على خطى الجنوب السوري.. إدلب مع بعض التفاصيل
بهاء نصار خير
على أبواب إدلب، تلك المعركة المنتظرة بشقيها العسكري والسياسي، حيث تقف التفاهمات ويقف مستقبل بلد عاش ثماني سنوات من الحرب التي طالت كل مفاصل الحياة.. حلٌ قد يراه البعض محاولة لفرض واقع روسي في منطقة الشرق الأوسط واسع النطاق عبر البوابة السورية.. وقد يراه البعض بأنه مدخل لرسم خريطة نفوذ جديدة عنوانها روسي أيضاً بامتياز مع تطعيم أميركي من خلال بعض المكاسب هنا أو هناك.. والسجال الحاصل اليوم في ميدان مجلس الأمن يعكس بعضاً مما هو حاضر في أروقة الكرملين والبيت الأبيض رغم وجود تفاصيل خفية لا تكون حاضرة إلا في تلك الجلسات المغلقة.
فبعد تحرير الجنوب السوري وفرض السيطرة على ما يتجاوز الـ 85 من الأراضي السورية يمكن القول إن الخطوط العريضة رُسمت ولم يبق إلا التفاصيل. فالجميع رضي بقسمته بناء على مجريات أحداث جرت بما لا تشتهيه السفن الأميركية التي تحضرت وتمترست في عرض البحر المتوسط والخليج..
الأميركي اليوم الساعي منذ بداية العدوان على سورية فشل في قصم ظهر المحور المقاوم، أوله في طهران وآخره في بيروت وقلبه دمشق.. فلا الجيش السوري انكسر، ولا إيران تقهقرت ولا حزب الله ضعف تأثيره وخمد. وهو ما انعكس خوفاً ترجمته »إسرائيل» بمناورات تحاكي حرباً قد يشنّها حزب الله يكون مسرحها الجليل الأعلى.
بالعودة لخريطة الميدان العسكري في سورية، والمستحيل فصله عن الميدان السياسي يمكن القول بأنّ معركة إدلب نقطة فاصلة في تاريخ الحرب. وهنا طبعاً ليس المقصود حسم المعركة العسكرية فقط بل التداعيات السياسية التي ستفضي لما هو يبدو بأنه بات واضحاً لدى الأميركي الساعي عبر فتح جبهة ميدانية عدوانية لعل فيها بعض الضغط على مبدأ »أنا هنا أنا موجود»..
وتيرة التصعيد الإسرائيلي اليوم أمام خسارة الأوراق تباعاً دفعت بوزير الأمن الداخلي جلعاد أردان بأن يتخذ من منبر التصعيد العسكري نحو طهران ودمشق بحجة التمركز الإيراني والذي هو بالأساس جاء شرعياً وفق استقلال القرار السوري.. تهديد ووعيد يحمل بين ثناياه زعزعة للاستقرار والأمن المنشود في سورية، وكأن »إسرائيل» كانت طوال فترات الصراع العربي الإسرائيلي مكتوفة الأيدي أو حتى بعيدة عن أي تجاوزات..
في المحصلة وبعيداً عن لهجة التصعيد التي يأخذها الجميع على محمل الجدّ، هناك قرار واضح والأهمّ هناك تفاصيل تمّت صياغتها وجرى البتّ بها، عنوانها قرار روسي واضح المعالم لم ولن يتغيّر وفق الأهواء الأميركية الغربية، لا بل ازداد شراسة حتى ولو لم تستلّ موسكو سيفها العسكري بعد.. ولكن من المياه الراكدة خوفٌ يقرأه الأميركي جيداً حتى ولو علا صوت الخطاب والتغريدات، فالتفاهمات باتت واضحة ولم يبق إلا الإخراج الذي قد يعطي لواشنطن بعضاً مما فقد من الحضور الدولي…