للمرة الأولى منذ مطلع 2010 تقف اليونان على قدمَيْها مع انتهاء برنامج المساعدات

خرجت اليونان أمس، رسمياً من آخر خطط المساعدات التي لا تلقى شعبية إطلاقاً والمطبّقة منذ 2010، لكن بدون أن تُنهي بالكامل إجراءاتها التقشفية وإصلاحاتها.

وصرّح رئيس المفوضية الأوروبية جان – كلود يونكر أن «انتهاء برنامج دعم الاستقرار يُعتبر لحظة مهمة لليونان وأوروبا»، مشيداً بـ «فصل جديد في تاريخ البلاد».

وتلقّت اليونان في ثلاث خطط متتالية في 2010 و2012 و2015 قروضاً بقيمة 289 مليار يورو، مقابل إصلاحات بنيوية يعترف بعض الدائنين اليوم بأنها لم تكن مثالية وأدّت إلى خسارتها ربع إجمالي ناتجها الداخلي خلال ثماني سنوات وارتفاع معدل البطالة إلى 27.5 في 2013.

وصرّح ماريو سينتانو رئيس مجلس حكام الآلية الأوروبية للاستقرار التي رعت البرنامج الأخير، في بيان صباح أمس «للمرة الأولى منذ مطلع 2010، تقف اليونان على قدمَيْها».

ورأى سينتانو وزير المال البرتغالي الذي يترأس مجموعة اليورو أن ذلك يأتي «نتيجة جهد استثنائي بذله الشعب اليوناني والتعاون الجيد من قبل الحكومة اليونانية الحالية وجهود الشركاء الأوروبيين الذين وافقوا على منح قروض وإعادة هيكلة الديون».

من جهته، قال الناطق باسم الحكومة اليونانية ديمتريس تزاناكوبولوس في مقابلة صباح أمس، مع إذاعة «ريل أف أم» إن «الاقتصاد والمجتمع وكل البلاد دخلت في مرحلة جديدة».

وأضاف «أن رئيس الوزراء اليكسيس تسيبراس سيتوجّه بخطاب إلى الشعب اليوناني اليوم بمناسبة اليوم الأول من خروجنا من البرنامج الدولي».

وبعد البرتغال وإيرلندا وإسبانيا وقبرص، أصبحت اليونان آخر دولة في منطقة اليورو تخرج من خطط المساعدة الأوروبية التي جنبت هذه الدول ومعها منطقة اليورو الانهيار.

وقال سينتانو إنّ «الأمر استغرق وقتاً أطول مما كان متوقعاً، لكنني أعتقد أننا حققنا هدفنا»، مشيراً إلى أن «الاقتصاد اليوناني بدأ يسجل نمواً ارتفع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 1.4 بالمئة في 2017 ، وسجل فائض في الميزانية … ومعدل البطالة في تراجع مستمر»، مع أنها ما زالت عند 20 في المئة.

لكن المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي قال في نهاية الأسبوع الماضي إن «زمن التقشف انتهى لكن البرنامج لا يشكل آخر هذه الإصلاحات».

لكنه أشاد في تصريحات لإذاعة «فرانس انتر» أمس، بهذا «اليوم التاريخي» لليونان. وقال موسكوفيسي «إنه يوم عظيم، بل تاريخي لليونان التي لم تكن خلال عشر سنوات تحت الوصاية فقط بل تحت ضغط برامج للمساعدة».

وأضاف «أن اليونان ستتمكّن بعد الآن من تمويل نفسها من الأسواق … وتحديد سياستها الاقتصادية مع مواصلة الإصلاحات بالتأكيد».

أما حاكم المصرف المركزي اليوناني يانيس ستورناراس، فقد صرّح في مقابلة أول أمس مع صحيفة «كاثيميريني» أنّ «اليونان ما زال أمامها طريق طويل».

وعبّر عن مخاوفه إزاء احتمال أن «تتخلّى» الأسواق عن اليونان إذا تراجعت عن إصلاحاتها.

وبفضل إعادة جدولة الديون، خصوصاً إطالة أمد تسديدها، وهو ما حصلت عليه اليونان من شركائها الأوروبيين في حزيران، تؤكد أثينا أنها «ستكون قادرة على تغطية احتياجاتها المالية حتى نهاية 2022»، ما سيسمح لها بعدم الاقتراض من الأسواق إلا في الأوقات المناسبة.

لكن ديونها ما تزال تمثل 180 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي على المدى البعيد في حين يشكّك صندوق النقد الدولي في أن «تكون أثينا قادرة على تسديد ديونها».

لكن الحكومة اليونانية تقول «إن احتياجاتها المالية ستبقى تحت العشرين في المئة التي حددها الاتحاد الأوروبي».

فيما حاول رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس من حزب سيريزا اليساري الراديكالي مع وزير ماليته آنذاك يانيس فاروفاكيس تليين شروط البرنامج الثاني عند وصوله إلى السلطة في كانون الثاني 2015.

لكن رغم «لا» حازمة من اليونانيين للدائنين في استفتاء شعبي، اضطر تسيبراس في نهاية الأمر إلى التوقيع على خطة المساعدة الثالثة في تموز التالي لتفادي خروج اليونان من اليورو.

وقد أكد في حزيران أنه يريد «عدالة اجتماعية» أكبر، إذ إن تحسن الأرقام الاقتصادية لا ينعكس فعلياً على اليونانيين.

وقال الناطق باسم الحكومة اليونانية «إن الحكومة وعدت بسياسات دعم اجتماعي وتخفيف عن الأكثر فقراً».

وكتبت صحيفة «تا نيا»، القريبة من المعارضة، في تلخيص للشعور بالسخرية «في 21 آب، تنتهي خطة المساعدات لكن الكابوس مستمر».

وذكرت «كاثيميريني» يمين ليبرالي في العنوان الرئيسي لنسختها الانكليزية أمس، أن «اليونان أمامها الكثير الذي يجب أن تعبره»، مشيرة إلى أن «الاقتصاد هشّ وضعيف في مواجهة تقلبات الأسواق».

ويشدّد الخبراء الاقتصاديون وبينهم أستاذ الاقتصاد نيكوس فيتاس على «الضرورة الملحة» لتسجيل «نمو قوي جداً» في السنوات المقبلة يتجاوز الـ2 بالمئة المتوقعة بشكل عام «وإلا ستتواصل معاناة العائلات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى