هل يمكن للسعودية الهروب «دبلوماسياً» من حادثة خاشقجي؟
بدأت الصحافية إرين هاندلي مقالها المنشور على موقع «ABC»، بأنّ جمال خاشقجي صحافي في «واشنطن بوست» وجريدة الوطن ، وهو معروف بانتقاداته للسلطات السعودية والأمير الحاكم محمد بن سلمان، ترك وطنه الأمّ السعودية قبل عامٍ للعيش في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة الأميركية.
وتذكر الكاتبة أنّه خلال زيارة جمال لتركيا، ومراجعته للقنصلية السعودية في اسطنبول لاستخراج أوراق مطلوبة لاستكمال زواجه، لم يظهر جمال بعد دخوله للقنصلية، وكما يُنشر أنّ خاشقجي قُتل في قنصلية بلاده، وتذكر الكاتبة أنّ ما يلي في التقرير هو ما تحتاج معرفته بالنسبة لقضية خاشقجي.
قصة قصيرة جداً…
تذكر الكاتبة أنّ بعض أصدقاء خاشقجي يذكرون أنّه ذهب للقنصلية الثلاثاء الماضي لاستخراج مستندات يحتاجها لإتمام زواجه من خطيبته التركية، خديجة جينجيز، وقالت السيدة خديجة: إنّها انتظرت لساعات، ولكنّ خاشقجي لم يخرج من القنصلية.
وتقول الكاتبة: إنّه وفقاً لموقع «واشنطن بوست»، فإنّ السيدة جنجيز قالت: «خاشقجي كان قلقاً أنّهم لم يسمحوا له بالرحيل، وقبل دخوله للقنصلية، أعطاني رقمه ومَدّني بالتعليمات بالاتصال بمسؤولٍ تركي في حال لم يعد»، وذكرت الكاتبة أنّ صديقه توران كيسلاكجي قال: «أخبرني المسؤولون الأتراك أنّ خاشقجي قُتل بطريقة بربرية».
ما الذي يقوله الأتراك والسعوديون؟
تُخبر الكاتبة أنّ المسؤولين الأتراك لديهم أدلة قويّة على أنّ خاشقجي قُتل وأنّ جثته أُزيلت، ولكنّهم لم يعرضوا الأدلة بعد، ويدّعون أيضاً أنّه عُذّب، وقتل وقطع لأجزاء صغيرة.
تذكر الكاتبة أيضاً أنّ تركيا صرحّت أنّ هنالك 15 سعودياً وصلوا إلى القنصلية الثلاثاء الماضي، وتعتقد تركيا أنّهم متورّطون في قضية اختفاء خاشقجي، وأنّهم عادوا إلى الرياض في نفس اليوم.
وصرّحت المملكة العربية السعودية أنّ الاتهامات لا يوجد أساس لها، وتدّعي أنّ خاشقجي غادر القنصلية بعد فترة قصيرة من وصوله، وتُخبر الكاتبة أنّ القنصل العام السعودي محمد العتيبي ذكر أنّ المسؤولين السعوديين كانوا يبحثون عن الصحافي خاشقجي، وقاموا بجولة في القنصلية مع مراسلي «رويترز» لإثبات أنّ خاشقجي لم يكن هناك.
ووفقاً لوزارة الخارجية التركية فإنّ السعودية دعت الآن الخبراء الأتراك والمسؤولين ذوي الصلة زيارة القنصلية.
تشير الكاتبة إلى لى أنّ مسألة البحث في المباني دبلوماسية نادرة جداً، ووفقاً للقانون الدولي، فأراضي السفارات أو القنصليات تحت سيادة الدولة المُستضافة، ولا يوجد سيادة للدولة المضيفة.
هل ينجح شارلوك التركي
على مسرح الجريمة؟
تسهب الكاتبة أنّ صور كاميرات المراقبة أظهرت دخول خاشقجي القنصلية في نفس اليوم الذي اختفى به، وحصلت صحيفة واشنطن بوست على إحدى صور كاميرات المراقبة التي سُرّبت من أحد الأشخاص، والذي كان قريباً من مكان التحقيق.
وفي الوقت نفسه، تحاول السلطات التركية تجميع اللقطات المصوّرة لكاميرات الطريق السريع، متتبّعين سيارة «فان» سوداء، يشكون أنّها حملت جسد خاشقجي خارج القنصلية، خرجت سيارة الفان التي تحمل لوحة دبلوماسية في موكب بعد ساعتين من دخول خاشقجي إلى القنصلية، وتظهر المقاطع المصوّرة عملية تحميل صناديق في سيارة فان.
تذكر الكاتبة أنّه في حين أنّ المسؤولين الأتراك سيتمكّنون من الدخول إلى القنصلية، فمن المحتمل أنّ الأدلة قد تكون اختفت منذ فترة بعيدة، يذكر الخبير في مكتب التحقيقات الفيدرالية مارتن ريردون: «موظفو السفارة أو القنصلية لديهم الكثير من الوقت لإخفاء أيّ دليل محتمل للجريمة، ولو كان هناك جريمة، فبالتأكيد سيقومون بمسح الأدلة».
ويضيف ريردون: «التفتيش المحترف على مسرح الجريمة غالباً يُظهر أدلة يسهو عنها مرتكبو الجريمة، قد تكون قطعة صغيرة من الحمض النووي، أو شعر أو الألياف، أو أيّ شيء يمكن ربطه بالضحية».
القانون الدولي حاضرٌ في القضية..
تذكر الكاتبة أنّ القنصلية السعودية تقع في الأراضي التركية، ولكنّ القانون الدولي يعتبر القنصلية أراضي مُحرمّة من قبل الدولة الأخرى، هذا يعني أنّ الشــرطة التركــية لا تستطــيع دخــول القنصلية وتفتيشها من دون الحصول على إذنٍ من السلطات السعودية، والتي للتوّ منحتها السلطات السعودية للشرطة التركية.
وتنقل الكاتبة عن آنّ بين سول، بروفيسور القانون الدولي في جامعة سيدني، قوله: «لا يمكن للدولة المُستضيفة التدخل في اتصالات القنصلية، ومن الممكن أنّ تعتبر الصناديق المُحملة في الفان حقائب دبلوماسية».
نظرياً فمن المحتمل تهريب السلع والتي من الممكن أن تكون أجساداً خارج البلاد، وإذا وقعت جريمة ما، فمن غير الممكن محاسبة أيّ شخص لأنّ الحصانة الدبلوماسية قد تُغطي الأشخاص المتورّطين في جريمة قتل مزعومة.
يقول البروفيسور سول: «يحصل الدبلوماسيون على حصانة كاملة من أيّ محاكامات جنائية، فإذا كان سفير متورّط في حادثة قتل، لا يمكن الاقتراب منه».
ولكنّ مسؤولي القنصلية ليسوا محميّين من المحاكمة الجنائية إثر ارتكاب جرائم خطيرة كالقتل، والتي من الممكن لأسرة خاشقجي رفع دعوى مدنية إذا رغبوا في ذلك.