مطبقو «قانون الغاب» راحلون وسورية باقية…

جاك خزمو

يُغيّب عن العالم اليوم القانون الدولي ليحل مكانه موقتاً وحالياً «قانون الغاب» لا بل «قانون العهر السياسي» الذي ليس فيه أي بند من بنود الأخلاق، بل يشمل على بنود كلها قلة أدب، وقلة أخلاق، وظلم وعربدة سياسية لأن من يقود «المجتمع الدولي»، المقصود هنا المجتمع الغربي وليس العالمي ، هم قادة بحاجة إلى أخلاق… وبحاجة إلى محاولة إنعاش لضميرهم الميت، وهذا أمر صعب لأن من شب على شيء شاب عليه.

يتحدث العالم عن السيادة لكل دولة، ولكن أين هي قوانين السيادة في الشأن الليبي… فالجميع يتدخلون، ودمروا ليبيا، ويتحدثون عن حركة «داعش»، وقرروا إنشاء تحالف لمناهضتها والتصدي لها، ولكن هل بالفعل هناك تصدٍ لها.. ويتدخلون في الشأن الداخلي لكل بلد، فها هو أردوغان صديق الأمس وعدو اليوم للرئيس بشار الأسد، ينادي بضرورة إسقاط الدولة السورية بقيادة الأسد، ويصفق له في هذا الطلب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.. ويشدد أردوغان على ضرورة أن يتصدى التحالف بزعامة أميركا للرئيس الأسد وليس لـ«داعش» لأن «نظام» هذا الرئيس يشكل خطراً على المنطقة. إنه بالفعل يشكل خطراً على سياسة أردوغان لأنه عراها وكشف زيفها، وأهدافها الخبيثة لإعادة الاستعمار العثماني على العالم العربي عبر بوابة دمشق، ولكن الرئيس الأسد صدها بوجهه، لأنه، أي الأسد، يقف ضد الاستعمار وضد الاحتلال، وهو مناصر الشرفاء ليس في هذه المنطقة فقط، لا بل في كل أنحاء العالم.

هولاند وأردوغان وكثير من قادة المجتمع الغربي يعتدون على القانون الدولي، وينتهكونه بصورة واضحة ووقحة… وهم يخلقون وينشئون قانوناً جديداً نأمل أن يطبق عليهم أيضاً، وقريباً، إذ أنه واعتباراً من اليوم من حق أي خصم لتركيا أن يوفر الدعم لكل معارض لسياسة أردوغان وحزبه، والدعم لا يقتصر على الأمور المعنوية بل العسكرية والمالية، وأن يطالب بإسقاط أردوغان لأنه زعيم ظالم وجبان كما يصفه معارضوه، ومن حق العديد من الدول التدخل في الشأن الداخلي التركي لتعيين الرئيس القادم لتركيا.

وكما يحق لهولاند التدخل في سورية يحق لكل أعدائه وخصومه أن يدعموا أي حركة نضالية ضده، ويعملوا على إسقاطه «وتدمير فرنسا».. استناداً إلى قانون الغاب الجديد الذي يتبناه مع أردوغان.

من حَفر حُفرة لأخيه أو لأي إنسان لا بدّ أن يقع فيها… وهذا ما ستثبته الأيام والأسابيع والشهور والسنوات المقبلة، وهذا ما أثبته التاريخ عبر وقائع ماضية عديدة.

يعيش العالم في حالة من الانحطاط الخلقي في التعامل السياسي، إذ أن الحق للقوي، ولكن هذه الحالة ستنتهي ويرحل معها «قانون الغاب» الذي يمارسه المجتمع الغربي، وتعود الهيمنة للقانون الدولي القائم على العدل والإنصاف، وإحقاق الحق والدفاع عن الشعوب، وحمايتها، وحماية أراضيها وسيادة أوطانها.

إن تعرية «قانون الغاب» الذي يتبناه «المجتمع الدولي» هي خطوة أولى مهمة نحو سقوطه واندحاره ورحيله… وصمود سورية في وجهه وإلى جانبها الأصدقاء الأوفياء من دول ورجال شرفاء أوفياء سيعجل من شطب هذا القانون، ليسود العالم قانون العدل الذي يدعمه كل النبلاء في العالم… وبالتالي فان أردوغان وهولاند وأمثالهما لن يحققوا أحلامهم، بل ستنقلب الأمور عليهم، وسيرحلون وستبقى سورية قوية على رغم أنوفهم جميعاً.

رئيس تحرير مجلة «البيادر» ـ القدس الشريف

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى