معهد الفنون المسرحيّة يتواصل مع سوق العمل أساتذة وطلّاب يرفدون المشهد الثقافيّ الوطنيّ

دمشق ـ لبنى شاكر

يبدو أن الجميع تابع فعاليات الأيام الثقافية 24-27 آذار الفائت ، التي أقامها المعهد لمناسبة يوم المسرح العالمي هذا العام. ومن زاوية أخرى، بعيداً عن توصيف النشاطات، حملنا تساؤلاتنا، أساتذة المعهد وطلابه، حول كيفية مساهمة «الأيام الثقافية» في إقامة جسر يصل المعهد بسوق العمل، وهل نجحت في تعزيز حضور المعهد في المشهد الثقافي السوري؟

يبدو أن الاتجاه الأكاديمي للفعالية بمختلف عروضها، وقلة نشاطات المعهد على مدار العام عامة، لم يسمحا ولو جزئياً بالامتداد ثقافياً خارج إطار المعهد، فقد أقيمت الفعالية بحسب المشرف عليها فؤاد حسن «لتكون احتفالاً مختلفاً في يوم المسرح العالمي، لكن يا للأسف، لا يتوافر الزخم الذي رافقها بقية العام، لذا اعتاد التذكير دائماً بضرورة العمل والتحضير لهذه المناسبة، على نحو متواصل، حتى موعد نظيرتها العام المقبل». ومع ذلك، حاولت بعض الفعاليات أن تتواصل مع الجمهور، لمعرفة رأيه، وتعريفه بتخصصات أخرى في المعهد من شأنها أن تخدم الطالب مستقبلاً. مثلاً قدّم المخرج وسام تلحوق مع مجموعة من الطلاب قراءات من نص مسرحي للكاتب السويسري أوليفر شيشيار، عنوانه «إثبات العكس»، وهي «نسخة أولى من العمل، الذي يقدم لاحقاً عرضاً مسرحياً متكاملاً، لاستبيان آراء المتخصصين كأساتذة المعهد وطلابه. والفرصة متاحة للجميع، إذ أمكن لأي شخص أن يرسل رأيه على بريد إلكتروني مخصص لهذه الغاية، وهي طريقة للتواصل مع الجمهور، علماً أن شروط تقديم العمل ستختلف في ما لو كان مقدماً على مسارح أخرى» بحسب تلحوق.

ميرال ديراكليان، أستاذة الأزياء في المعهد، قدمت كذلك مع مجموعة من الطلاب عرضاً لتصنيع أزياء من المهملات، وهي المرة الأولى يدرّس فيها هذا الاختصاص في المعهد. وتوضح ديراكليان: «ليس المطلوب أن يكون الطالب خياطاً، إنما يمكنه تصميم زيّ لممثل من دون مساعدة خياط، وعلى نحو غير مكلففي ظل ما يقال دوماً عن قلة الدعم الذي تعانيه أغلبية العروض المسرحية، ما يساعد الطلاب مستقبلاً ليبدعوا بأي قطعة قماش، كما لو كانت لوحة. إنه فن في حد ذاته، ويجب أن يطور الطالب نفسه بالطبع».

نشاط المعهد جزء من نشاط ثقافي أوسع، ولطالما كان مغيباً لمصلحة العروض المسرحية التي تحظى بالدعم والدعاية. توضح الدكتورة ميسون علي، أستاذة المسرح الحديث والمعاصر ورئيسة قسم الدراسات المسرحية: «إن ما يقدمه المعهد من فعاليات يُبرز خصوصية كل قسم من الأقسام، ولا يمكن أن ينفصل عن المشهد الثقافي والمسرحي في سورية عامة إن الفعاليات المتنوعة التي قدمت في فعالية يوم المسرح العالمي من عروض مسرحية ومعارض وورش في السينوغرافيا والأزياء والماكياج وعروض الرقص المعاصر، فضلاً عن الأمسيات والقراءات المسرحية، وهي نوع من العروض الأدائية قدمها طلاب قسم الدراسات المسرحية قارئين أربعة نصوص كتبها الطلاب وقدموها بأنفسهم أمام الجمهور… تلك الأنشطة كلها تتيح أن يختبر الطلاب من خلالها أدواتهم في الكتابة كي يطوروها بالعلاقة مع الجمهور. وما سبق ذكره يتكامل في مجمله مع ما يقدم في المسارح السورية ودار الأوبرا والمراكز الثقافية، ويبرز العلاقة الوثيقة بين المعهد كمؤسسة أكاديمية وما يقدمه من أنشطة، والمؤسسات الثقافية الأخرى. ما يقدمه المعهد إذن لا ينفصل عن المشهد الثقافي السوري، إنما وهذا الأهم – يرفد هذا المشهد بالخبرات المهمة من خلال أساتذته وخريجيه، وبكل ما هو جديد ومتنوع ومختلف، ما يجعل الثقافة والفن المسرحي خاصة في حال من التنظير والتطوير المُستمرين».

في الموضوع ذاته، يقول الفنان سامر عمران، عميد المعهد: «المعهد أكاديمية تعليمية لكن لا انفتاح على العالم الخارجي ليعرف الآخرون ماذا يجري فيه. هناك كمّ من العمل والجهد من قبل أقسام المعهد، عبر جنود مجهولين، وهناك حق ثقافي ليس لهم فحسب، إنما للبلاد كلها ليكون عملهم مرئياً«.ومع ذلك يجب ألا ننسى، بحسب عمران «أن المعهد مؤسسة تعليمية وليست إنتاجية، فعروضه علمية وأكاديمية، ولو استطعنا مدّ جسر بين المعرفة والتجربة المحترفة فهذا خير ما يمكن فعله مستقبلاً، أما ما يجب أن يكون فيفترض بالمهتمين بصناعة الفن أن يتابعوا طلاب المعهد منذ دخولهم إليه حتى تخرجهم». يتابع عمران: «مهمتنا الجوهرية علمية، تبدأ من قبول الطالب صاحب المقومات التي تؤهله ليكون محترفاً وإخضاعه لمطبخ علمي أكاديمي فكري، فني وثقافي ليتخرج محترفاً في اختصاصه، ويفترض بالمؤسسات الإنتاجية أن تتلقفه وتدعمه وتعطيه فرص العمل. إذا استطعنا أن نتعاون معهم لبناء هذا الجسر فهو جزء من مسؤوليتنا، ولا مانع من أن نسوق لطلابنا وفنانينا«.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى