يد بكركي على قلبها خوفاً على الاستحقاق
شادي جواد
تضع بكركي يدها على قلبها من عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، بالتالي يقع لبنان في الفراغ الذي يشكل خطراً حقيقياً على الموقع الأول للموارنة في هذا الشرق. وهذا الخوف لبكركي على مصير هذا الاستحقاق متأت من الانشطار الموجود بين قيادات الصف الأول من المسيحيين والذي يحول إلى الآن دون جمعهم حول موقف موحد من أي استحقاق مصيري مهما كان شكله ووزنه. وما زاد من منسوب هذه المخاوف لدى سيد بكركي الفشل الذريع الذي أفضى إليه الاجتماع الذي عُقد منذ أسبوعين في الصرح البطريركي للأقطاب المسيحيين والذي غاب عنه سمير جعجع بحجة المخاوف الأمنية، حيث حذّر البطريرك الراعي من مخاطر المخاض الذي تمر به المنطقة، خصوصاً على المسيحيين الذين تعرّضوا لما تعرّضوا له في العراق، وما يتعرّضون له اليوم في سورية على أيدي المجموعات المسلّحة، وأن هذا الوجود في لبنان يجب أن يتعزز من خلال تجاوز الخلافات والمجيء برئيس قوي يكون قادراً على جمع كلمة اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، وجرى مقاربة هذا الاستحقاق من مختلف زواياه غير أن النتيجة لم تأت كما كان يتوخى البطريرك الماروني حيث بقي كل فريق متمترساً وراء مواقفه ولم يسجل أي تقدم باتجاه التفاهم على مقاربة واحدة للانتخابات الرئاسية.
لم يكتف البطريرك الراعي بهذا الاجتماع اليتيم للقادة المسيحيين في بكركي، بل أجرى مروحة من اللقاءات والاتصالات التي بقيت بعيدة عن الأنظار، كان البارز من بينها لقاء جمعه على الغداء والنائب السابق جان عبيد حيث تطرق الحديث بصورة أساسية إلى الانتخابات الرئاسية من دون أن يخوض الجانبان في عمق هذا الاستحقاق، بل بقي الكلام في الشكل والتأكيد على ضرورة الحؤول دون الوصول إلى الفراغ.
وقد أكّد البطريرك الراعي بحسب مصادر مطلعة لمن راجعه بخصوص هذه اللقاءات بأن حصولها لا يعني أن بكركي مع هذه الشخصية من دون تلك، بل جل ما يهمها التفاهم على اسم الرئيس وأن لا يأتي الموعد الدستوري من دون أن تكون هناك جلسة انتخاب، وهذا الكلام أوصله البطريرك عبر موفدين إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وتلفت مصادر نيابية في هذا الإطار إلى أن رئيس المجلس يأخذ هواجس بكركي في مقدم حساباته، وهو أخذ خيار إيفاد لجنة التواصل النيابية إلى الكتل النيابية والقوى السياسية من هذا الباب، لا بل إنه سيقوم بمروحة اتصالات ومشاورات إضافية بعد الجلسة التشريعية المقررة غداً، تمهيداً للدعوة لجلسة انتخاب والمتوقعة بعد الخامس والعشرين من هذا الشهر بناء على الأفكار والمواقف التي جوجلها نتيجة التقرير الذي رفعته له اللجنة والذي خلص إلى أن كل الأفرقاء سيشاركون في جلسة الانتخاب في حال تمت الدعوة إليها.
وإذ ترى هذه المصادر وجود حظوظ كبيرة في إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، غير أنها لم تجد أي ضرر في تأخر هذا الاستحقاق عن موعده بضعة أيام، لأن المهم تفادي الفراغ الطويل على غرار الفراغ الذي حصل قبل تسوية الدوحة، لأن التطورات الموجودة في المنطقة وما يعانيه لبنان من أزمات وأكبرها أزمة النازحين، تتطلب أن تكون المناخات هادئة، وأن لا يكون هناك أي فراغ في أي موقع من شأنه أن يعيق الاهتمامات الإقليمية والدولية بمعالجة ملفاته إن على مستوى المساعدة على تجاوز معاناة النازحين أو عبر تسليح القوى العسكرية وما إلى هنالك من ملفات تحتاج إلى أن يكون لبنان في منأى عن الصراعات السياسية.
وترى المصادر ذاتها أن الفرصة مؤاتية أكثر من أي وقت لكي ينجز لبنان ما لديه من ملفات واستحقاقات لا سيما أن دول القرار بعثت برسائل عبر دبلوماسييها تؤكد استمرار المظلة الدولية فوق لبنان بالشكل الذي يمنع عنه الانزلاق في أتون أي صراع. وما دامت هذه المناخات لا تزال موجودة، فلا مبرر من الإقدام وخوض غمار أي استحقاق وإلا نكون ما زلنا غير راشدين سياسياً ونحتاج إلى من يقف معنا في ذلك.
وتتوقف هذه المصادر عند الكلام الذي قاله الرئيس بري الأسبوع الفائت أمام وفد المجلس الوطني للإعلام من أنه رد على السفراء الأجانب الذي استمزجوا رأيه بالنسبة للاستحقاق الرئاسي بأن اتركوا هذا الأمر إلى حين أن ينضج على المستوى اللبناني، وهو قصد بذلك بأن هناك إمكانية للبننة هذا الاستحقاق، ويأتي هذا الموقف من باب حض المسؤولين في لبنان على الإقدام على هذا الاستحقاق وخوض هذه التجربة بالأسلحة الذاتية من دون الاستعانة بصديق.
وتعتبر المصادر أن مقصد الرئيس بري ممكن التحقيق في حال أنجز ترميم الجسور المقطوعة بين طهران والرياض، خصوصاً أن الاتصالات القائمة بهذا الخصوص باتت على مرمى حجر من تحقيق الهدف اللهم في حال طرأ ما ليس في الحسبان.