خلية الـ«5+1» في طرابلس تنكشف مع دقماق والشهال

كتب المحرر السياسي

الملف النووي الإيراني على سكة واضحة وبرنامج زمني للمحادثات المقبلة في فيينا، وخريطة الطريق رسمت في مسقط، والرابع والعشرون من الشهر الجاري موعد متفق عليه للإنجاز، الروزنامة ليست في الرياض ولا في أنقرة ولا في الدوحة، بل في مسقط، والعنوان سياسي وليس جغرافياً ولا مصادفة، عمان ستلعب دوراً هاماً يتناسب مع ما فرضته إيران لها من مكانة بين دول الخليج، كمركز لإدارة ملفات المنطقة، والحل السياسي المقبل في لبنان ربما يحمل اسم اتفاق مسقط، بدلاً من اتفاقي الطائف والدوحة.

خلافاً لكل الضغوط التي مارستها تركيا والسعودية، فرضت إيران حسابات جديدة لمعادلات المنطقة، بعدما بدا هزال ما يمكن انتظاره من حلفاء واشنطن في الحرب على الإرهاب، وبدا أن الحرب الحقيقية يخوضها حلفاء إيران من العراق إلى لبنان وصولاً إلى اليمن ومروراً خصوصاً بسورية.

كان ينقص أنقرة والرياض أن يلتجأ إليهما كل من بلال دقماق وداعي الإسلام الشهال، وهما مطلوبان بتهم الإرهاب، ليتسع الملف من علاقة تركيا بـ«داعش»، ومساعي السعودية و«إسرائيل» وحلفائهما لتعويم «النصرة».

التطورات اللبنانية لم يغير فيها هجوم وزير العدل أشرف ريفي على الجيش ولا تذرعه بحزب الله ليثير مناخاً مذهبياً، فالأمور تجري بطريقة أخرى، يتوهم جماعة السعودية وتركيا أن بمستطاعهم استرداد ما يفقدونه، ولا يغير فيها تهرب تيار المستقبل من توفير الغطاء المسيحي للتمديد للمجلس النيابي عبر التلكؤ عن جلب حلفائه للتصويت، طالما تسبب هو بقرار مقاطعته الانتخابات النيابية بفرض التمديد، فالميثاقية عند الرئيس نبيه بري مقياس صالح للحسم بمصير الانتخابات والتمديد معاً.

لن يغير التهرب، كما لن يغير توزيع الاتهامات يميناً ويساراً، ورفع الصوت العالي في التحقيقات الجارية، لكشف سائر أعضاء خلية الخمسة زائد واحداً التي تحدث عنها الموقوف أبو بكر الميقاتي، والتي ثبت أنها تضم كلاً من أسامة منصور وشادي المولوي وبلال دقماق وداعي الإسلام الشهال إضافة إلى الميقاتي، وبقي الزائد واحد، الذي يقول الميقاتي أنه لا يعرفه بل من يعرفه هما اثنان دقماق والشهال وهو مسؤول الخلية، وله صفة رسمية، ربما يفسر الحديث عنها في التحقيقات حالة الهيستيريا التي تحملها التصريحات والمواقف.

بينما يواصل الجيش دهم مخابئ الإرهابيين ومخازن الأسلحة في طرابلس وعكار ملقياً القبض على العشرات منهم، أصدر الجيش وثيقتين أمنيتين من أجل استصدار مذكرات توقيف لكل من داعي الإسلام الشهال ورئيس جمعية «اقرأ» بلال دقماق.

الشهال في السعودية ولن يعود

وفي حين استبعدت مصادر شمالية لـ«البناء» عودة داعي الإسلام الشهال الموجود في السعودية إلى لبنان خوفاً من اعتقاله، أكدت المصادر «أن دقماق سيعود قريباً من تركيا، فهو يعتبر أن توقيفه لن يتعدى الثلاثة أشهر لأن جرم تخبئة الأسلحة جنحة وليس جناية».

في الأثناء، نفى وزير العدل أشرف ريفي بعد زيارته مرافقه المؤهل أول في قوى الأمن الداخلي ديب اللهيب أن يكون متورطاً في نقل أموال إلى المسلحين في عرسال»، ودعا قيادة الجيش اللبناني ووزير الصحة وائل أبو فاعور إلى «إصدار موقف واضح من هذا الاتهام» لافتاً إلى أن مرافقه طريح الفراش بسبب إجرائه عملية «ديسك»، مواصلاً حملته ضد حزب الله. كما أكدت مصادر طرابلسية لـ«البناء» «أن اللهيب لم يغادر منزله منذ نحو شهرين بسبب العملية.

ورد حزب الله على حملة ريفي على الحزب، مؤكداً أننا «لن نقبل أن ينكشف لبنان أمام الخطر التكفيري»، مستنكراً أن يقارن مجاهدو المقاومة بشذاذ الآفاق من القتلة والمجرمين، داعياً «من يتوخى العدل أن يكون للعدل وزيراً لا أن يكون وزراً عليه».

من جهته، شدد الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله عبر الشاشة مساء أمس من مجمع سيد الشهداء في الرويس خلال إحياء عاشوراء، على «أن الحزب يقاتل في سورية لأنه لو ترك القتال هناك لكان فعل زعيم تنظيم «داعش» المدعو «أبو بكر البغدادي» في لبنان كما يفعله التنظيم الإرهابي من مجازر بعشيرة «البونمر» بالعراق.

مقترحات «النصرة» ليست سوى ابتزاز

في غضون ذلك، لا تزال قضية العسكريين المخطوفين رهن المفاوضات بين الموفد القطري والخاطفين في جرود عرسال والقلمون، إلا أن «جبهة النصرة» تحدثت عن تطور إيجابي في هذه القضية. فقد نشرت الجبهة بياناً تحت عنوان «فكّوا العاني» الطليق، الحر ، أشارت فيه إلى أنه تم تسليم الموفد القطري ثلاثة مقترحات في شأن تبادل العسكريين المخطوفين بموقوفين في السجون اللبنانية والسورية. وأوضحت أن الموفد القطري أحمد الخطيب دخل إلى عرسال ومعه مساعدات للنازحين السوريين، معتبرة ذلك «خطوة أولى في تقدم المفاوضات». وأضافت أن الخطيب انتقل إلى جرود عرسال الخميس والتقى مع اللجنة المكلفة من قبل «النصرة» وتم عرض 3 مقترحات في شأن تبادل العسكريين المخطوفين بموقوفين في السجون اللبنانية والسورية. ولفتت إلى أن الموفد القطري غادر إلى الجهة اللبنانية المكلفة متابعة الملف وأبلغها بمجريات المقابلة مع الهيئة ثم عاد يوم السبت وأبدى شبه موافقة مبدئية على إطلاق سراح الأسرى من سجون النظام اللبناني وإطلاق سراح الأخوات من سجون النظام السوري وتم تسليمه لائحة بأسماء بعضهم».

وأشارت «النصرة» إلى «أن المقترحات الثلاثة هي:

1 – إطلاق سراح 10 إخوة من سجون النظام اللبناني مقابل كل محتجز من العسكريين .

2 – إطلاق سراح 7 إخوة من سجون النظام اللبناني مع 30 أختاً من سجون النظام السوري مقابل كل محتجز».

3 – إطلاق سراح 5 إخوة من سجون النظام اللبناني مع 50 أختاً من سجون النظام السوري مقابل كل محتجز».

وفيما ينتظر رد الحكومة على هذه المطالب، أعلن وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» رفضه المقايضة بالمطلق، مشيراً إلى أن هذه الاقتراحات تظهر عدم جدية الشروط، وأن ما تقوم به «جبهة النصرة» لا يتعدى الابتزاز». وإذ أشار إلى أن الهم الأساسي يتركز على اعتقال شادي مولوي وأسامة منصور، سأل قزي: «كيف نقبل في المقابل، بالإفراج عن إرهابيين».

«هيئة علماء» تلغي مؤتمرها الصحافي

من ناحية أخرى، وفيما أعلن وفد «هيئة علماء المسلمين» بعد لقائه أهالي العسكريين المخطوفين في ساحة رياض الصلح، أنه في حال رغب الأهالي بإكمال دور الهيئة بالتفاوض مع الجهة الخاطفة، فإنها تطلب تكليفاً رسمياً من الحكومة لتأمين الحماية الكافية للعلماء الذين يتفاوضون، علمت «البناء» أن «الهيئة» ألغت مؤتمرها الصحافي الذي كان مقرراً عقده في طرابلس اليوم، بضغط من بعض المشايخ داخل الهيئة، لما كان المؤتمر سيتضمنه من استهداف للجيش.

ترجيح تصويت «القوات» بـ«نعم» للتمديد

نيابياً، لم يطرأ أي جديد على المواقف النهائية للكتل المسيحية في شأن التمديد للمجلس النيابي، باستثناء ترجيح تصويت نواب «القوات اللبنانية» لمصلحة التمديد. وبانتظار حسم «القوات» موقفها النهائي، خلال الساعات القليلة، يبقى الوضع مفتوحاً على كل الاحتمالات على رغم أن الجلسة مؤمن نصابها عددياً وبالتالي فإنها ستنعقد بعد غد الأربعاء في موعدها.

ونقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه أن «هناك 48 ساعة لبلورة الصورة في ضوء المواقف النهائية للكتل المسيحية الأساسية أي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب».

ولمس الزوار من بري استياءه من بعض المواقف والمزايدات في هذا الشأن ولا سيما في الصف المسيحي، مشدداً مرة أخرى، على «أن التصويت عددياً لمصلحة التمديد مؤمن لكنه يركز على التصويت الميثاقي، خصوصاً المسيحي». وأعرب عن «انزعاجه من حفلة المزايدات التي تجرى داخل هذا الصف ومن بعض المواقف التي تحاول أن توحي أنه هو الذي يسعى إلى التمديد»، مشيراً إلى أن «الرأي العام يعرف الحقيقة وأنه لا يقف عند مثل هذه المواقف والإيحاءات بل يضع نصب عينيه مصلحة البلد خصوصاً بعد إعلان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مقاطعة الانتخابات ما لم يتم انتخاب رئيس الجمهورية».

وفي حين كرر حزب الكتائب رفضه التمديد، أكدت مصادره لـ«البناء» أن الموقف من حضور جلسة التمديد أو عدمه سيحدد في اجتماع مكتبه السياسي يوم غد الثلاثاء، أكد رئيس كتلة نواب زحلة النائب طوني أبو خاطر لـ«البناء» أن «حضور حزب القوات الجلسة محسوم»، مشيراً إلى «أن الموقف من التمديد سيحدد في الساعات القليلة المقبلة»، مرجحاً التصويت لمصلحة التمديد الذي يعتبر مقارنة بالفراغ أبغض الحلال».

وأكدت مصادر نيابية في «التيار الوطني الحر» لـ«البناء» أن حضور نوابه «الجلسة سيحسم في اجتماع «تكتل التغيير والإصلاح» عصر غد»، لافتة إلى «أن اتجاه التيار إلى حضور الجلسة والتصويت بضد». واعتبرت المصادر على «أن الميثاقية لا تعتمد في نتائج التصويت على اقتراحات أو مشاريع القوانين، إنما في حضور الجلسات، وإلا يتحول المجلس إلى مجموعة طائفية».

جعجع يكرر دعوة عون إلى التفاهم

من جهة أخرى، استبعد رئيس حزب «القوات» سمير جعجع حصول الانتخابات الرئاسية قريباً، ورأى في مقابلة مع «رويترز» أن موضوع الرئاسة اللبنانية قد يكون موضوعاً على طاولة البحث في مقايضات ومساومات على مستوى الشرق الأوسط ككل».

ودعا جعجع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون من جديد «للتفاهم نحن وإياه على مرشح ثالث لرئاسة الجمهورية لأنه بصراحة لا هو مقتنع بي ولا أنا مقتنع به».

وإذ لفت إلى أنه لن تكون هناك مشكلة في اختيار المرشح الثالث، شدد على رفضه تعديل الدستور في مناسبة كل انتخابات رئاسية في إشارة إلى إمكانية ترشح قائد الجيش العماد جان قهوجي أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى