بمناسبة اكتشافهم أن حنا مينه روائي سوري مهم!
جانيت الحسن
منذ 8 سنوات، أي منذ عام 2010 بالتحديد، وأنا أتابع هذا العالم الافتراضي بشكل دقيق. غامرتُ في لججه وخضت يمَّه. نجحت حيناً واخفقت حيناً آخر. ومرات وجدت نفسي على ضفاف لم أقصدها بل تقاذفتني إليها السجالات العمياء..
رأيتُ مَن يدافعون عن حقوق الإنسان ثم انتقلوا للدفاع عن «حقوق جبهة النصرة وداعش في التكفير والقتل وإبادة الآخر، لا لسبب سوى أن لون عينيه ليس مطابقاً لمواصفات «الفتوى الشرعية !
رأيت مَن خافوا قليلاً على جلدهم في بداية الأزمة فأصبحوا معارضين أو ليبراليين! ثم عادوا الآن للتطبيل وتهديد الناس و التشبيح . وفي ذهابهم وفي إيابهم هم هم. يتحسسون أقفيتهم والرقاب. منطلقهم فردية باحثة عن مكانة وسقفهم جلدة تردهم على أعقابهم لائذين.
رأيتُ الناس تجرفهم الجموع نحو الشمال ونحو اليمين ولا شيء في داخلهم غير الخوف والفراغ وطلب السلامة الآني -أبشركم أن الدمار المقبل لن يطول إن لم تغيّروا ما بأنفسكم -. ولا شيء أقسى على الحقيقة والمعرفة والثقافة بالأخص، من فراغ الأرواح من قيمة الشجاعة!
ورأيت أيضاً أعمدة هذه البلاد وأسسها، حين اتهمهم «فوّار التأسلم السياسي والتكفيري بالتشبيح، ثم اتهمهم طبّالي البقاء بالقطعة على الحال ذاتها، بالخيانة وأنهم معارضة! تعدّدت الاتهامات من كل حدب وصوب وبقوا هادئين، يطوّرون مواقفهم بوعي ويدفعون الأثمان للجميع بنبل سوري مشهود!
جموعٌ غفيرة اكتشفت الروائي حنا مينه فجأة، آخر الأسبوع الماضي، لكنهم لم يكتشفوا موقفه عبر استقالته من اتحاد الكتاب العرب هو وسعد الله ونوس، لأن الاتحاد فصل «أدونيس من عضويته، مع إعلان حنا مينه أنه لا يتفق مع أدونيس، لكن الدنيا موقف تدفع ثمنه من دون أن تطلب من أحد شكراً عليه.
موقف للتاريخ والوجدان والحقيقة!
فهل موقف حنا مينه، يا معشر الطبّالين من جميع الأطراف يمثلكم فعلاً؟!
وهل فعلاً تحترمون هذا الشخص وموقفه الذي هو جزء من كتاباته وجزء من موضوع معظم رواياته؟
أم أنّهم من فئات كائنات تحوم حول النور القوي حتى لوكان ناراً تحرقها؟ هل فعلاً حنا مينه في القناعات الداخلية لهؤلاء كاتب عظيم! هل تريدون التطبيل أو موقف حنا مينه فمن الصعب الجمع الموقفين، فبينهما مسافة فلكية لا تقاس!
الجواب عندكم ولكم. فأنا لا أحتاج جوابكم ولا معرفة ردكم، لكن على الأقل حاولوا تشكيل كيان ولو هلامي، من أجلكم من أجل صورتكم أمام أنفسكم وأمام الثقافة.