محاضرة عن الآثار السورية وجرائم الإرهاب بحقها
التخريب المتعمّد والممنهج للآثار السورية على يد التنظيمات الإرهابية كان أهمّ ما تطرّق له الدكتور محمود حمود مدير عام الآثار والمتاحف في سورية، خلال محاضرته ضمن الفعاليات الثقافية المرافقة لمعرض مكتبة الأسد الثلاثين.
المحاضرة التي جاءت بعنوان «الحالة الراهنة للآثار السورية»، قال فيها حمود «ما أصاب الآثار خلال هذه الأزمة على أيدي التنظيمات الإرهابية عمل مهول وخطير جداً لم يتعرّض له إرث ثقافي عبر التاريخ»، مشيراً إلى أن هناك الكثير من المواقع التي تعرّضت إلى التنقيبات غير الشرعية كأحد أشد الأخطار التي تعرّضت له مواقعنا الأثرية.
وأشار حمود إلى أن سورية تحتضن أكثر من عشرة آلاف موقع أثري منتشرة على كامل رقعتها الجغرافية تعرض العديد منها إلى عمليات تنقيب غير شرعي وأحياناً باستخدام الآلات الثقيلة ما أدّى إلى تخريب الطبقات الأثرية من مدن وبلدات قديمة تراكمت فوق بعضها ونهب الإرهابيون كنوزها بهدف بيعها في الأسواق العالمية لتمويل جرائمهم.
وحول الضرر الذي تعرّض له معبد بل الأثري في تدمر الذي يعود إلى القرنين الأول والثاني للميلاد، بيّن حمود أن هذا الموقع الذي قام تنظيم «داعش» الإرهابي بتفجيره تحوّلت أجزاء كبيرة منه إلى هباء منثور نتيجة شدة المواد المتفجرة التي استخدمت في هدمه.
أما عن المنحوتات في مدينة تدمر فوضعها أسهل حسب حمود مقارنة بالأبنية المدمّرة من ناحية ترميمها وإعادة هيكلتها، حيث يلعب اجتهاد الفنانين العامل الرئيسي في صياغة تكويناتها الأصلية أما العمارة الضخمة فمنها ما يبلغ ارتفاعه 15 متراً تحمل زخارف ومنمقات وسواكف منحوتة، كما هو الحال في المحاريب وقدس الأقداس التي كانت من أجمل الأعمال التي صنعتها يد الفنان السوري القديم، حيث تمّ تدميرها إضافة إلى الأبراج الجنائزية ذات الطوابق المتعدّدة وتضمّ مئات المدافن الأثرية التي تعرّضت لإزالة كذلك قوس النصر الشهير وأعمدة الترابيل، مستذكراً شهيد الحضارة خالد الأسعد عالم الآثار الذي قضى خمسين عاماً في ترميم المدينة حجراً بحجر.
وأشار حمود إلى أن الكثير من اللقى الأثرية السورية التي تمّ التنقيب عنها بطرق غير شرعية بيعت في أماكن عدة من العالم، رغم كل القوانين الصادرة عن مجلس الأمن الدولي منها القراران الصادران عامَي 2015-2017 اللذان يمنعان الاتجار بالآثار السورية والعراقية.
وعن الوضع في حلب أوضح حمود أنها من المدن التي تعرّضت لتخريب شديد، لذلك تعد أكبر موقع للتراث الثقافي المنكوب في العالم ما يدلّ على فداحة الجرائم التي ارتكبت في حقها.
أما المدن المنسيّة شمال غرب مدينة إدلب، فهناك لا يقلّ عن 750 موقعاً أثرياً يعود تاريخها من القرن الأول حتى القرن السابع الميلادي تحتوي على القلاع والمعابد والأديرة والكنائس وأشهرها كنيسة القديس سمعان فقد زال الكثير منها إضافة لدير «سنبل» الذي تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صور الإرهابيين وهم يتلذذون بعملية هدمه، بحسب مدير الآثار.
وأشار حمود إلى أن مديرية الآثار والمتاحف تتابع مع الأنتربول الدولي والجهات السورية المختصة أي أثر عائد في هويته إلى التراث السوري، مبيّناً أن هناك الكثير من المزادات العالمية تمّ إيقافها بمساعدة أشخاص سوريين وإبلاغ المعنيين بمصادرة القطع الأثرية بالتعاون مع منظمات دولية تقوم بإبلاغ مديرية الآثار عن أي لقى أو تحف.