موسكو ودمشق ترحّبان بالانسحابات في إدلب وتؤكدان أنّ الجيش السوري سيدخل المنطقة جنبلاط يقود حلفاءه نحو قبول التسويات والتوقف عن رفع السقوف… والقوات تتشدّد

كتب المحرّر السياسيّ

شكل رفض صحف عالمية كبرى نشر الرواية السعودية لقضية اختفاء جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، رغم المبالغ الطائلة التي عرضت لقاء حملة ترويجية لتسويق الرواية، تعبيراً عن حجم ما تواجهه السعودية في الغرب سواء مع قوى الرأي العام أو المنظمات الحقوقية، وبعض البرلمانات والحكومات، خصوصاً بعدما شهدت الصحيفتان الأهم في أميركا نيويورك تايمز والواشنطن بوست، نشر تعليقات ومقالات وتحليلات، وتقارير من مصادر خاصة، تدور كلها حول اتهام مباشر لولي العهد السعودي بالتورط في قتل خاشقجي.

في المشهد الإقليمي عاد الحدث السوري للتصدر مع توالي الأنباء من محافظة إدلب حول بدء الجماعات المسلحة التابعة لتركيا بسحب أسلحتها الثقيلة من جهة، وإعلان جبهة النصرة عن التزامها بما طلبته السلطات التركية منها، بينما سجلت احتجاجات في أوساط المتشدّدين الشيشان والتركستان والإيغور على قرار النصرة، وسجلت تحركات عسكرية للتمرّد على القرار بين هذه الجماعات، وسط مراقبة على مدار الساعة للمجريات من قبل سلاح الجو الروسي، تمهيداً لرسم الخطوة التالية، بالتنسيق مع كل من تركيا وسورية.

في موسكو ودمشق ترافق الترحيب ببدء تطبيق تفاهمات سوتشي مع حزم في التعاطي مع كل من يرفض الالتزام بموجبات التفاهم، والجهوزية للعمل العسكري عندما يقتضي الأمر ذلك، بينما كانت دمشق وموسكو تؤكدان أن صيغة المنطقة المنزوعة السلاح هي صيغة مؤقتة سيعقبها حكماً دخول الجيش السوري إليها، تجسيداً لمفهوم وحدة الأراضي السورية وعدم المساومة على السيادة السورية عليها.

لبنانياً، بقي الغموض محيطاً بمصير وعد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري بولادة الحكومة الجديدة خلال أسبوع، بعدما انقضت ثلاثة أيام من مهلة الأيام العشرة التي حدّدها كسقف لهذه الولادة، فأوساط الرئيس الحريري تؤكد أن تفاؤله مبني على وقائع وليست مجرّد تمنيات، وأن كلام رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل لا يتوافق مع ما سمعه الحريري من رئيس الجمهورية ميشال عون، بينما قالت مصادر القوات اللبنانية إن التيار الوطني الحرّ نصب فخاً لإفشال الحريري بتوزيع الأدوار بين مواقف رئيس الجمهورية ورئيس التيار.

وحده رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بدا كمن يصبّ الماء البارد على رؤوس حلفائه الحامية، داعياً للتنازل للوطن وقبول التسويات، بعدما أشار أول أمس، إلى إيجابية في كلام رئيس التيار الوطني الحر، ما دعا مصادر معنية بمفاوضات تشكيل الحكومة إلى توقع تقدم حلحلة العقدة الدرزية على العقدة المسيحية، بحيث ينهي جنبلاط مشكلته مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بعدما تحمّل لشهور تغطية موقف القوات اللبنانية المتشدّد، وصار واضحاً أمامه أن الحلحلة آتية، لأن الرهانات على متغيّرات في غير مكانها، وهو لا يريد أن يكون آخر المتنازلين، لأنه دائماً يسعى ليفادي أن يدفع الثمن الأكبر.

بدأت الأمور تتبلور حكومياً مع الحديث داخل أروقة الدوائر المعنية بالتأليف أن العقدتين المسيحية والدرزية في إطار الحل. وتشير المعلومات إلى أن الرئيس المكلف سعد الحريري لا يزال متمسكاً بالصيغة التي طرحها أمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعيداً عن المعايير التي طرحها رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في مؤتمره الصحافي يوم الجمعة الماضي.

ولفتت المعلومات الى ان الحريري يرى ان على جميع المكوّنات تقديم التنازلات من اجل التسريع في التأليف.

وإذ رفضت مصادر تيار المستقبل في حديث لـ»البناء» الإفصاح عن مصادر وحيثيات الأجواء الإيجابية كي لا تتعرّض لأي إحباط، لفتت المصادر الى ان العقدة المسيحية لم تحل، لا سيما أن الأجواء التي اشاعها الوزير جبران باسيل لم تعكس تفاؤلاً على حل العقدة القواتية العونية، معتبرة أن تفاؤل الرئيس الحريري من ان الحكومة سوف تتألف خلال عشرة ايام نابع من لقاء بعبدا الذي جمعه برئيس الجمهورية، بيد أن باسيل ذهب في اليوم التالي ليدلي بكلام آخر. ولذلك يبدو، وفق المصادر نفسها، ان ما يجري لا يعدو كونه إما ان باسيل لا يتجاوب مع الرئيس عون، او ان رئيس الجمهورية ترك الملف الحكومي لوزير الخارجية. وختمت المصادر قائلة حتى الساعة لم تركب تشكيلة قد يوقعها الرئيس عون في النهاية.

في موازاة ذلك، اشارت مصادر مطلعة في 8 آذار الى ان الأجواء الحكومية لا تزال تدور في دائرة التفاؤل، عازية السبب الى لقاء رئيس الجمهورية بالرئيس المكلف وما تمخض عنه، بعيداً عما أدلى به وزير الخارجية، مشيرة الى أن الحكومة قد تولد خلال عشرة ايام.

ويأتي ذلك مع تأكيد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، في احتفال تأبيني في النبطية، «أن الذي يعوق تشكيل حكومتنا ويعتقل حكومتنا كان قد مارس اعتقالاً لرئيس حكومتنا من قبل». وسأل: «الآن، ما المصلحة في الصبر على هذا الأمر؟ ما المصلحة في أن نترك الأمور تجري على هدأتها؟ يجب أن نصرخ ونقول لا بدّ من تشكيل حكومة، وحكومتنا يجب ان تتشكّل بإرادة شعبنا الوطنية وإرادة قواه السياسية. كيف نأمن أن تحفظ سيادتنا ونحن لا نستطيع ان نشكل حكومتنا، إلا إذا رفع الفيتو من يعطل تشكيل حكومتنا من الخارج؟ واذا لم نستطع الوقوف بوجه هذه المسألة، فكيف سنحفظ سيادتنا في ما بعد؟».

وأضاف «على اللبنانيين تعطيل كل العوائق والمعوقات ومَن يعتقل الحكومة من الأطراف الخارجية».

وفيما علم ان وفداً من اللقاء الديمقراطي برئاسة النائب تيمور جنبلاط سيزور الرئيس نبيه بري اليوم للبحث في الملف الحكومي، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على حسابه عبر تويتر قائلاً: «كفى بناء قصور من ورق. إن الظروف لا تسمح بهذا الترف وعداد الدين يزداد في كلّ لحظة نتيجة الهدر والفساد وتراكم الدين والصرف العشوائي».

وأضاف: «ما من أحد أو مؤتمر لينقذنا. التسوية ضرورية ولا عيب في التنازل من أجل الوطن».

وردّ النائب جميل السيّد على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي أكّد أنّ «التسوية ضرورية ولا عيب في التنازل من أجل الوطن». وقال السيّد في تغريدة على حسابه عبر تويتر: «جنبلاط: التسوية الحكومية ضرورية ويجب التنازل للوطن! كان قبلها رافضاً لأيّ تنازل، شو صار؟!». وأضاف: «جنبلاط ساير التمنيات السعودية برفع السعر مع جعجع لتأخير الحكومة بانتظار تطورات سلبية تطال إيران وسورية! هو قارئ جيد، منذ أسبوعين لليوم تأكّد له أنّ الموقف على عكس التوقّعات، عسى أن يفهم جعجع».

وفيما حكي عن مسعى مصري يُضاف الى المسعى الفرنسي من أجل الإسراع في تأليف الحكومة بالتوازي مع قوة دفع عربية وغربية للمعنيين في لبنان، لضرورة تشكيل حكومة في أسرع وقت، التقى السفير المصري نزيه النجاري الرئيس نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري، مشيراً الى اهتمام القاهرة بتشكيل الحكومة، حفظاً للبنان واستقراره، معرباً عن دعم مصر له في سعيه إلى إنجاز مهمته في أسرع وقت ممكن، بما يحفظ استقرار البلاد ويُسهم في حفظ استقرار المنطقة العربية ككل.

أبي خليل و«سيمنز»

من ناحية أخرى، وبعد التباين الذي حصل حول تلقّي الدولة اللبنانيّة عرضاً من شركة «سيمنز» أثناء الزيارة التي قامت بها المستشارة الألمانية الى لبنان انجيلا ميركل، وتأكيد وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل منذ أيام أنّ العرض لم يقدّم بشكل رسمي، زار وفد من شركة سيمنز بيروت أمس، حيث التقى أبي خليل، وبحث الجانبان واقع قطاع الطاقة في لبنان.

وأعلن أبي خليل انّ «الاجتماع كان إيجابياً وهدفه توضيح وإزالة كلّ الالتباسات التي حصلت وراء الإشاعات عن عروض قدّمت».

أشار الى انّ «سيمنز» قدّمت مقاربة لتحديث النظام اللبناني عبر القطاعات الفرعية من الإنتاج الى النقل والتوزيع والجباية والوزارة، «واتفقنا على التعاون من خلال الأطر القانونية والإدارية المعمول بها في الدولة اللبنانية لتطوير هذه الأفكار».

وأكد المدير التنفيذي للشرق الأوسط في «سيمنز»، بدوره، أنّ الاجتماع كان إيجابياً، رافضاً «الكشف عن أيّ شيء حالياً». وأبدى تطلعه الى التعاون مع وزارة الطاقة والدولة اللبنانية لبناء نظام طاقة فعّال على المدى المتوسط والبعيد.

الى ذلك يواصل الوزراء اللبنانيون زيارتهم الى الدول العربية لتسليم رؤسائها الدعوات للمشاركة في القمة العربية التنموية – الاقتصادية والاجتماعية التي تنعقد دورتُها الرابعة في بيروت في كانون الثاني المقبل. وفي السياق زار الوزير جبران باسيل الكويت موفداً من رئيس الجمهورية، حيث سلّم أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح دعوة للمشاركة في القمة التي ستعقد في 19 و20 من كانون الثاني المقبل في بيروت. غرّد باسيل بعد اللقاء قائلاً «ما أكثر أوجه الشبه بين بلدينا، والحق يُقال إنّ الكويت وقفت دائماً الى جانب لبنان أعطته من دون مقابل واستثمار سياسي، ولن يستطيع أحد المسّ بهذه المحبة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى