منصوري ممثلاً خليل: السيادة تحتم رسم استراتيجية وطنية مالية واقتصادية طربيه: قانون رفع السرية المصرفية اعتمد مبدأ التبعية الاقتصادية
أكّد وسام منصوري أنّ «السيادة الوطنية تحتم رسم استراتيجية وطنية مالية واقتصادية، وقيام تشريع لبناني يحمي نظام لبنان المصرفي ويضمن أكثر من أي يوم مضى حصانته»، مشيراً إلى سيادة لبنان على قطاعاته، لا أن تترك المصارف تتعاطى فرادى مع القوانين المفروضة عليه من الخارج».
كلام منصوري جاء خلال تمثيله وزير المال علي حسن خليل، أمس، في افتتاح «منتدى تشريعات الامتثال والنظم المصرفية الدولية – الأطر القانونية والانعكاسات على الاقتصاد وعلى بيئة الاعمال في لبنان»، في بيت المحامي، والذي نظّمته لجنة الدراسات والشؤون المصرفية في نقابة المحامين في بيروت، وبرعاية نقيب المحامين في بيروت جورج جريج، ووزير الإعلام رمزي جريج، ورئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزيف طربيه، وحشد واسع من النقباء، والمحامين، والقضاة.
ولفت منصوري إلى أنّ «نجاح المصارف اللبنانية في إدارة التعامل مع مكافحة تبييض الأموال، وقوانين محاربة الإرهاب، وتجاوزها للأزمات المالية العالمية، وحماية الدولة اللبنانية ومؤسساتها من تداعيات الأزمات المتكررة، وذلك من خلال آليات تنتهجها السلطات النقدية المتمثلة بحاكمية مصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق وغيرها، هو نجاح نحرص عليه».
وأضاف: «يجب أن يتابع هذا النجاح من قبل مؤسساتنا الرسمية بما يضمن الحفاظ على مكانة ودور القطاع المصرفي الرائد في المنطقة ككل، ويتجلى هذا النهوض في إدارته حالياً أصولاً تزيد على 170 مليار دولار، أي ما يوازي ثلاثة أضعاف ونصف ضعف الناتج المحلي».
جريج
من جهته، أشار الوزير جريج إلى أنّ «إلمام الحقوقيين بالتشريع الداخلي في الحقل المصرفي لم يعد كافياً في الزمن الحاضر»، لافتاً إلى أنّ «العمل المصرفي لا يمكن حصره داخل الدولة التي يتم فيها، بل يمتد في آثاره وآلياته خارج تلك الدولة»، إضافة إلى أنّّ «الأوضاع الناشئة عن تنامي الجرائم المالية، حمل الكثير من الدول على اعتماد تشريعات داخلية تحميها من ذلك»، مشيراً في هذا السياق إلى «التشريعات الدولية والاتفاقات المتعلقة بتبادل المعلومات». وأضاف: «إزاء هذين الاعتبارين لم يكن للبنان سوى مواكبة هذا الاتجاه الدولي حفاظاً على سمعة قطاعه المصرفي، الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد فيه».
طربيه
أما طربيه، فلفت إلى أنّ «العالم تغير خلال العشرين سنة الماضية تغيراً عميقاً، كما تغيرت القواعد التي ترعى الكثير من العلاقات الدولية، من قانونية، واقتصادية، وسياسية، ومصرفية»، مشيراً إلى أنّ «المصارف في لبنان، ستطلب من عملائها التوقيع على كتاب رفع السرية المصرفية لصالح مصلحة الضريبة الأميركية، من أجل الإبلاغ عن إسم صاحب الحساب، وعنوانه، ورصيد الحساب وأنصبة الأرباح والفوائد العائدة له. وفي حال الرفض، سيقفل المصرف حساب العميل تجنباً لأي تعقيدات قانونية تلحق بالمصرف». وأضاف: «بغض النظر عن الأهداف التي يسعى قانون FATCA إلى تحقيقها، فإنّه يطرح تحديات أمام بلدان كثيرة ومنها لبنان، إن لجهة التدريب المستمر للموارد البشرية، أو لجهة احترام الالتزامات التي تفرضها القوانين الضريبية المحلية، والاتفاقات الدولية، ومسائل الازدواج الضريبي، وغيرها».
ورأى أنّ «هذا لا يعني أنّ لبنان قد أكمل كلّ متطلبات الامتثال لما هو مطلوب دولياً، اذ لم يبت المجلس النيابي حتى الآن بثلاثة مشاريع قوانين مطلوبة دولياً، أحالتها الحكومة اللبنانية في منتصف آذار 2012 إليه». وأكد «انّ لبنان يسير خطوات متدرجة نحو الامتثال للنظام المالي الدولي، الذي لا يقاوم، وقد نجح حتى الآن، في التوفيق بين الحفاظ على نظام السرية المصرفية، وخلق آليات قانونية ترفع هذه السرية عند وجود حالات تبييض أموال».
