قراءات من الزمن الماضي كيف تعرفت على «الآداب»؟
يكتبها الياس عشي
القراءة الثالثة
تعرّفت على مجلة «الآداب» منذ خمسينات القرن الماضي وفي التاسع عشر من شهر شباط سنة 2008 رحل سهيل أدريس.
كتبت يومها تحت عنوان «رحل سهيل أدريس.. وبقيت الآداب»:
كنت في السادسة عشرة من عمري، يوم تعرّفت، في اللاذقية، المدينة الشامية المسكونة بالشعر والأزرق والثورة، على صبيّة أنيقة وصلت لتوّها من بيروت.
وكانت الصبية تحمل في حقيبتها قصائدَ من نوع آخر، نوعٍ لم آلفْهُ في قراءاتي المدرسية، ولا في لهجات أساتذتي، ولا في مطالعتي اليومية، قصائدَ بإيقاع جديد، ونمطية أخرى.. قصائد لا تعترف بطقوسية الشطرين أو بأصولية الخليل. وفي حقيبة هذه الصبيّة الحلوة والوافدة من بيروت أسماء تهجّينا حروفها في قراءة أولى، وكرجناها في قراءات متتالية، ثم صارت الأسماء الجزء الأساس في مرحلة شعرية حديثة أقضّت مضجع الشعر العمودي، وأنزلته عن عرشه.
مع هذه الصبية، يا أصدقائي، تعرّفت أولاً على سهيل أدريس، ثم تعرّفت على بلند الحيدري، وأحمد عبد المعطي حجازي، وبدر شاكر السياب، وصلاح عبد الصبور، ونزار قباني، ونازك الملائكة، وفدوى طوقان، وغيرهم. قرأت شعرهم، وأحببت نفحاتهم، واختبأت وراء أفكارهم ومشاعرهم وأخيلتهم، وبهرتني ألفاظهم، ورحت أزهو بهم.
هذه الصبية كان اسمها «الآداب».