جرح يمشي فوق الأرض
جرح يمشي فوق الأرض
أطيلوا النظر. الخوف لا يمنع حدوث الأشياء إنما يغيّر طريقة حدوثها، علينا أن نفهم أنّ كل ما في الحياة رزق من الله، المال، والأولاد، والشكل، والعقل، وأنّه سبحانه فاوت بين الناس في الأرزاق، لا عن عجز منه أن يجعلهم سواء، ولكنها دار امتحان يريد الله أن يرى الذي أُعطي أيشكر؟ والذي حُرِم أيصبر؟ فلا الوسيم أحبّ إلى الله من الدميم، ولا الصحيح أحبّ إليه من السقيم. ولكنّه امتحان… تمّ الإعلان في معظم وسائل التواصل الاجتماعي عن فيلم قصير مدته عشر دقائق، وجاء في الإعلان أنّ الفيلم قد فاز بالجائزة الأولى عن فئة الأفلام القصيرة. ولهذا السبب سيتمّ عرضه في قاعة السينما. بالطبع أثار الإعلان فضول الناس وذهب جمع غفير لمشاهدته. بدأ الفيلم بمشهد لسقف الغرفة، ومضت ست دقائق والكاميرا لا تتحرك، الوقت يمضي ولا شيء غير سقف الغرفة! تململ الناس وشعروا أنّهم قد خُدعوا، حتّى أنّ بعضهم همّ بالانصراف، ولكن أخيراً تغيّر المشهد، الآن صورة من الأسفل لطفل مشلول نائم في سريره، وكرسيّه المتحرك يركن جانب السرير، ثمّ ظهرت كتابة تقول: لقد عرضنا لكم ثماني دقائق فقط من المشهد الذي يشاهده هذا الطفل على مدار حياته! من الجميل أن تعرفوا قيمة كلّ ثانية من حياتكم وأن تشكروا الله باستمرار.. غارقون نحن في نعم الله من حيث لا ندري، وللأسف أغلبنا لا يعرف نعم الله عليه إلّا إذا فقدها، قاصرو التفكير والإدراك نحن عندما ننظر إلى الذين أعطاهم الله بدلاً من أن ننظر إلى الذين حُرموا مما تكرّم الله به علينا! محدودو النظر نحن عندما نحسب أنّ النعم في المال والسلطة والشهرة فقط! لكن ماذا عن النعم التي لا تشتريها الأموال، ولا تأتي بها المناصب ولا يتم إدراكها بالشهرة؟ مأساتنا نحن البشر أننا نعتقد أنّ كل ما بين أيدينا هو حق من حقوقنا، لهذا يبدو ما نملكه ضئيلاً في عيوننا، ولكن لو نظرة خاطفة حولنا، ورأينا أولئك الذين حُرموا مما لم نُحرم منه لعرفنا أننا لو مددنا حبلاً إلى السماء وبقينا نشكر الله بكرة وأصيلاً لهو أقل ما يمكن أن نفعله إزاء عطاياه. أسوأ إحساس يمكن للإنسان أن يشعر به، هو الإحساس بالنقص، وهذا شيء يأتي غالباً من عدم الرضى بقدر الله وقسمته، ومن النظر إلى ما يملك الآخرون بدلاً من النظر إلى ما بين أيدينا. ولنتذكر جيداً قولاً قرأناه منذ نعومة أظفارنا كنت أتذمر من حذائي القديم حتّى شاهدت رجلاً قد بترت قدماه …
صباح برجس العلي