورية على المساعي التي تبذلها بلاده للتوصل إلى اتفاق سياسي للأزمة السورية من خلال اللقاءات المتوقعة بين أطراف هذه الأزمة. ونقل أنصاري حرص الرئيس الإيراني على «ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها في المجالات كافة».

وحمّل الرئيس عون اأنصاري «تحياته الى الرئيس روحاني وتمنياته له وللجمهورية الإسلامية الإيرانية بدوام الاستقرار والتقدم»، مشيداً بـ«العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين». وأعرب عن أسفه لـ«انسحاب الولايات المتحدة الاميركية من الاتفاق النووي الذي كان اعتبره لبنان ركنًا أساسياً للاستقرار في المنطقة ويساهم في جعلها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل»، مسجّلا في المقابل ترحيبه بـ«التزام الدول الاخرى بالاستمرار فيه وفق ما صدر في فيينا قبل أيام، نظراً للتداعيات السلبية التي تترتّب على إلغائه على صعيد الامن والاستقرار في المنطقة. ونوّه بالجهود التي تبذلها إيران للمساعدة في إنهاء الازمة السورية، لافتاً الى ان «تحقيق هذا الأمر من شأنه تسهيل عودة النازحين السوريين الى بلادهم».

ومن بعبدا انتقل أنصاري إلى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبعد اللقاء، قال انصاري إن «زيارتي تهدف الى شرح مواقف الجمهورية الاسلامية للشخصيات اللبنانية ولنقل رسالة الرئيس حسن روحاني الى رئيس الجمهورية العماد عون»، معتبراً أن «الزيارة فرصة سانحة للقاء المسؤولين والمرجعيات السياسية».

ولفت الى أن «الرسالة تحمل في طياتها بعدين أساسيين. الاول يتركز على شرح الجهود التي تقوم بها طهران مع بقية شركائها في الاتفاق النووي من اجل المحافظة عليه وعلى المكتسبات السياسية والاقتصادية التي تحققت، ولمواجهة السياسة الأميركية الأحادية المعتمدة في هذا المجال ولمواجهة وخروجها من «الاتفاق». والثاني، لتأكيد معاني الصداقة والتعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة في المنطقة وفي العالم. وبطبيعة الحال نركز في هذا المجال على العلاقات الأخوية مع لبنان الشقيق».

وأكد أن «المنطقة ملك لدولها ولشعوبها ولا بد لهذه الدول والشعوب أن تتضامن وتتحد وتتقارب من اجل الدفاع عن مستقبلها ومصيرها»، معتبراً أن «من الأولويات الأساسية التي يجب أن تكون موضوعة للبحث، ليس فقط لإيران بل لكل المنطقة، المسارعة في إيجاد الحل السياسي للأزمات والخلافات الاقليمية الملتهبة».

وأضاف أنه «قدم تقريراً مفصلاً بأن الجمهورية الاسلامية تضع في سلم اولوياتها مسألة متابعة العملية السياسية التي ستؤدي الى الحل السياسي المنشود»، مشيراً الى أن «طهران تعمل من خلال المفاوضات التي تجريها مع الأمم المتحدة والدول الضامنة الثلاث على إيجاد المقدمات اللازمة لانطلاق عمل اللجنة الدستورية، التي ستدرس الإصلاحات التي يجب أن تدخل على الدستور السوري». وشدّد على «الدور الاساسي الذي تقوم به الدول الضامنة الثلاث من جهة والامم المتحدة من جهة اخرى لانطلاق عمل اللجنة الدستورية، ولكن يبقى الدور الاساسي والفاعل هو ذلك التي تقوم به الاطراف السورية سواء كان الحكومة أو المعارضة او قوى المجتمع المدني لأن هذه المسألة تدخل في اطار السيادة السورية ولا يحق لأي طرف خارجي ان يفرض وجهة نظره في هذا المجال».

وأضاف أننا «نعمل في هذه المرحلة على توفير المناخات اللازمة والمناسبة التي تضمن عودة اللاجئين السوريين الى وطنهم الأم، ونعتبر ملف النازحين من الملفات الحيوية والاساسية التي في حال أنجزناها، نكون قمنا بخطوة اساسية في إعادة أجواء الامن والامان والاستقرار الى الربوع السورية كافة».

وتابع «والملف الآخر الذي نعمل عليه مع شركائنا بشكل جدي في هذه المرحلة هو الملف المرتبط بتبادل الاسرى والجرحى».

وفي ما يتعلق بالأزمة اليمنية، قال «خلال الاشهر القليلة الاخيرة كانت هناك حركة مكثفة من المفاوضات التي جرت بمشاركة طهران والامم المتحدة واربع دول أوروبية، بالاضافة الى الاتحاد الاوروبي، وذلك من أجل إيجاد الآليات المناسبة لبدء المفاوضات النهائية»، مشدداً على أن «حل ازمة اليمن لا يكون عسكرياً. وهذا يثبت عملياً يوماً بعد يوم».

وختم «نتمنى للبنان الشقيق أن يشهد مزيداً من الاستقرار والوحدة والتلاقي»، آملاً «بعد إجراء الانتخابات النيابية الناجحة ان تشكل الحكومة اللبنانية العتيدة من خلال التوافق السياسي بين مختلف الاطراف»

وزار أنصاري وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مؤكداً أن الجمهورية الاسلامية الايرانية كانت وستبقى دائماً داعمة لوجود مثل هذه العلاقات الاخوية المميزة بين الشعبين والحكومتين. وهي ماضية في مساعيها من اجل رفع مستوى التعاون بين البلدين في المجالات كافة.

واضاف: «نقدر عالياً لبنان لأنه يمثل نموذجا يحتذى في التآخي والمقاومة والصمود والتصدي. وتناولت مساعي الجمهورية الاسلامية الايرانية لمقاربة الازمة السورية والعمل على الحل السياسي من خلال مفاوضات أستانة والتعاون مع المبعوث الاممي ستيفان دو ميستورا في مقاربة هذا الملف. ونأمل ان نشهد في المستقبل القريب ولادة اللجنة الدستورية التي من شأنها المساعدة الى حد كبير في اشاعة الاجواء الايجابية والمناخات المفيدة لحل الأزمة السورية بالتوازي مع الانجازت الميدانية».

وتابع: «من الأمور التي تحظى بأولوية مطلقة بالنسبة لنا في هذه المرحلة هي مسألة النازحين السوريين وضمان العودة السالمة لهم الى وطنهم الام سورية، ولا يمكننا الحديث عن حل نهائي للازمة في سورية من دون عودتهم إلى وطنهم ومدنهم وقراهم. وسنشهد قريباً المرحلة العاشرة من مفاوضات أستانة التي سوف تعقد في مدينة سوتشي بمشاركة الدول الضامنة الثلاث والامم المتحدة والوفود التي تمثل الدولة السورية واطياف المعارضة السورية، وسوف تركز على انشاء اللجنة الدستورية وملف النازحين السوريين. ونعتبر ان الاسراع في ايجاد حل سياسي مناسب للازمة السورية لا يفيد سورية وحدها، انما المنطقة برمتها».

انصاري ورداً على سؤال حول الملف النووي الايراني، أشار إلى أن مفاوضات سياسية مكثفة جرت بين إيران والدول الأخرى لمواجهة السياسة الاحادية الاميركية، وجرى تأكيد من قبل شركاء ايران على المحافظة على الاتفاق النووي، وهناك ارادة حقيقية في التقيد به. وهناك مفاوضات فنية لم تصل الى خواتيمها بعد، لترجمة هذه الارادة ووضعها قيد التنفيذ. ونجاح التطبيق يرتبط بضمان حقوق ايران في هذا الاتفاق. ونتمنى ان نلمس ترجمة فعلية بالشكل الذي يصب في خانة المحافظة على المكتسبات السياسية والاقتصادية. ورسالة الجمهورية الاسلامية الايرانية في هذا الاطار واضحة وشفافة وأكيدة: ان بقاء وديمومة الاتفاق النووي رهن بتقديم المصالح السياسية والاقتصادية التي ترمي اليها ايران من خلال هذا الاتفاق والذي تمت المصادقة عليه في مجلس الامن الدولي.

وفي معرض رده على سؤال حول الوجود الايراني في سورية اشار انصاري الى ان ثمة مستشارين ايرانيين يعملون في الجنوب السوري بناء على طلب رسمي من قبل الحكومة السورية لمؤازرتها في مواجهة الإرهاب، لافتاً الى ان استمرار وجودهم وتحديد الحضور الايراني في سورية سيحدد، طبقا لاحتياجات الدولة السورية، وفي اطار التنسيق بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية الاسلامية الإيرانية اللتين هما على تقارب وانسجام.

ورداً على سؤال قال: نعرف ان الحكومة اللبنانية هي حاليا حكومة تصريف اعمال بعد اجراء الانتخابات النيابية بشكل ناجح وموفق. ونأمل ان تتمكن القوى السياسية كافة من التوافق السياسي بينها في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وتعلمون ان اللقاءات بيننا وبين المسؤولين اللبنانيين ورئيس الحكومة سعد الحريري ليست مستجدّة والتعاون والتلاقي هما أمران موجودان في الماضي، وسوف يستمران مستقبلاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى