المقداد: أثبتت الحرب في سورية قيمة الاستثمار في التحالف مع إيران والمقاومة قنديل: سورية منطقة الفوالق الاستراتيجية وصانعة معادلات الانتصار حرباً وحضارة وثقافة

دمشق – رانيا مشوِّح

في دهاليز الحروب تُحاك انتصارات وهزائم تارة، واتفاقات ومؤامرات تارة أخرى. وفي أعماق هذه الدهاليز تسبر أفكار الباحثين والمفكرين لتنتج للشعوب مقاربات للأحداث وتسطّر دروساً وعبراً تشكل مكتنزات الفكر والقوى للنهوض مجدداً برسم الأجيال.

و»الصديق ساعة الضيق». ما كان لهذا المثل المأثور مصداق كالحرب الكونية على سورية. ففي ضائقة الحرب اترفع أصدقائها شهباً وكواكب وشهداء وقادة، وانفضح المزيفون والمنافقون والأعداء بلبوس أصدقاء حتى شقت سورية طريق نصراً قدراً.

و»حزب الله» في طليعة أصدقاء سورية، كما كانت وستظل سورية ظهيره الأمين، فتمتّنت وحدة الروح بوحدة الدم بوحدة القضية والجهاد، في ثالوث دمشق بيروت القدس.

في معمودية «حزب الله» فلسفة قوامها الإيمان الدم السيف، رسمت ملامح ثورية لعصر القوة المقاومة، فكانت له فلسفة خاصة لا يستشفها إلا من كان مؤمناً بمُسلّمات القضية الحرة، متفرغاً في ميادين يومياتها ومهامها. يتنفّسها كلمة وفعلاً وسعياً وسياسة.

من هنا كانت للنائب السابق ورئيس تحرير جريدة البناء وشبكة توب نيوز المفكر الأستاذ ناصر قنديل وقفة خاصة مع فصول هذه الفلسفة وحلقاتها المترابطة المتلاحقة المتشابكة الممكنة في استحالتها، حيث أبدع من خلالها كتاباً قيّماً تحت عنوان «حزب الله – فلسفة القوة»، احتفت سورية والكاتب قنديل بتوقيع كتابه خلال فعاليات معرض الكتاب في دورته الثلاثين في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.

تلت توقيع الكتاب ندوة خاصة لمناقشته حضرها الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري وحشد كبير من المثقفين والأصدقاء.

قنديل

تحدّث قنديل عن أهمية كتابه بالتزامن مع انتصارات الجيش العربي السوري، فافتتح مداخلته بقوله: لم يكن مجرد مصادفة موضوع صدور الكتاب. الكتاب نتاج بحث ومتابعة واشتغال منذ ثلاث سنوات وكان يتقادم ويتسارع في الإنجاز على إيقاع الانتصارات، ولذلك كان التوقيت مدروساً في الحقيقة، لأننا نريد لهذا النصر العظيم الذي صنعته دماء غالية وتضحيات جسام أن يتكرّس بمعانٍ وحقائق ومضامين تزرع في العقول وتتحوّل لنقاط ارتكاز في عقول جديدة من أجل انتصارات جديدة.

هذا معنى توقيت صدور الكتاب، إنه هدية لأرواح الشهداء أولاً وأخيراً هؤلاء العظام الذين مكّنوننا من الوقوف هنا وأن نحتفل معاً في معرض الكتاب هذا ونقول معاً وبكل صدق أن الثقافة هي التي انتصرت في سورية. لقد انتصرت الثقافة على الجهل والعلم على التخلف، وانتصر التقدم على التراجع وانتصرت إرادة الشعب على المستعمرين وانتصر التنوير على الظلامية.

لنضع نظريتنا السياسية

وعن ولادة فكرة الكتاب قال قنديل: يعود الفضل في هذا الكتاب لسماحة السيد حسن نصر الله قائد المقاومة وسيدها الذي في حوارات متعاقبة جمعتْني به، كيف يمكن أن نستخلص من فكرة المقاومة ما يصلُح لأن يكون ثقافتنا الجديدة في علم السياسة، في المدارس والجامعات نتعلّم في غالب الأحيان علوماً وضعها الغرب الذي يشكّل المرجع الثقافي العلمي الأبرز في عالمنا المعاصر. وجاءت تجارب هذه المواجهة التي دارت بيننا وبين الغرب لتقول حقيقة مدهشة. هذه الحقيقة أن صاحب هذه العلوم إذا كانت تبنى عليها السياسة هُزم أمام مَن يفترض أنهم ليسوا صنّاع هذه العلوم، لماذا لا يصنع هؤلاء علومهم مثلما صنعوا وصفة النصر. بالتضحيات والدماء وفي مكافحة الذات وقيم الأخلاق السامية وفي قراءة مصادر القوة فليدوّنوها إذاً.

وتابع عارضاً لبذور نمو فلسفة قوة: كيف يمكن أن نقرأ من هذه التجربة علم سياسة جديداً، العقيدة الدينية، العقيدة القومية او أي عقيدة أخرى هي مصدر ملهم للتضحية، لكنها ليست فلسفة للقوة، كذلك الإمكانات المادية. فلسفة القوة هي التي توظّف العقيدة كمنبع روحي والإمكانات المادية كأدوات عمل وتجعل منها وصفة للنصر.

الانخراط الكلي في الميدان

وعن فلسفة الحزب في حربه مع سورية ضد الإرهاب حدّثنا قنديل: واحدة من النقاط الجوهرية التي كان على حزب الله أن يُخضعها للاختبار ولفترة غير قصيرة قبل اتخاذ القرار بأن يكون بكلّه وبكليته للوصول إلى مقولة سماحة السيد ولو اقتضى الأمر أن أكون أنا سأكون

الوصول إلى هذا المستوى في القرار لم يكن سهلاً، لأن حزب الله بنى كل قوته ورصيده وامتداده الشعبي وقيمه الأخلاقية ومهابته على أنه لا يطلق الرصاص إلا في وجهة واحدة هي وجهة «إسرائيل». فعندما تمكّن حزب الله من أن يمتلك الإجابة الفكرية الأخلاقية التي تقول إن الحرب التي تقودها القوى التكفيرية على سورية هي حرب «إسرائيل» بالوكالة، حسم أمره وجاء إلى هذه الحرب، أدرك أنها حرب فلسطين بلا تردّد وبلا التباس، ولذلك تستحق الدماء التي نذرت أصلاً كي لا تبذل إلا على طريق فلسطين. وبالتالي توفر في هذا الكتاب الفحص الفكري الذي أجراه حزب الله لمعادلات الحرب في سورية ومحاوراته مع قادة وأطراف وأحزاب في المعارضة قبل أن يحسم أمره. وأضاف: سماحة السيد اجتمع بكثير من قيادات المعارضة السورية في العام 2011 وأوفد بعض موفديه إلى اسطنبول للاجتماع بقيادات أخرى وكان يدخل في مناقشات معهم قد بنى أساسها في حوار سريع بينه وبين سيادة الرئيس بشار الأسد عندما كان يسأل إلى أي مدى أستطيع أن أذهب وأثق بإمكانية للتفاهم على حلول وتسويات معينة لقضية السلطة؟ وكان جواب الرئيس الأسد لن أعطيك تفصيلاً، سأقول لك كل ما ترضاه أنت كمقاوم ومدافع عن ثوابت هذه الأمة أنا أرضاه وسأوقّع عليه . فذهب سماحة السيد وبدأت الحوارات وذهب قادة حزب الله وأخذ سماحة السيد في واحدة من هذه الحوارات ورقة بيضاء. وقال: اكتبوا مطلباً تريدون أن يوقّع عليه الرئيس بشار الأسد وأنا سأذهب إليه به فكتبوا فليرحل فقال إذاً معركتكم من الآن وصاعداً هي معي وليست معه. وكان القرار الذي اتخذته المقاومة أن القضية ليست قضية إصلاح أو معركة من أجل إسقاط وتعديل المادة الثامنة والعفو عن بعض المعتقلين وتغيير قواعد العمل السياسي. إن المسألة إسقاط سورية برمزية ما يمثله الرئيس الأسد في ثوابتها ووحدتها وسيادتها وعقيدة جيشها. في هذه اللحظة يقول السيد حسن نصر الله ذمتي باتت بريئة أمام الله وأمام دماء الشهداء، سنقاتل حتى مهما كلفت هذه الحرب .

مدخلٌ لاستخلاص الحقائق وفحصها: سورية صانعة المعادلات التاريخية

بهذا المعنى أقول، الكتاب هو فرصة لنتعرّف على كيف نجعل هذه المسيرة مدخل لاستخلاص حقائق نكرسها ونثبتها في عقولنا، لأن الحرب ينتهي شكل فيها وتبدأ أشكال أخرى، قدرنا أننا في المنطقة التي يصنع فيها العالم، عندما أراد الله أن يرسل الديانات إلى الأرض، الإسلام ولد في الجزيرة لكنه لم يتعولم إلا عندما مرّ بسورية والمسيحية ولدت في فلسطين لكنها لم تتعولم إلا عندما مرّت بسورية. والحرف قد يكون ولد هنا وهناك لكنه لم يتعولم إلا عندما مرّ بسورية، إن قدر هذه البلاد وإرادة الخالق لها أن تكون هي صانعة المعادلات الجديدة للبشرية في الحضارة والحرب والشعر والثقافة ونأمل أن تكون أيضاً في الفكر والفلسفة.

مهمة كشف سر وتميّز تجربة المقاومة

وعن كتابه قال: في كتابي هذا جعلت مهمتي السعي لاكتشاف سر تميّز وفرادة تجربة المقاومة التي قادها حزب الله وانتقل بها من نصر إلى نصر، رغم كل التحديات والحروب وحجم التفاوت في موازين القوى بينه وبين معسكر الأعداء. فكان يفاجئنا كلما شنت عليه حرب قيل إنها حرب فاصلة لسحقه أنه يخرج منها أقوى مما كان قبلها. بحثت في الكتاب كيف نجحت هذه المقاومة وكيف نجح حزبها القيادي في رسم معالم علم سياسة جديد. هذا ما أزعمه في الكتاب أننا عندما ندقق في التجربة ونحللها أننا في إطار علم جديد في السياسة، ليست مسألة بطولة فحسب أو مسألة عقيدة دينية ملهمة على أهميتها فحسب، ليست في حجم الدعم الإيراني المهم جداً وحسب، إنما الأهمية هي في مَن استطاع أن يوظف هذه المصادر الثلاثة ويجعل منها وصفة للنصر بفلسفة هي فلسفة القوة.

براعة حزب الله في عدم إضاعة استراتيجيته في خصومات تكتيكية

وأشار قنديل إلى استراتيجية حزب الله في التخطيط السياسي والعسكري: أزعم من خلال تجربة دراسة حزب الله، أن حزب الله لم يضيّع وقته في رسم الخطوة الثانية، كان يكفيه يقين الهدف النهائي ووضوح الخطوة الأولى. أنك أنت بعد الخطوة الأولى لا تبقى أنت، وعدوك بعد الخطوة الأولى لا يبقى هو، وأن البيئة المحيطة بكما بعد الخطوة الأولى لا تبقى هي. يجب أن يكون اليقين واضحاً بالهدف النهائي. والهدف واضح وهو الاشتباك المفتوح حتى إزالة «إسرائيل»، والخطوة الأولى هي إطلاق النار في هذا الاتجاه يجب أن تدرس كثيراً قبل البدء بالخطوة الأولى وأن تضمن وتثق بأنك أعددت لها عناصر النجاح كافة، لكن لا تضيع الوقت في تخيّل كيف ستكون الخطوة الثانية قبل إتمام الخطوة الأولى. هذا ليس في القتال فقط حتى في السياسة حزب الله لم يزعم في يوم أنه يملك خريطة طريق واضحة سيسلكها بقاعدة «من.. إلى..» في مراحل متدرّجة وصولاً إلى الأهداف التي يقاتل ويناضل من أجلها. ولا حتى هو أدعى أنه يملك وصفات جاهزة ولا أجوبة على كل الأسئلة كما كانت تحاول كل الأحزاب التي عاصرناها وعايشنا تجاربها. وبالتالي حزب الله درس كثيراً ليتعلّم التجريبية، مؤمناً بأن يقين الهدف النهائي ووضوح الخطوة الأولى يكفيان. هذه فلسفة إدارة العمل السياسي وفلسفة إدارة الخصومة والتحالف. وقف حزب الله بعد دراسة موسعة لكل المراحل السياسية للخصوم والحلفاء وقال السياسة ليست إدارة حلف تكتيكي مع حليف استراتيجي وليست السياسة إدارة خلاف تكتيكي مع خصم استراتيجي. إن السياسة هي فن إدارة خلاف تكتيكي مع حليف استراتيجي وفن إدارة حلف تكتيكي مع خصم استراتيجي، والبراعة في النجاح هنا هي التي تعطي علامة النجاح والفشل لكل حزب سياسي، الحزب الذي يضيع في حلف تكتيكي مع عدو استراتيجي ويخسر استراتيجيته سقط في السياسة والحزب الذي لا يستطيع أن يدير خصومة تكتيكية مع حليف استراتيجي سقط في السياسة. حزب الله لم يسقط في واحدة من هاتين ولم تكن لديه قوالب جاهزة. وعندما جاءته العروض المتلاحقة من حلفاء ومحبين ومناصرين ومؤيدين كان هناك إصرار قطعي أنه لن يضع فكرة المقاومة في علبة، نحن مع كل القوى الفلسطينية المقاومة ومسافتنا في الاقتراب والابتعاد هي مسافتكم في اقترابكم وابتعادكم عن المقاومة، أنتم مؤمنون بفكر حزب الله، اذهبوا وخوضوا تجربتكم وأسسوا لها، وفي العراق كتائب حزب الله في العراق وهي التي تشكل حليفاً استراتيجياً قيل لهم لستم وحدكم مثلكم عصائب أهل الحق وحركة النجباء ومثلكم كثيرون آخرون يلاقوننا في الفكرة الأساسية الأصلية وهي: كيف نسقط الهيمنة الأميركية وكيف نواجه المشروع الصهيوني؟

و أضاف: وهنا أقول إن حزب الله الذي يبدو متمسّكاً في ممارسة السلطة، يقترب ويبتعد عنها بالقياس، بمقدار لم يجعلها ولا يجعلها ولن يجعلها قضيته، خلافاً لكل ما نصت عليه قواعد العلم السياسي، بأن أي حزب مهمته وقضيته أن يتسلم السلطة ليضع برامجه قيد التطبيق، جاء حزب الله وقال إن قضيتي أكبر وأسمى وإن هذه القضية عنوانها فلسطين أدرك من خلالها حزب الله حقيقة منطقية وعميقة في منطقتنا أنه لا مكان لبناء دولة ديمقراطية ولا مكان لبناء مشروع تنمية اقتصادية ولا سيطرة على موارد وثروات ما دامت «إسرائيل» صاحبة اليد العليا في هذه المنطقة. إن هزيمة المشروع الصهيوني تشكل ألف.. باء، كل مشروع ديمقراطي أو تحرري أو تقدمي في أي بلد من البلدان العربية، ولذلك لم يضيّع حزب الله لا وقته ولا دماء بنيه في القتال على أهداف وهمية، كأن نقاتل في بناء دولة ديمقراطية في لبنان ونحن نعلم أنها تسقط مع أول صفعة كف إسرائيلية، أننا سنمارس سيادتنا على النفط والغاز و»إسرائيل» متربصة كيف تستولي على ثروات النفط والغاز وبالتالي ذهب إلى الهدف الحقيقي والمباشر والرئيسي الذي في خوض الاشتباك حوله ستكفل المعركة باستنهاض قوى كامنة وفي خلق مسارات وإنتاج تحالفات لم تكن يوماً في الحسبان. وفي حواري مع سماحة السيد سألت هل كان في توقعكم أن تكونوا أنتم وروسيا في خندق ذاتي كحليفين مباشرين، قال «لا ولكن عندما تطلق الطلقة الأولى في الاتجاه الصحيح فإن الوقائع ستتكفل بعولمتك لأنك تقاتل عنواناً معولماً هو الأول في العالم. وهو «إسرائيل» وإن عولمة المقاومة ستتكفل بها «إسرائيل» وستقيم فرزاً بين خندقين، قد لا يتوقع الذين ينضوون هنا أو هناك بأنهم سيكونون هنا أو هناك، كثيرون سيكونون هناك ولم يكن في حسابهم هذا .

صراع بين استراتيجيتين: الشرق الأوسط المعادي وإقليم البحار الخمسة

وعن التغييرات والبديهيات والمسلمات التي أدخلتها الحرب على سورية على طريقة حزب الله في التفكير، قال قنديل: مفهوم تحديد الكيانات الإقليمية والدول العظمى ومدى تأثير عظمتها قد تغيّرا في الحرب السورية، فالإقليم كان في حال إشكال بين موروث اسمه الشرق الأوسط وهو المساحة الممتدة بين الجبال الشاهقة العلو وبين الصحاري الشاسعة وبين مصطلح آخر جديد، قيد الولادة، اسمه منطقة البحار الخمسة يُكتب للعقل المثقف والاستراتيجي الرئيس بشار الأسد سر اكتشافه وما بينهما سؤال أجابت عنه الحرب وحسمت الصراع هو: هل روسيا في منطقتنا هي مجرد دولة عظمى لكيان غريب عن هذا الإقليم أم هي جزء من هذا الإقليم؟! وبالتالي هي جزء من معادلاته التي تجعل الحروب في هذا الإقليم قضية أمن قومي روسي، روسيا دولة إقليمية والإقليم الذي تخاض فيه الحرب هو إقليم البحار الخمسة الواقع بين بحر قزوين والبحر الأسود والبحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي. وبالتالي هذا تغيير في علم السياسة وفي مفهوم الجغرافية السياسية حسمته الحرب السورية. وفي مثال آخر كيف حسمت الحرب مسألة الجيش العقائدي كركيزة لبناء الدولة الحديثة وفي الكتاب أشرت إلى أن بناء الدولة الحديثة لم يعُد للأحزاب بل للجيوش العقائدية، وسنقف على أهمية الدور الشعبي والسياسي الذي أداه حزب البعث، إلا أن نخبة النخبة الثقافية الفكرية، كانت في الجيش العربي السوري، هل حصلت وصفة الإسلام هو الحل والدعوة لحكم الشريعة على فرص كافية لإظهار الأهلية من عدمها بعد وعود بالمن والسلوى وطول انتظار؟! «لعبة الأمم» التي كتب عنها المسؤول في المخابرات الأميركية مايلز كوبلند كتابه الشهير تحت عنوان لعبة الأمم فكل ما يجري الآن ومكتوب وموجود في الأدراج الأميركية منذ زمن ونهاية اللعبة معلومة. وفي الحرب على سورية استعمل هذا، أن عناد سورية وصمودها وثباتها هو إضاعة للوقت وأن سورية ستسقط وما كتب قد كتب لأنها لعبة الأمم، ماذا قالت سورية عن لعبة الأمم؟، كيف لدولة صغيرة أن تُعيد تشكيل العالم الكبير وتوازنات القوى الكبرى؟!، هذا ما قالته سورية، الجغرافيا، كيف تتحوّل الجغرافيا وهي كائن غير ملموس إلى قوى مقاتلة وكيف يصير التاريخ موجوداً في ميادين الحرب ؟!!. كيف ممكن لذلك أن يكون؟!، إنها الحروب التي إن لم نذهب إليها فستأتي إلينا، وقد بدا بوضوح أننا في منطقة الفوالق الاستراتيجية، كما يقول الرئيس بشار الأسد وأن قدرنا هو إعادة صناعة العالم، الجواب هو، مهما أخذت على عاتقي محاولة البحث عنه إسهاماً في الاستعداد لحربنا الكبرى القادمة، حرب العروبة الجديدة المتجدّدة التي يقودها صدقنا الواعد الرئيس بشار الأسد هي حرب المقاومة المنتصرة التي تبقى فلسطين بوصلتها يقودها وعدنا الصادق السيد حسن نصر الله، سيكون في بطولات المقاومين وفي أداء الجنود البواسل الجواب الشافي على أسئلتنا الكبرى.

المقداد

وبدوره تحدّث الدكتور فيصل المقداد قائلاً: هذا الكتاب استثنائي يتناول أكثر قضايا السياسة حساسية في عالم اليوم. وإن الحقائق التاريخية في هذا الكتاب، تفرض ذاتها علينا بالمقارنة مع الوضع الراهن والأوضاع التي تمر بها منطقتنا ومع الحرب التي خاضها حلف دولي إقليمي كبير ضد سورية والسؤال الطبيعي الذي يتبادر إلى ذهن القارئ السوري، هل كان الاستثمار الذي وضعته سورية في لبنان من دماء جنودها لحماية مشروع المقاومة ورعايته وصولاً للانتصارات التي حققها هذا المشروع، استثماراً مجدياً؟؟!،

نكتشف في الحرب التي يخوضها جيشنا وشعبنا كم كانت القيادة السورية حكيمة وصاحبة رؤية استشرافية، وبصيرة ثاقبة، وها هي سورية في المحنة التي عرفتها قد وجدت هذه المقاومة خير حليف وشريك وأخ وصديق وشقيق، يقاسم السوريين الدماء دفاعاً عن القضية المشتركة التي لم تغب عن سورية وعن المقاومة وهي قضية فلسطين وبالتوازي نستحضر حلف سورية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي يفصل الكاتب مضامين موقعها من تجربة المقاومة وحزبها المحوري حزب الله وكم دارت نقاشات حول صحة وجدوى خيار القيادة في السير نحو هذا التحالف الاستراتيجي، وها هي الحرب على سورية تقول لنا بالواقع كيف وجدنا الأشقاء الإيرانيين يقاسمون السوريين لقمة الخبز وهم في حالة حصار كي لا تضعف سورية ولا ينال عدو من صمودها، ثم لم يلبثوا أن شاركونا بالدماء في تبعات هذه الحرب كتفاً إلى كتف وقلباً إلى قلب والهدف واحد.

يُذكر أن الكتاب صادر عن مؤسسة الفرات للنشر والتوزيع – بيروت، ويتضمن خمسة أبواب: حلقات السلسلة، حلقات متسلسلة، بين الدين والسياسية والحرب فلسفة، التحديات والآفاق، وثائق.

نشرت «البناء» في عددها الصادر يوم الإثنين الفائت 6 آب 2018 النص الكامل للكلمة التي ألقاها الدكتور فيصل المقداد في حفل التوقيع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى