ماذا يعني تصنيف أنقرة «هيئة تحرير الشام» تنظيماً إرهابياً؟

حميدي العبدالله

من المعروف أنّ «هيئة تحرير الشام»، جبهة النصرة سابقاً، جرى تصنيفها تنظيماً إرهابياً في مجلس الأمن ومن قبل حكومات غربية وحكومات المنطقة منذ فترة طويلة. وهذا التصنيف كان نتيجة لمجاهرة «جبهة النصرة» بانتمائها إلى تنظيم القاعدة، المصنّف أصلاً كتنظيمٍ إرهابي منذ فترة طويلة.

ولكن بعض الحكومات الغربية وبعض حكومات المنطقة وفي مقدّمتها الحكومة التركية، ولتبرير تعاونها مع تنظيم «جبهة النصرة»، طلبت منها تغيير اسمها، وفعلاً هذا ما حدث عندما أصبح تنظيم «جبهة النصرة» يحمل اسماً جديداً هو «هيئة تحرير الشام» هيتش .

بعض الحكومات الغربية وفي مقدّمتها الإدارة الأميركية أعادت تأكيد تعريف «هيئة تحرير الشام» كمنظمة إرهابية مؤكدةً أنها امتداد لجبهة النصرة، وبالتالي لن تقبل إسقاط صفة الإرهاب عنها في ضوء تغيير اسمها.

لكن لوحظ أنّ تركيا التي أدرجت «جبهة النصرة» على لائحة المنظمات الإرهابية، لم تحذ حذو الولايات المتحدة الأميركية وبعض الحكومات الغربية بإطلاق هذه الصفة على «هيئة تحرير الشام»، بل أكثر من ذلك استمرّت بالتعاون مع «جبهة النصرة» بذريعة أنّ أنقرة لم تصنّف «هيئة تحرير الشام» كمنظمةٍ إرهابية.

لكن اليوم بعد الاستعدادات التي يقوم بها الجيش السوري لاقتلاع هيئة تحرير الشام في إدلب بوصفها منظمةً إرهابية، وبعد الضغوط التي مارستها روسيا على تركيا لتحديد موقفها من «هيئة تحرير الشام» أيّ من تنظيم جبهة النصرة، وبعد فشل تركيا في إقناع «هيئة تحرير الشام» بحلّ نفسها ولو شكلياً، اضطرت أنقرة إلى الإعلان أنها تصنّف «هيئة تحرير الشام» كمنظمةٍ إرهابية.

كان واضحاً أنّ حشود الجيش السوري مدعومةً بموقف سياسي وعسكري واضحٍ من روسيا، وضعت تركيا حزب العدالة والتنمية أمام خيارين لا ثالث لهما: الخيار الأول، التخلي عن «هيئة تحرير الشام» لا سيما بعد رفض الهيئة لحلّ نفسها، وبعد قيامها بعمليات قتل واغتيال واسعة لخصومها ومنافسيها، بما في ذلك الخصوم والمنافسين المرتبطين بالمخابرات التركية.

الخيار الثاني، استمرار الدفاع عن «هيئة تحرير الشام» وبالتالي تحمّل تبعات مثل هذا الموقف من الناحيتين السياسة والعسكرية. من الناحية السياسية تحمّلها مسؤولية دعم تنظيم مصنّف بالقانون الدولي على أنه تنظيم إرهابي. ومن الناحية العسكرية احتمال الصدام مع الجيش السوري وحلفائه ولا سيما روسيا، وبديهي أنّ مثل هذا الصدام له تداعيات وكلفة كبيرة في ظلّ وصول العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة إلى مستوى من التدهور لا مثيل لها في علاقات البلدين منذ الحرب العالمية الثانية. لهذا اختارت أنقرة الخيار الثاني ورضخت للضغوط وقبلت بتصنيف «هيئة تحرير الشام» كمنظمةٍ إرهابية، أيّ رفع الغطاء عنها وربما حجب تقدّم الدعم لها في المعركة المقبلة من الجيش السوري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى