ورد وشوك
ورد وشوك
يا صديقي لفتني السؤال وما زال يدور في خلدي بحثاً عن الجواب: أيّ ذنب اقترفناه ليكون ربيع عمرنا متزامناً مع خريف الوطن؟ سؤال تردّد بلسان مختلف فئات الشباب بخوف من الآتي من أيام وأشهر وسنوات، لكن وبنظرة على ما مرّ من سنين، كنّا قد دخلنا فيها بطواعية إلى مدرسة الحياة الكونية بعدما قدّمنا أوراقنا الثبوتية: قيد مدنيّ فيه ننتسب للأم والأب وبطاقة تثبت الأهلية للتمتع بالحقوق والالتزام بواجبات في حدود الوطن والإنسانية. مدرسة متفرّدة في نهجها بالتعليم وموادها التدريسية عملاً بلوائح توضيحية حول الممنوع والمسموح وفق نظام الثواب والعقاب بإدارة مقتدر لا يُشق له غُبار، لا تُمنح فيها شهادات خطية على غرار المدارس التقليدية بل تدفع بطلابها لاكتساب الخبرات العملية من ممارسة أشكال الحياة اليومية. بثقافة احترام التنوّع والاختلاف بغير خلاف لمراحل تتفق والحالة الزمنية وفق أبجدية الأخلاق والمثالية أهمها الابتعاد عن الأنانية. ففضاؤها واسع رحب يتّسع لكل الشرائع المجتمعية تحت طائلة الاحترام للنفس والقوانين الوضعية. لكن وبظروف استثنائية كنا نظنّها فرصة لتجاوز عادات بالية أقلّ ما يُقال عنها إنها غير أخلاقية، انتشرت في محيط مدرستنا أمراض غير جرثومية كالخيانة والانتهازية والتطاول على القدوة والمثل بطرق استفزازية. كان وما زال تأثيرها السلبي على الفئات العمرية كافة بمختلف النواحي المادية والمعنوية أصابتنا في الصميم بفعل شظاياها الشيطانية فسرقت أماننا بحالة ضبابية حجبت نور الشمس. لكنها ما استطاعت أن تلغي توالي شروقها، والأرض من تحتنا لن تسمح بسقوطنا بأعمال مبدأ الجاذبية، فهناك في علم الفيزياء علاقة خطية بين كل من وزن وكتلة الجسم وبين التقالة ستبقي الأرض تدور حول ذاتها لتمنحنا البقاء على سطحها وبمدرستها. فالحياة تليق بنا نحن مَن بذلنا كل الإمكانيات للتحدّي وأقسمنا أن نتصدّى لكل صعب فيها.
رشا المارديني