الكهرباء إلى الواجهة في أزمة ضبط تسعيرة المولّدات… وسجال الباخرة «عايشة ـ إسراء» صيغة حكومة 9 بـ 9 لـ 8 و14 آذار و6 للتيار و4 لرئيس الجمهورية و2 لرئيس الحكومة
كتب المحرّر السياسيّ:
التهديد بالعبث الأمني والذهاب للقتل والاغتيالات، يتحوّل سياسة أحادية لواشنطن مع فشل لغة الحرب من جهة والعجز عن فوز الحلفاء بالانتخابات من جهة أخرى، في سورية، حيث تحرُّك داعش الإجرامي نحو محافظة السويداء بين المجزرة وخطف الرهائن المدنيين تمّ تحت العيون الأميركية المفتوحة جداً في قاعدة التنف، حمل مع إعدام إحدى الرهائن، رسالة مضمونها أنّ النصر السوري سيكون عرضة للاستهداف الأمني الذي أكدته عملية اغتيال أحد العلماء السوريين في البحوث العلمية، على طريق بلدة مصياف بريف حماة، وأنّ التخريب بالاغتيالات وافتعال المشاكل وزرع العراقيل والانتقام من المدنيين عناوين التعامل الأميركي مع نصر سورية بعد فشل محاولات تفريغه من محتواه بمشروع مقايضة فاشل يريد للنصر أن يكون روسياً سورياً وهزيمة لإيران والمقاومة. وبالتوازي جاءت محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لتقول الشيء ذاته، إنّ واشنطن عبر وكلائها الإقليميين وعملائها المحليين لا تجرؤ على شنّ الحروب، وتتيقن من الفشل الانتخابي، وإنّ السلاح الأميركي لإقامة التوازن هو التخريب الأمني وعمليات الاغتيال المدبّرة، والمصنفة أعمالاً إرهابية بامتياز.
لبنانياً، تصدّرت الكهرباء اهتمامات اللبنانيين مع موجة الحر القاسية التي يعرفها لبنان ودول جوار المتوسط، والأبرز كان فشل محاولات ضبط تسعيرة المولّدات من جهة، واستفادة مافيا المولدات من وجود حكومة تصريف أعمال وتعثر تشكيل الحكومة الجديدة لرفض السير بتركيب العدادات التي قرّر وزير الاقتصاد إلزامية العمل بها من أول شهر تشرين الأول المقبل، بينما شكل الوجه الثاني للحضور الكهربائي السجال الذي سجلته الساعات الماضية على خلفية انتقال الباخرة عايشة من تغذية مفترضة للجنوب إلى تغذية بديلة لجبل لبنان، بعدما غيّر وزير الكهرباء اسمها من عايشة إلى إسراء، وفيما اعتبر النائب الياس أبوصعب أنّ وزير الكهرباء أخطأ في تغيير اسم الباخرة، قال إنّ التيار الوطني الحر يريد الحفاظ على مناخات ما بعد لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل، ولذلك سيحصر الجدال حول الكهرباء بمضامينه التقنية دون الانجرار لتحويله مواجهة بين التيار وحركة أمل.
في الشأن الحكومي قالت مصادر في تيار المستقبل إنّ الحصة الإجمالية لرئيس الحكومة ستبقى أكثر من الثلث ولو تنازل الحزب التقدمي الاشتراكي عن وزير وتنازلت القوات اللبنانية عن وزير، مؤكّدة رفض أن يجمع التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية أكثر من الثلث. وقد وصفت مصادر متابعة كلام مصادر المستقبل بخريطة طريق قد تسهّل التوافق على الأحجام في الحكومة، لأنّ امتلاك رئيس الحكومة وحلفائه لأحد عشر وزيراً كما هو معنى تراجع حصة الاشتراكي والقوات بوزير لكلّ منهما، ليس مشكلة طالما أنّ استعماله كثلث معطل يستدعي أن يكون رئيس الحكومة جزءاً منه، ولرئيس الحكومة بمفرده قدرة تعطيل تعادل هذا الثلث. فالقضية هي أن لا يمتلك حلف المستقبل والقوات والاشتراكي الثلث المعطل دون الحاجة لظهور رئيس الحكومة كطرف، ما يتيح تعطيل النصاب وتعطيل تشكيل ثلثي الحكومة في التصويت على القضايا المهمة، تفادياً لإحراج رئيس الحكومة، أما عندما يريد رئيس الحكومة، الظهور مباشرة فهو لا يحتاج لثلث معطل. وتابعت المصادر أنّ حجم القوات والاشتراكي والمستقبل هو تسعة وزراء مقابل تسعة لقوى الثامن من آذار وفقاً لمعادلة خمسة نواب ينتجون وزيراً، 44 نائباً لـ 14 آذار و45 نائباً لـ 8 آذار . وقالت المصادر وبالمعادلة ذاتها يكون للتيار الوطني الحر ستة وزراء مقابل تسعة وعشرين نائباً، ومجموع هؤلاء أربعة وعشرين وزيراً، ويبقى ستة وزراء يمكن تقاسمهم أربعة لرئيس الجمهورية واثنان لرئيس الحكومة، فلا يبلغ التيار ورئيس الجمهورية معاً الثلث المعطل، ويبلغ رئيس الحكومة وحلفاؤه الثلث المعطل شرط اعتبار رئيس الحكومة جزءاً من هذا التعطيل، وهو بغنى عنه عندها. وكما يمكن لرئيس الحكومة تعزيز فريقه بالوزيرين، شرط إقناع حليفيه القواتي والاشتراكي بأحجامهم الجديدة، يمكنه منح الوزيرين للحليفين من حصته والتضحية من حصة المستقبل، وارتضاء حجم موازٍ لحجم القوات. وقالت المصادر إنّ هذه الصيغة طرحت في التداول ولم يتمّ رصد ردود الفعل عليها بعد.
«المستقبل»: الحريري لن يمنح عون «ثُلث» إقالته
يبدو أن المشهد الحكومي يتّجه الى مزيدٍ من التعقيد مع مرور أكثر من عشرة أسابيع على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، مع استمرار لعبة «عض الأصابع» بين رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر من جهة والرئيس المكلف والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية، إذ سجلت عطلة نهاية الأسبوع ارتفاعاً اضافياً في سقف المواقف ومزيداً من التشبث بالحصص الوزارية الى جانب اشتداد الصراع الذي لم يعُد خافياً على التوازن داخل الحكومة، إذ إن العهد وتكتله النيابي لن يتنازلوا عن التوازن داخل الحكومة، كما أوحى كلام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل.
ويُترجم هذا التوازن من خلال إمساك رئيس الجمهورية و«التيار» بالثلث الضامن ما يحقق المشاركة الفعلية في الحكم في ظل الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية على مستوى السلطة التنفيذية. الأمر الذي يرفضه الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، إذ لن يسمح رئيس الحكومة بأن يكون مرهوناً ومحكوماً للرئيس ميشال عون والوزير باسيل طيلة عمر الحكومة، كما لم يمنح الحريري عون ثُلث إقالته من الحكومة متى يشاء، بحسب ما قالت مصادر قيادية في المستقبل لـ»البناء»، والتي أشارت الى أن «عون أصرّ على الحريري في جميع اللقاءات معه على أنه يريد 11 وزيراً مع تكتل لبنان القوي»، وتضيف المصادر: «ما هي الضمانة بألا يُقدِم رئيس الجمهورية على الطلب من هذا الثلث الاستقالة، وبالتالي إسقاط الحكومة وتحويل رئيسها رئيس تصريف أعمال؟».
وعما إذا كانت التسوية الرئاسية بين عون والحريري ما زالت هي الضمانة للشراكة والثقة بينهما في المرحلة المقبلة، ترى المصادر بأن «العلاقة تعاني من أزمة ثقة. والتسوية اهتزت، وربما لم تعد تصلح لهذه المرحلة لكن أحداً لا يتجرأ على إعلان ذلك». وتتساءل المصادر: «إذا كان التيار الحر قد نقض تفاهم معراب مع القوات الذي كان أساس التسوية الرئاسية، فما الذي يمنع من أن ينكث بالتفاهم مع الحريري؟». وأكدت المصادر بأن «ثلاثي المستقبل الاشتراكي القوات، سينال الثلث في الحكومة حتى وإن تنازلت القوات عن وزير والاشتراكي عن وزير آخر».
وفي سياق ذلك، عادت حرب الصلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة الى الضوء مع استنفار متعمّد للقيادات السياسية والروحية السنية لرفض مصادرة صلاحيات رئيس الحكومة والضغط عليه ومواجهة أي نية لدى رئاسة الجمهورية باتجاه خيار حكومة أكثرية. وتشير مصادر «المستقبل» الى أنه «كما باسيل لن يتنازل عن حقوقه، نحن أيضاً لن نتنازل عن حقوق رئاسة الحكومة»، لافتة الى أن «الرئيس المكلّف قدّم أكثر من صيغة أولية لعون، لكن الأخير أحاله الى رئيس التيار وتارة يرمي كرة التأليف في ملعب الحريري»، وأضافت: «عندما يتنازل العهد وتكتله النيابي عن وزير ويخفض حصته الى 10 وزراء ويقتنع بأن يعطي النائب السابق وليد جنبلاط 3 وزراء دروز، عندها يعمل الرئيس المكلف على إرضاء القوات وإقناعها بالتنازل عن الحقيبة السيادية».
في المقابل أكد باسيل في كلمة له أمس، أننا «إذا لم نحصل على حكومة متوازنة، فلا يمكننا أن نعدكم بمستقبل متوازن، وعلى الشباب أن يفهموا لماذا نتوقف عند كل محطة، ونعاند حتى لا يأتي أحد ويسلب منكم تمثيلكم وحقوقكم، ونكون وإياكم صناع اقتصاد المعرفة الآتي، وأن يكون لنا خطط اقتصادية لتنفيذها لتأمين المستقبل الواعد».
وبانتظار عودة الرئيس الحريري الى بيروت المتوقع خلال أيام لاستئناف المشاورات، لم تشهد الفرصة الاسبوعية أي تقدّم في مسار التأليف والعقد على حالها بحسب ما علمت «البناء»، وإذ تردّدت معلومات عن لقاء عُقد عصر أمس، بين وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري والنائب وائل ابو فاعور والوزير ملحم الرياشي . نفى خوري في حديث تلفزيوني حصول هذا الاجتماع.
وكانت حدة السجالات والاتهامات بين التيار الحر والقوات، ارتفعت يوم أمس. وفي وقت أشاعت مصادر «القوات» بأن عون والتيار وافقا على منح القوات حقيبة سيادية وتحديداً الخارجية، نفت مصادر التيار لـ»البناء» ذلك، مشيرة الى أننا لن نعطي القوات من حصتنا». كما اتهمت المصادر «القوات» بـ»إضعاف موقع رئاسة الجمهورية وصلاحياتها من خلال التصويب على حصة الرئيس الذي كرستها الحكومات السابقة منذ اتفاق الطائف».
في المقابل تصرّ «القوات» على الحصول على حقيبة سيادية كما ترفض الفصل بين حصة رئيس الجمهورية وحصة «التيار الوطني الحر».
وأكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب الياس بو صعب ، في حديث تلفزيوني، أن ملف تشكيل الحكومة عند رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الذي عليه أن يؤلف الحكومة ومن ثم يعرض الصيغة على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مشيراً إلى أنه «لدينا مطالبنا والكتل الأخرى لديه مطالبها، وفي حال كان أي فريق يريد أن يطالب بأكثر مما يريد نحن فلا نمانع، لكن لن نعطي من حصتنا».
والى جانب العقدتين القواتية والاشتراكية، يبدو أن عقدة ثالثة بدأت تلوح في أفق التأليف، تحدث عنها الوزير السابق يوسف سعاده، الذي أكد بأن «التكتل الوطني متمسك بوزيرين: واحد مسيحي لتيار المردة مع حقيبة الأشغال والثاني سني، وإن لم تُلبَّ مطالبنا فلن تكون هناك حكومة».
حزب الله: السعودية تعرقل التأليف وتحاصر العهد
ورغم العقد الداخلية الظاهرة، غير أن عملية ربط ولادة الحكومة بالظروف الإقليمية والدولية باتت واضحة، ويظهر ذلك سلوك الرئيس المكلف والتلكؤ في التأليف، حيث لم يبادر الى تقديم مسودة حكومية جدية لرئيس الجمهورية، ما يؤكد انتظاره كلمة السر من الخارج والموجودة في الرياض وواشطن، بحسب مصادر سياسية، حيث تريد السعودية استخدام ورقة تأليف الحكومة في بازار التفاوض الاقليمي مع إيران وسورية.
وفي إطار ذلك، رأى عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، أن «النظام السعودي الذي دفع الأموال وتدخل في الانتخابات النيابية وفشل، يريد اليوم أن ينقلب على نتائج هذه الانتخابات بفرض شروطه على تشكيل الحكومة اللبنانية، فهو تدخل ليشكل تحالفاً داخل الحكومة المرتقبة بالمال والتهديد، وفرض على البعض قيوداً فأصبح مغلوباً على أمره، وهناك مَن أطلقت السعودية يده فرفع سقف المطالب، وبالتالي توقف مسار تشكيل الحكومة». وأضاف في كلمة له في احتفال تأبيني في الجنوب: «هل المطلوب من السعودية أن تغيّر من المعادلات السياسية التي نتجت عن الانتخابات النيابية، وهل أنها بتدخلها اليوم تريد أن تحاصر العهد وتستنزفه وتبتزه في مواقفه؟»، وأكد قاووق بأنهم «لن يستطيعوا أن يغيروا من المعادلات السياسية الداخلية مهما حاولوا وعرقلوا، فهم يريدون من خلال تحالف داخل الأقلية النيابية أن يقلبوا المعادلات والتوازنات السياسية. وهذا دليل على مغامرة غير محسوبة طالما أمعنت السعودية بالمغامرات غير المحسوبة».
من جهته، حمّل رئيس تيار «الكرامة» النائب فيصل عمر كرامي الحريري مسؤولية التأخير في تأليف الحكومة وعجزه عن ضبط شروط ومطالب بعض القوى السياسية»، وقال: «التأخير مفتعل لأن هناك مَن يراهن على متغيرات في المنطقة لإعادة تركيب موازين القوى في الداخل، علماً أن هذه التجربة القائمة على تعطيل البلد مرت علينا سابقاً وكانت نتائجها وخيمة». أضاف: «إن البعض لديه تعليمات بالترقب والانتظار والتعطيل ريثما تنجلي الأمور خارجاً، ويمكن للحريري مصارحة الناس والإفصاح عن الأسباب الكامنة وراء التأخير، وفي حال تعذّر عليه ذلك، لا يجوز ترك البلد بلا إنتاج ويكون أمامه السير بحكومة أكثرية».