وأوضح «أنّ القانون اعتمد مبدأ التبعية الاقتصادية لا التبعية السياسية في تحديد المشمولين بأحكامه. وأنّ الشرط الأساسي لاعتبار الأرباح قد تحققت في لبنان، هو حصولها من جراء جهد أو نشاط بذل فيه، وذلك من دون التوقف عند تحديد موضوع جنسية المكلف أو إقامته، اذ يكتفي بوجود النشاط. ولا يشترط وجود المؤسسة نفسها أو وجود المكلف على الأراضي اللبنانية، كما أنه في المقابل، لا يخضع للضريبة في لبنان، المقيمون فيه، عن أرباحهم التي تحققت في الخارج».
كما أكد «أنّ النظام الضريبي اللبناني يراعي خصوصية لبنان كبلد اغتراب ينتشر مواطنوه في أرجاء العالم كافة ويخضعون من حيث المبدأ للضرائب في بلدان عملهم وإقامتهم».
نقيب المحامين
أما نقيب المحامين جورج جريج، فأشار إلى أنّه «لو عرفنا الامتثال لما أصابنا ما أصابنا»، مضيفاً: «كيف سيطاع القانون الأجنبي قبل احترام القانون الوضعي، ومن دون أن أدخل في نظريات القانون الدولي الخاص، أقول: أيها اللبناني، إن دولتك خائرة تعرف المحسوبيات وتنهكها المحاصصات، وتنهش جسمها الوساطات، غير قادرة عليك، فاقتدر أنت وساعدها وقم بالواجب وادفع ما عليك رسماً وضريبة، وغرامات». وتابع: «أما دول الآخرين فهي قادرة على تحصيل حقوقها مباشرة من جيوب مكلفيها أينما حلوا، وإلا بواسطة المصارف والمؤسسات المالية، وإلا بواسطة مصرف لبنان، وإلا بواسطة الدولة، نعم الدولة التي لا تحصل حقوقها وتتحول إلى أجيرة لتحصيل حقوق غيرها من الدول»، لافتاً إلى «أنّني لا أعارض قانون FATCA، بل أقول هذا لأدعو دولتي إلى أن تحذو حذو دول الكبار، وبدلاً من التهويل من بعيد، «اكسري رجلها»، رجل كل من يمد يده إلى مال الدولة، وكل من تسول له نفسه إخفاء دفاتره الحقيقية هرباً من ضريبة محقة، وإلا لماذا استقدمت يا دولتي كل هذا الجيش من الموظفين في المالية والضريبة على القيمة المضافة وسائر الدوائر؟».
وأشار المحامي بول مرقص إلى أنّ «لجنة الدراسات والشؤون المصرفية تعمل من جهة على إعداد الدراسات في القانون المصرفي، ومن جهة أخرى على وضع أسس متطورة لدعم وتصويب العلاقة بين المحامين والمصارف والمؤسسات المالية».
وأضاف: «في البعد الداخلي من العلاقة بين المحامين والمصارف وسائر مؤسسات القطاع العام والخاص، أي حينما يكون المحامي مستشاراً لهذه المؤسسات، قام سعادة النقيب بمؤازرة من اللجنة بتاريخ 2014/8/1 بالتعميم على مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وجميع المصارف العاملة في لبنان بما أدى إلى إيضاح أسس العلاقة التي تربط المحامي بهذه الإدارات والمؤسسات حفظاً لاستقلالية المحامي الذي لا يمكن أن يخضع لدوام في المصرف أو المؤسسة التي يعمل لمصلحتها أو أن يتحمل فيها مسؤولية إدارية مع استفادته من التقديمات التي توفرها هذه المؤسسات».
وأعلن «أنّ لجنة الشؤون المصرفية المؤلفة من محامين مستشارين لمصارف ومؤسسات مالية، ولإدراكها الأهمية المتنامية للامتثال في هذه المؤسسات، سواء لدواعي مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب أو بغية الالتزام الضريبي كمتطلبات تطبيق قانون «فاتكا»، قررت أن يكون الامتثال عنوان منتداها الأول، ليس لأنّ هذه المواضيع مستجدة وتستهوي البحث فحسب، بل لأنّ هذه المواضيع هي أولاً وأخيراً مواضيع قانونية وجزائية قبل أن تكون مصرفية».
ورأى منسق لجنة الدراسات والشؤون المصرفية في نقابة المحامين محمد عطية، أنّ تشريع «فاتكا» او قانون «الامتثال الضريبي الأميركي» يناقض مبدأ اقليمية القوانين ويشكل انتهاكاً لسيادة الدولة بإخضاع مواطنيها لنظام ضرائب دولة اخرى حتى لو تنازلوا عن الجنسية الأميركية».