مشروع الإصلاح الإداري… من مشروعٍ بحجم وطن إلى نقطة
ريم شيخ حمدان
مع محبّتي لكّل جهود وزارة التنمية الإدارية في سورية ولكلّ من ساهم في مناقشة قانون وزارة التنمية الإدارية الجديد، ومن وجهة نظر جداً شخصية بعيدة كلّ البعد عن النقد إلّا البنّاء منه، أرى كمواطنة سورية لديها أمل بمستقبل سورية من ناحية وكمحاسبة إدارة بخبرة 18 سنة تنقلت خلالها بين عدة وزارات وجهات في الدولة ومتخصصة بشهادة عليا في علوم الإدارة بأنه:
أن تنحصر مسؤولية تنفيذ المشروع الوطني للإصلاح الإداري الذي يعتبر مشروع بحجم وطن نظراً لأهميته التي جاءت بإطلاقه من قبل رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد شخصياً على أعلى سلطة تنفيذية بأيدي مدراء إدارة الموارد البشرية والتنمية الإدارية الذي افتقر قانون وزارة التنمية الإدارية الجديد المادة /25/ لمعايير ترشيحهم للوظيفة إلا عن تحديد الإجازة الجامعية وخمس سنوات خبرة على الأقل وعجزت المادة ولربما سقط عنها سهواً تحديد المهارات والقدرات الواجب توفّرها في المرشح لشغل هذه الوظيفة المحددة بالمادة/21/ ما هو إلا:
أولاً: تحجيمٌ لمشروعٍ بحجم وطن إلى نقطة لن نراها على أيّ سطر من سطور مستقبل سورية، ومنطلقة بوجهة نظري من خبرتي بآليات عمل الإدارة العامة وكيف تتم صناعة القرارات وعلى أيّ مستويات وكيف يتم اتخاذها وما هي الآليات السائدة التي يتم بناء عليها اختيار المرشح لأي وظيفة، والمقاربة والمقارنة. وما طلبه رئيس الجمهورية بكلمته التوجيهية يوم إطلاق المشروع الوطني للإصلاح الإداري وأقتبس منها: «الآليات التي كانت تسود خلال السنوات الماضية، خلال العقود الماضية، لم تعد مقبولة في عام 2017».
ألسنا بحاجة لفن التغيير في آليات التعيين المتبعة على الأقل بطريقة اختيار المرشحين لشغل هذه الوظيفة؟
لماذا لا يتم اعتماد آليات جديدة تفتح باب الفرصة والاستحقاق لكل موظف سوري يتمتع بالمهارات والقدرات التي كان من المفترض أن تكون واردة في القانون للترشح إلى هذه الوظيفة وإدخال دماء جديدة إلى المؤسسة؟
أليست وظيفة كهذه بحاجة إلى اختبارات نوعية وآليات اعتمادية مشتركة للتعيين فلا يكون هناك أيّ تبعية إدارية أوفنية ولا حتى مالية مباشرة لأي من الجهتين التنمية الإدارية والجهة العامة بحيث لا ضغوط شخصية تُمارس على المرشح بعد تعيينه، وفي الوقت نفسه تضمن تنفيذ مشروع الإصلاح الإداري بجدارة، حيث اليوم لا وقت ولامكان للتجريب ولا حتى للتجربة.
وأقتبس من الكلمة التوجيهية لرئيس الجمهورية: «هناك عدد من القوانين مطلوب أو من التشريعات أو من الإجراءات مطلوبة لعمل واحد، عندما نصدر جزءاً منها لا نحقق النتيجة، عندما نصدرها بتسلسل خاطئ لا نحقّق النتيجة».
ثانياً: هذا القانون ما هو إلا شرعنة لسحب بساط المسؤولية عن تنفيذ المشروع من مستوى وزير إلى مدير. حفاظاً على الكراسي بحجج تقصير جاهزة ومتوارثة ستُنسب للمسؤول عن التنفيذ والتي لا تعني بشكلٍ مباشر الوزير المعني.
ويراودني: لماذا مشروع بحجم وطن يحمل أمل التطوير الإداري في سورية لا يُساءل عن تنفيذه كل وزير وعن كل الجهات التابعة لوزارته؟
أوليس هذا المشروع هو ماقال فيه رئيس الجمهورية في كلمته التوجيهية إن «عملية التطوير الإداري هي ليست عملية تقوم بها وزارة التنمية الإدارية، هو ليس مشروع الوزارة، المشروع هو مشروع الحكومة وهو مشروع وطني»؟!
أم أنّ المشروع بدأ يفقد من هويته فقزمه قانون وزارة التنمية الجديد من دون قصد ربما وحوّل صفته من مشروع إلى برنامج في المادة /21/ فذكرت بأن أحد مهام مدير إدارة الموارد البشرية والتنمية الإدارية أن ينفذ برنامج الإصلاح الإداري في حين تم تعظيم مشروع الإصلاح الإداري من مشروع إلى مشاريع في المادة /32/ التي خوّلت وزير التنمية صلاحيات مهمة، حيث تم إحداث الصندوق الوطني لدعم مشاريع الاصلاح الاداري ويكون وزير التنمية الادارية آمر الصرف فيه!
أعتقد أن قانون وزارة التنمية الإدارية الجديد قد منح الوزارة كثيراً من المزايا وأهمها بأن الوزارة باتت المسؤول الرسمي عن متابعة تنفيذ المشروع الوطني للإصلاح الإداري في سورية بدلاً من مركز القياس والدعم الإداري، ومع ذلك أعتقد أن النجاح لهذا المشروع يحتاج لمتابعة وإشراف مباشر من قبل رئاسة الجمهورية، فهل يا ترى سنشهد تسمية جديدة لوزارة التنمية الإدارية بإشرافٍ مباشر من قبل رئيس الجمهورية؟
والأهم ماهو مصير المشروع الوطني للإصلاح الإداري في سورية؟
نعم نريد للمشروع الوطني للإصلاح الإداري أن ينجح ليس لأنه مشروع لوزارة التنمية الإدارية، وإنما لأن نجاحه يمثل الصدارة لانتصار سوري عالمي على صعيد الإدارة إلى جانب جيوشنا المنتصرة، ولكن إن لم تقم وزارة التنمية الإدارية برصد الملاحظات والتعديل عليها، أعتقد بأن مشروع الإصلاح الإداري سيتحول من مشروع بحجم وطن إلى نقطة.
كاتبة سوريّة