صدفة «طرابلس في خدمة التمديد» وشعب لبنان نسخة عن برلمانه

روزانا رمّال

للمرة الثانية مدّد مجلس النواب اللبناني لنفسه بأغلبية 95 صوتاً من أصل 97 حتى 20 حزيران العام 2017…

بعض من رفض التمديد في المبدأ ككتلة «القوات اللبنانية» جاءتهم حماسة إنقاذ البلاد فجاة، وذلك بعد ليلة واحدة من خطاب لرئيس «القوات» يشدّد فيه على رفض التمديد، وكانت قد سبقته عدة مواقف مشابهة له… فماذا حصل؟

ليست «القوات اللبنانية» وحدها موضع النقد او الشك او التحليل في ما جرى، لكن الحديث عنها في المقدمة ينتج عما كان مفترضاً أو منتظراً انّ الميثاقية تحتاج الى التمثيل المسيحي و انه كان بمقدور «القوات اللبنانية» ان لا تحضر وبهذا تسحب حجة الميثاقية وتمنع التمديد وتنسجم مع خطاباتها.

حضور «القوات» والتصويت هو ترجمة لنوايا حليفها تيار المستقبل الذي تمنى عليها ان لا تعطل… هل حصل هذا؟

اذا كان تيار المستقبل لا يريد خوض غمار انتخابات نيابية جديدة بسبب الأوضاع الأمنية في لبنان، فإنّ هذا يأخذ الى تساؤلات كثيرة أبرزها لماذا استطاعت بلدان كالعراق وافغانستان إذا استثنينا الانتخابات الرئاسية السورية التي يزعج ذكرها تيار المستقبل من إجراء انتخابات بين برلماني او رئاسي في ظروف أسوا بكثير من ظرف لبنان، باعتبار ان الأوضاع الأمنية في بلادهم متدهورة الى اجل غير مسمى؟ لماذا لم يحصل تمديد للمجلس النيابي العراقي مثلاً، ولماذا لم يبق المالكي رئيساً للحكومة…؟

الم تكن التفجيرات المتنقلة التي لم تتوقف ليوم واحد في العراق موجودة؟ الم تكن الاشتباكات مع خلايا الارهاب قائمة؟

اذا كان العراق يخضع لأجندة اقليمية فرضت عليه الانتخابات هل يمكن القول انّ هناك اجندة اقليمية فرضت على لبنان عدم إجرائها؟

الملفت انّ احداث طرابلس وكأنها أتت خدمة للتمديد في التوقيت والإجراءات، وانّ الخلايا الإرهابية استنفرت وخاضت معارك شرسة مع الجيش، وحصلت خيانات بين تلك المجموعات وحالات من التخلي عنهم من قبل داعميهم من أبناء البلد، وكسب الجيش بدمائه المعركة وهدأت طرابلس، وحصل التمديد الذي أصبح بالنسبة إلى البنانيين أكثر منطقياً بعد المعركة التي أكدت لهم انّ الاوضاع الامنية فعلا لا تسمح… و رب صدفة خير من إلف ميعاد…

في الواقع وحده تيار المستقبل أشدّ الرافضين لإجراء الانتخابات المتضرر الوحيد منها فيما لو حصلت خصوصاً بعد الأحداث في سورية وما حكي عن تورّط بعض أفراد التيار بعدة جوانب من التدخل بمعنى آخر هناك بعض التغيير بالمزاج الشعبي بخصوص بعضهم فيه.

اللافت انّ حزب الله دائم الجهوزية لايّ استحقاق والموافق دائماً على ما تتفق عليه أغلبية اللبنانيين، كما يقول، وافق على التمديد فوراً، لكن اللافت أكثر أنّ أحداً من الطرف المقابل لم يسجل له للتاريخ انه لأول مرة «لم يعطل» او انه ليس سبباً في التعطيل او الخروج عن الإجماع كما يشيّعون.

التمديد حصل، والكلام اليوم لا يوضع سوى في إطار الأسف من الواقع السياسي اللبناني، والأسف من أغلبية الشعب اللبناني التي أثبتت انها نسخة طبق الأصل عن برلمانه، فهذا الشعب على ما يبدو إما تخدّر وإما تعب من الأزمات السياسية وإما موافق على التمديد بكلّ أشكاله.

وإذا كان التمديد لمجلس النواب قد تمّ مرتين وهو سابقة… فلماذا اذاً انتفض الحريصون على التمديد لرئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان طالما انّ المجلس الحالي أعطي شرعية جديدة لمن تطاولوا على الجيش وحرّضوا عليه وتورّطوا مع خلايا ارهابية؟ ام انّ الفراغ في رئاسة الجمهورية امر طبيعي في لبنان طالما انّ الخطأ يداوى بالخطيئة؟

التمديد حصل، لكن مهلة السنتين وسبعة اشهر المبالغ فيها لماذا؟

هل ينتظر المعترضون على الانتخابات رجوح الكفة الاقليمية لطرف على طرف وتبيان الوضع في سورية لخوض تموضعات جديدة تضمن وصولهم الى السلطة؟

حتى ذلك الحين يبقى المبروك الأكبر لشعب لبنان الذي تحققت رغبته بمجرّد مرور خبر التمديد لديه مروراً عادياً واطمئنانه إلى ان من يمثله في البرلمان يشبه تطلعاته الى حدّ بعيد وبهذا يصبح السجال حول التمديد والاعتراض عليه امراً غير مبرّر.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى