سَنيّة صالح… شاعرة من بلاد الشمس

رانيا مشوّح

في وقت تحتفي به النساء بأدنى حقوقها في دول البترودولار؟ تُكرّم دمشق مبدعاتها عبر التاريخ الماسيّ الذي خطّته نساء الشمس بمدادٍ من شموخ، عبقهن الباقي ما بقيت بلادهن يمتدّ فوّاحاً لأجيال امتلأت عروقها أصالة وإبداعاً وسموّاً.

ومن هنا، قامت وزارة الثقافة السورية وبرعاية وزير الثقافة محمد الأحمد بإطلاق الندوة الشهرية السادسة «سوريّات صنعن المجد» تحت عنوان «سَنيّة صالح شاعرة في الظلّ»، في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق .

وافتتح الندوة معاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض الذي صرّح إلى «البناء» عن أهمية الندوة قائلاً: الندوة تأتي ضمن سلسلة ندوات تحت عنوان «سوريّات صنعن المجد»، والشاعرة نموذج للمرأة السورية في التاريخ المعاصر، وعندما تم وضع خطة عمل في بداية العام لوزارة الثقافة، اجتمع وزير الثقافة بالمعنيين في الشأن الثقافي حيث كان يضع نصب عينيه وضع آلية لنشر الثقافة الأصيلة والتي تعبّر عن تاريخ حافل للسوريين، تاريخ يمتد إلى أكثر من عشرة آلاف عام، الثقافة بالمعنى والمفهوم المطلق والتي تشمل القصة، الشعر، المسرح، السينما، الرواية، الفنّ إلى آخره، كيفية إيصالها للمتلقي السوري لمحاربة تشويه أعدائنا لها وخاصة في هذه المرحلة، وإزالة التزييف الذي ألصق بالثقافة السورية في هذه الحرب القذرة التي تحاول أن تنال من كل شيء جميل وأصيل، ومنه التاريخ والثقافة، لذلك كردّ فعل طبيعي يجب أن نمسح الأوساخ التي يحاول الأعداء لصقها بالسوريين. والندوة اليوم ضمن هذا السياق.

وأضاف: النساء السوريات اللواتي صنعن المجد وشاركن الرجل وهم أكثر من قول المرأة نصف المجتمع، المرأة أكثر من كونها رقم فقط، شاركن الرجل بصناعة التاريخ الحافل السوري وكتابة مجد السوريين، اليوم الشاعرة سنية صالح وبالأمس كانت فتاة غسان وقبلها ألفت الأدلبي، ولا يزال في جعبة وزارة الثقافة الكثير من النساء السوريات اللواتي تريد إظهارهن وإبراز أهميتهن للسوريين .

مروة

في حين تحدث عن الندوة الدكتور إسماعيل مروة مدير الندوة، وقال: تقام هذه الندوة عن الشاعرة السورية الراحلة سَنيّة صالح، وهي من الشاعرات الرائدات ومن السوريات القليلات اللواتي كتبن الشعر الحديث. كانت من جماعة «مجلة شعر» مع يوسف الخال وأدونيس ومحمد الماغوط. تتميز سَنيّة صالح بميزات عدة لعل من أهمها ارتباط اسمها مع الشاعر الكبير محمد الماغوط زوجة ومبدعة، موضوعاتها مضمخة بالألم وهي قالت أنها لا تريد أن تمتع القارئ إنما تريد أن تثيره وتدفع فيه أشياء للتفكر والتساؤل، فهي شاعرة غير تقليدية لا في شعرها من حيث اختيارات القصيدة المنثورة ولا في موضوعاتها التي تثير الفكر لدى المتلقي لا إطرابه بالشعر، اخترناها لأسباب عديدة لريادتها في قصيدة النثر وعلاقتها بالماغوط ولأنها لم تأخذ حقها وشهرتها جاءت متأخرة لأنها كانت تعطي وقتها لأسرتها ولأنها كانت ترتبط بطفولة معذبة وأليمة بعلاقتها مع والدتها، سنية صالح تستحق أن نقف عندها لتكون موضوعااً لرسائل أكاديمية .

صقور

وفي الإطار نفسه قال الأديب بديع صقور: سَنيّة صالح شاعرة في الظل، لكنني كتبت عنها أنها زهرة في بستان الأبدية، سَنيّة صالح امرأة تبحث عن الحبّ والحياة ووطن آمن بعيد عن القتلة، في هذه العجلة من حياتها التي لم تطل خمسين عاماً، فجاء نصّي متماهياً مع ما خطته هي ومحمد الماغوط، هذه الصور وقف في محطات تحدثت عنها بكل حبّ لأنني أحسّست أنها شاعرة عميقة بقيت في الظل بسبب اسم زوجها كما أنها رحلت في سنّ هو قمة العطاء. في وطننا آخر ما يهمنا هو الأديب والشاعر ولكن في دول العالم الآخر الشاعر هو وجدان الأمة متى نصح، وكي يكون الشاعر هو وجدان الأمة عن حق ليدافع عن الحبّ والإنسان والحياة والوطن الذي هو كل شيء في حياة الإنسان فعندما يفقد الإنسان وطنه لا يبقى شيء لديه في هذه الأرض، لأجل الوطن والحبّ والإنسان كتبت عن سَنيّة صالح.

الشاهر

كما تحدث الدكتور عبد الله الشاهر الدكتور في الأدب العربي وأحد المحاضرين في الندوة عن هذا قائلاً: سأتكلم عن مميزات النص الشعري عند سَنيّة صالح وسأتناول الخصائص الشعرية التي تضمنها النص الشعري لديها من مفردة وكسر ما يسمى الوزن الشعري وجملة شعرية، وما تعرّضت له من حالة نفسية من ألم وحزن ومعاناة، والعمق الذاتي واستعادة الأزمنة القديمة والطفولة التي لديها أثر كبير إعادته في نصّها الشعري، ولذلك مجال الدراسة لسَنيّة صالح واسع وكبير، وهي كما قال عنها الشاعر الكبير محمد الماغوط لم تأخذ حقها في النقد الأدبي وقد يكون اسم محمد الماغوط قد آذاها، هي إضاءة على سَنيّة صالح تستحقها ونأمل أن تكون هذه البادرة من قبل وزارة الثقافة لتكون باباً واسعاً لدراسة هذه الشخصية الريادية في الأدب النسائي السوري. وتعتبر رائدة في شكل القصيدة ومضمونها على مستوى الأديبات السوريات.

بطاقة ذاتية

سَنيّة صالح هي كاتبة وشاعرة سورية، ولدت في مدينة مصياف في محافظة حماه عام 1935، وهي زوجة الأديب السوري محمد الماغوط، التقت به في بيت الشاعر السوري أدونيس في بيروت في الفترة التي قضاها الماغوط هناك في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، وتزوجته عندما كانت طالبة في كلّية الآداب في جامعة دمشق في سورية في الستينات. أنجبت منه ابنتين هما شام وسلافة، لها عدّة دواوين شعرية، توفيت سَنيّة صالح عام 1985 في مستشفى في ضواحي باريس بعد صراع مع المرض استمر 10 شهور.

ومن أعمالها :«الزمان الضيّق»، شعر عن المكتبة العصرية ـ بيروت 1964 .

«حبر الإعدام» شعر عن دار أجيال ـ بيروت 1970 . «قصائد» شعر عن دار العودة ـ بيروت 1980 . «ذكر الورد» عن دار رياض الريّس للكتب والنشر ـ بيروت 1988 . «الغبار» قصص عن مؤسسة فكر للأبحاث والنشر ـ بيروت 1982 .

أمّا عن الجوائز التي نالتها سَنيّة صالح: جائزة «جريدة النهار» لأحسن قصيدة حديثة عام 1961، وجائزة «مجلة حواء للقصة» عام 1964. وجائزة «مجلة الحسناء» للشعر عام 1967.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى