العميد بطرس سعادة: نعتز بكلّ الشهداء الذين ارتقوا دفاعاً عن الأرض والكرامة وأضعف الإيمان أن يكون في لبنان هيئة وطنية لرعاية أسر الشهداء والجرحى
أقامت مؤسسة رعاية أسر الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة في الحزب السوري القومي الاجتماعي، حفل عشائها السنوي الذي يعود ريعه الى أسر الشهداء، وذلك في مطعم برج الحمام برمانا بحضور رئيس الحزب حنا ناشف، الرئيس الأسبق للحزب مسعد حجل، نائب رئيس الحزب وائل الحسنية، ناموس المجلس الأعلى توفيق مهنا، عضو الكتلة القومية الإجتماعية النائب سليم سعادة، العميد النائب السابق د. مروان فارس، عضو المجلس الأعلى النائب السابق غسان الأشقر، عدد من العمد وأعضاء المجلس الأعلى والمكتب السياسي ووكلاء العمد ونواميس العمدات والمنفذين العامين وأعضاء المجلس القومي، ورئيسة المؤسسة نهلا رياشي واعضاء الهيئة.
كما شارك في الحفل وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا ممثلاً بالعميد المهندس جورج المر، السفير حسن سعد، نقيبة المحامين السابقة أمل حداد، رئيس مركز بيروت الوطن د. زهير الخطيب، وشخصيات وفاعليات ورؤساء بلديات ومخاتير وعائلات شهداء وجمع من القوميين والمواطنين.
استهلّ الحفل بالنشيد اللبناني ومن ثم قدّمت ثلة من أبناء الشهداء النشيد الرسمي للحزب.
تعريف
عرّف الحفل هنيبعل كرم بكلمة جاء فيها: الحياة مواقف وأفعال، وما عداها زمن لن يتوقف ليسأل عن شيء مضى، الحياة مواقف وأفعال تمسك الزمان، تأسره في قمم بحجم السماء… ترفعه للعالمين أيقونةً وقرباناً وماء: خذوا انظروا… هنا أسروا، هنا عبروا، هنا نثروا بعض الرياحين على الجراح وانتشروا، هنا خبروا خمير الحبّ فاقتدروا، هنا صمدوا، سقطوا، ما انكسروا، باسم البطولة شاؤوا فانتصروا، هذي الأرض أجسادنا لن يعبروا، يصرخ دم الوليد، ويستيقظ في يد الأطفال الحجر.
وتابع: «التحية أولا إلى قدوة الشهداء وقدوة أبناء الحياة، إلى الزعيم، والتحية إلى شهداء الحزب والأمة، إلى شهداء نسور الزوبعة الميامين، التحية إلى واحد، عزّ واحد، نصر واحد، أرض مقاومة وأمة لا ترضى القبر مكاناً لها تحت الشمس.
كلمة المؤسسة
كلمة «مؤسسة رعاية أسر الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة» ألقتها هيام ابو حيدر غانم رحّبت بداية بالحضور ثم قالت: «نفترش معاً هذه الليلة بساط العزّ القومي، لنلتقي حول مائدة نولمها سنويّاً على شرف أسر شهداء النهضة السورية القومية الاجتماعية، ولا يسعني في هذه اللحظات إلا أن أقول أهلا وسهلا بكم فرداً فرداً، فقد اعتدنا على كرمكم في كلّ عام لنعمل معاً من أجل أسرٍ قدّمت أغلى ما تملك لنحيا حياة العزّ والكرامة».
وتابعت: «لقد عبّد لنا سعاده الدّرب لنعمل من أجل نهضة الأمة ونصرتها، وقد نشقى ونتعب ولا نملّ من القيام بما بواجبنا، وما يساوي كل جهْدنا أمام أولئك الذين كان عطاؤهم نبْراس تضحيةٍ عبّدت وما تزال طريق المجد لأمتنا، وهم طليعة انتصاراتنا».
وأضافت: «منذ ثلاثينيات القرن المنصرم وحزبنا يقدم قوافل الشهداء من ثرى فلسطين إلى قمم جبل لبنان وسهوله، وها هم اليوم يتسابقون في دروب الموت من أجل الحياة، للدفاع عن شآم العزّة التى تواجه أشرس حرب كونية».
وأكملت: «في الشام يدافعون عن الأرض ويصونون شرف الأمة، وتولّون مهمة الحفاظ على الإنجازات العظيمة إلى جانب الجيش السوري البطل وجميع القوى الشريفة، يندفعون في دروب البطولة المؤيدة بصحة العقيدة وهم على يقين بأن حزبهم وعبر مؤسساته سيصون عائلاتهم ويعمل من أجل تربية أولادهم على قيم الحق والخير والجمال».
وأكّدت أن هذه المسؤولية أعباؤها ثقيلة، من الطبابة إلى التربية والتعليم، وتأمين الحياة الكريمة، والوفاء بكل مستلزمات الاستمرار من مأكل ومبلس وسكن في معظم الأحيان، ولذا تحرص مؤسستنا على القيام بواجباتها مهما كانت الصعاب، فتقيم الموائد التي يشرّفنا في حضورها أمثالكم، وتنظم مختلف أنواع النشاطات لتجمع فلْس الأرملة، لتسدد احتياجات الأسر من دون تقصير، وهي تتجاوز كل ما يعترضها من صعوبات بوقوفكم إلى جانبها، وها هي مستمرة بعملها الدؤوب، ينتقل العاملون فيها بين كيانات الأمة، ولا يعيقهم عن القيام بواجباتهم حرب ولا حرّ ولا زمْهرير.
وقالت: «وقوفكم إلى جانبنا وحضوركم لنشاطاتنا، هو خير عون لنان وأهمّ دافع إيجابي لستمرارنا، فهذا الجمع الجميل الليلة ينسينا المشقات ويدفعنا للعمل بكل فرح من أجل أن تبقى مؤسستنا مؤسسة رعاية حقيقية».
وختمت قائلةً: «أعاهدكم كما أعاهد زعيمي وشهداء حزبنا على العمل، ومواصلة الصراع من أجل حفظ كرامة أسر الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة».
كلمة الحزب
كلمة مركز الحزب السوري القومي الاجتماعي ألقاها عميد العمل والشؤون الاجتماعية بطرس سعاده، ومما جاء فيها: «شهداؤنا هم طليعة انتصاراتنا الكبرى».. مقولة أطلقها أنطون سعاده وهو الذي استشهد من أجل عقيدة حيّة وقضية تساوي الوجود، وهذه المقولة تختصر كل الكلام عن الشهداء وتضحياتهم وعن الشهادة ومعانيها.
وقال: قد يكون من الصعب على البعض أن يفهم المعاني النبيلة للشهادة، لكن جمعكم اليوم، يعرف جيداً معاني الشهادة، وبأنها أرقى تعبير عن قيم البذل والعطاء والفداء، شرط أن يقترن هذا التعبير بقضية عادلة محقة. ولأن قضيتنا عادلة ومحقة، فإن الشهيد أنطون سعاده وكل شهداء حزبنا وشهداء الأمة الذين استشهدوا وهم يقاومون الاحتلال اليهودي والاستعمار الأجنبي وأدواته والارهاب المتعدد الجينات والجنسيات، إنما عبروا بشجاعة وإقدام عن تمسكهم بالحياة.. لأننا «أمة تحب الحياة لأنها تحب الحرية وتحب الموت متى كان الموت طريقاً للحياة».
وتابع: «شهداؤنا، هم كل الشهداء الذين ارتقوا دفاعاً عن الأرض والكرامة، عن قضية كبرى، عن الأرض والانسان المجتمع، عن القيم والمبادئ، وفي معارك الدفاع عن بيروت والجبل والجنوب، وعن جنوب الجنوب فلسطين، عن الشام من كسب الى درعا في هذا الزمن وعلى مرّ العقود.. إن هؤلاء وحدهم هم الشهداء، وبهم نعتز ونفتخر».
وأضاف: أما الذين يموتون بفعل الانقياد وراء غرائزهم الارهابية والعنصرية وما شاكلها من غرائز اجرامية ووحشية، فهم جيف، وقد عاثوا ارهاباً وقتلاً واجراما ضد الانسانية جمعاء.
ولأن الحق هو المعيار، فإن نفوس شهدائنا فرضت حقيقتها على هذا الوجود، خالدة في سجلات الخلود من جيل الى جيل، أما جيف أعدائهم فإلى الجحيم.
أردت مما سبق، أن اسلط الضوء على أمر غاية في الأهمية. وهو أنه لا يتساوى الشهيد الذي يستشهد من اجل قضية عادلة، مع قتيل توهم أنه يحمل قضية، ليبرر اجرامه وارهابه وعمالته، وهذا أمر لا نتهاون به، وسيأتي يوم نزيل كل البقع السوداء المتفحمة وكل أسماء الجيف من كتب التاريخ ومن المناهج التربوية، فتاريخ الامم الحرة يكتبه المقاومون بدمائهم، ناصعاً كما تضحياتهم.
وقال: ونحن اليوم نلتقي بدعوة من مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، لا يسعنا إلى أن نقدر جهود هذه المؤسسة التي تتحمل مشاق كبيرة في عملها، والتقدير موصول لكم أيها الحضور ولكل من يساهم في دعم هذه المؤسسة لكي يقوم حزبنا بالحد الأدنى من واجباته والتزاماته تجاه من ضحى دفاعاً عن الأرض، عنيت الشهداء.
وأضاف: «إن تكريم الشهداء يتم من خلال الاهتمام بأسرهم وعائلاتهم، وهذه مسؤولية لا يجب أن تكون محصورة بهذه الجهة أو تلك، بل يجب أن تتحملها المؤسسات الرسمية، وأضعف الايمان أن يكون في لبنان هيئة وطنية لرعاية أسر الشهداء والجرحى، لأن من استشهد في مقاومة العدو اليهودي وعلى ايدي ادوات هذا العدو، إنما استشهد في معركة تحرير الأرض اللبنانية من الاحتلال ومن الارهاب ودفاعاً عن وحدة لبنان واستقراره وسلمه الاهلي.
لكن للأسف، الذين لم يتذوقوا طعم الكرامة، لا يعرفون معنى العز، ولا يعنيهم فعل الشهداء، لا من قريب ولا من بعيد، حتى أن هناك ملفات لا تزال عالقة في القضاء بشأن مجازر ارهابية ارتكبت بحق القوميين، فالارهاب الذي عاث قتلاً واجراما وتدميرا في سورية على مدى سبع سنوات، بدأ بروفته في حلبا في مجزرة وحشية، سبقها وأعقبها اعمال ارهابية استهدفت الجيش اللبناني في اكثر من منطقة واستهدفت المدنيين الأبرياء.
وتابع:»نحن نعرف أن ضمير البعض في لبنان هو ضمير ميت، لذلك لا نتوقع أن نصل في القريب العاجل إلى مرحلة تتحمل فيها الدولة مسؤولياتها تجاه الشهداء، لكن أبسط ما نطالب به، هو الاسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية تتحمل مسؤولياتها تجاه اللبنانيين جميعاً. وحين نتحدث عن حكومة وحدة وطنية، معنى ذلك أن حزبنا، الحزب السوري القومي الاجتماعي متمثل فيها، لأنه لا معنى لأي حكومة، لا يكون حزبنا فيها حجر الزاوية ونقطة الارتكاز».
إن التعجيل في تشكيل الحكومة اكثر من ضرورة لأن هناك مصالح للبنان لا بد أن توضع في رأس سلم الأولويات. وفي الطليعة معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية والانمائية والبيئية، وكذلك طرق البوابة الدمشقية بصورة رسمية ومن دون مكابرة، من أجل البت في فتح خطوط تصدير المنتوجات والمحاصيل اللبنانية الى الخارج عبر الشام، والبحث جدياً في موضوع اعادة النازحين الى قراهم وبيوتهم. ونحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي أطلقنا خطة في هذا الخصوص وهناك خطوات مماثلة اتخذتها بعض القوى السياسية وهناك موقف رسمي صريح ومعلن أعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يشكل مرتكزاً نؤيده وندعمه، كما نتوجه بتحية الى جهاز الأمن العام اللبناني بشخص مديره اللواء عباس ابراهيم الذي سجل إضافة إلى بصمته الأمنية، بصمة في ملف عودة النازحين وفي كلّ ما يعود بالخير على لبنان واللبنانيين.
نحن نريد الخير للبنان، وشهداؤنا صنعوا عزّه، لذلك نرفع صوتنا ونطالب بضرورة أن يستقيم الأداء وتذلل العقبات وتشكل حكومة وحدة وطنية، إذ ليس جائزاً أن يبقى لبنان على قارعة الانتظار، فقط لأنّ هناك دولاً خارجية فشلت في رهاناتها في أكثر من منطقة وتريد التعويض عن هزائمها في لبنان. هذا أمر لن يحدث ولبنان الذي استعصى على اعتى قوة صهيونية عنصرية وعلى المتعددة الجنسيات دولاً ومنظمات ارهابية لن يقبل بأن تفرص عليه الإملاءات وأن يكون جائزة ترضية بديلة عن صفقة القرن.
على الجميع أن يتحمّلوا مسؤولياتهم، وتجنيب لبنان وصفات البنك الدولي الجديدة، لأننا لا نريد للدين العام وخدمته أن يصير اعجازاً للبنان.
في الختام، إنّ ما حصل قبل أيام في السويداء من مجزرة وحشية بحق الآمنين على يد تنظيم داعش الإرهابي بغطاء من رعاته الغربيين والصهاينة، مجزرة يندى لها جبين الإنسانية، فتحية الى شهداء المجزرة، وشهداء التصدّي للإرهابيين وفي طليعتهم شهيد نسور الزوبعة في الحزب الرفيق البطل ربيع عزّام.
والتحية إلى كلّ شهداء الحزب والأمة، وبمناسبة الأول من أب نتوجه بالتحية إلى شهداء الجيشين السوري واللبناني الذين قضوا في مواجهة الاحتلال والإرهاب.
وكما بدأنا نختم «شهداؤنا هم طليعة انتصاراتنا الكبرى» التحية لهم والنصر لأمتنا.
تكريم
وفي ختام الحفل كرّمت المؤسسة الأمين حسن نزها، وأضاء الدكتور هنيبعل كرم على سيرة ومزايا المكرّم، فقال: «هو من الرجال الذين ضبطوا ساعاتهم على نفير الأمة تنادي أبطالها من كلّ حدب وصوب.. ساعته متوقفة دائماً على «الساعة الصفر» حيث لا ينفع الاقتحام إلّا الخبرة والموهبة والإيمان بأنّ الوطن أكبر من أيّ شيء، والأمة أمانة كمفتاح البيت، والزاد كرامة تشبع ووقفة عزّ محيية.
ولأنّ الإسم في معادلة نكران الذات لا يعني شيئاً صار اسمه «الكابتن»، حمل على كفه دمه في مسيرة عمرٍ مشرّفة والكثير من الكرامة.
حضرة الأمين حسن على نزها، انتمى إلى صفوف النهضة في الثامنة عشرة من عمره منطلقاً من مديرية انطلياس كمدرّب للمديرية، قدوة في التضحية والإقدام، فإلى المتن والبقاع الشمالي متدرجاً في المسؤوليات التي تولاها عن جدارة كناظر تدريب ومنفذ عام ومسؤول عن القطاع العسكري في الشوير، ومعدّ للدورات التي خرج منها أبطالنا الاستشهاديون من نورما أبي حسان وخالد الأزرق وعلي غازي طالب وابتسام حرب، هؤلاء الذين لم يزلوا أمثلةً حيّةً على الإيمان بالقضية وعلى فرادة المسؤول وتفانيه المطلق.
لقد شارك الأمين حسن في إعداد وتحضير معظم العمليات البطولية ضدّ العدوّ اليهودي، وقام بعمليات نوعيّة، من عملية زمريا ومرج الزهور، حيث تصدى مع مجموعة من رفقائه لجنود العدو موقعين في صفوفهم خسائر كبيرة، كما ترأس قيادة العديد من المجموعات التي نفذت هجوماً على العدو في صور وشبعا ومناطق الجنوب بشكل عام. وخاض معظم معارك الحزب ضدّ يهود الداخل، ولم يثن عزيمته أيّ خطرٍ أو محاولة اغتيال.
مارس البطولة ولم يخف الحرب لأنّ إيمانه بسعاده وبالنهضة كان ولم يزل إلى اليوم حافزاً لديه ليقف رافعاً اليمين متابعاً المسيرة لأجل نهضة عظيمة جبارة يحملها في قلبه ووجدانه وتحمله.
الأمين حسن علي نزها يكرّم اليوم بالتفاتة طيّبة من مؤسسة رعاية أسر الشهداء. أنت، حضرة الأمين البطل، قنديل من قناديل النهضة القومية يضيء من وحي سعاده في زمن الظلمات واهتزاز القيم وتشوّش الرؤية وهشاشة الرؤى. لك تحية سورية قومية إجتماعية، العمر المديد، وكلّ المحبة والتقدير».
وكانت كلمة للمكرّم شكر فيها المؤسسة وحيا الحضور. وتخلل الحفل عرض فيلم عن عمل المؤسسة ونبذه عن تاريخها.