لافروف: مستعدّون للاتصال مع واشنطن عبر كل القنوات الممكنة حول معاهدة الصواريخ باتروشيف وبولتون يبحثان آفاق القضايا الاستراتيجية بين البلدين
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «أن موسكو جاهزة لإجراء اتصالات مع واشنطن عبر كل القنوات الممكنة لتوضيح الوضع حول معاهدة إزالة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى».
وقال لافروف بعد لقائه نظيره المدغشقري، ايلوا دوفو، أمس: «إذا كان بولتون مساعد الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون جاهزاً لتفسير ذلك نية واشنطن الانسحاب من معاهدة إزالة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى فسنستمع إليه وسنقيم الوضع».
وتابع بالقول «إذا كانوا ينوون عمل ذلك باستخدام قنوات أخرى، فإننا أيضاً سنكون جاهزين لهذه الاتصالات وسنحدد موقفنا استناداً لا على نياتهم بل على قراراتهم الملموسة».
وشدد على أن «الولايات المتحدة لم تلجأ بعد إلى استخدام العملية الرسمية للانسحاب من هذه المعاهدة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى «استعداد بلاده لتمديدها».
وفي حديثه حول التعاون الروسي الأميركي في سورية أشار لافروف إلى «عدم جاهزية واشنطن للتعاون الشامل مع موسكو في هذا الموضوع».
وتابع «أن روسيا مستعدة لتعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة للبحث عن الطرق التي تسمح بتسوية الأزمة السورية بشكل أكثر فاعلية».
فيما بحث سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، مع مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون، «التعاون الروسي الأميركي في القضايا الاستراتيجية».
وقال السكرتير الصحافي لمجلس الأمن الروسي يفغيني أنوشين، «تمّ بحث آفاق بناء حوار بين موسكو وواشنطن حول القضايا الاستراتيجية».
وأكد الجانبان «أهمية استمرار الاتصالات على مستوى مجالس الأمن، وكذلك من خلال قنوات الوزارات والإدارات في البلدين بشأن القضايا الأمنية».
كذلك، دحض الكرملين حجج الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للانسحاب من معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، وأكد أن «موسكو لم تنتهك أبداً بنود هذه المعاهدة، على عكس واشنطن التي خرقتها مراراً».
وقال الناطق الرئاسي دميتري بيسكوف، رداً على سؤال بهذا الخصوص: «إن الرئيس بوتين رفض مراراً وتكراراً وبشكل قاطع تماماً، الاتهامات الأميركية ضد روسيا بشأن انتهاكها أحكام هذه المعاهدة، واستشهدنا على مستوى الخبراء، بقيام الولايات المتحدة بخرقها، وتجاوزها قواعد وأحكام المعاهدة، وبتصنيعها ونشرها صواريخ اعتراضية مضادة لا يمكن أن تكون فقط صواريخ اعتراضية، بل وصواريخ قصيرة المدى ومتوسطة المدى. وكذلك باستخدامها طائرات بدون طيار يمكن أن تشكل أكثر من صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى».
وأضاف: «هكذا نحن لا نوافق على أن روسيا هي التي تنتهك هذه المعاهدة، لأن بلادنا كانت ولا زالت ملتزمة بأحكام المعاهدة. نعتقد أن نية الانسحاب من هذه الوثيقة هي مسألة مثيرة للقلق. ومثل هذه الخطوات يمكن أن تجعل العالم أكثر خطورة. لكنني أريد أن أقول إن الوثيقة نفسها توضح إجراءات الانسحاب من الاتفاقية، في حين أن واشنطن لم تقم بعد بتنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في المعاهدة بشأن انسحاب الولايات المتحدة منها ولم تقم باتخاذها».
وعمّا إذا كان هذا الموضوع سيثار في المفاوضات الجارية حالياً في موسكو مع مستشار الأمن الأميركي جون بولتون، أجاب بيسكوف قائلاً: «سيتم بحث هذا الموضوع بالتأكيد، نحتاج إلى شرح من الجانب الأميركي، إنها مسألة استراتيجية أمنية هامة. مثل هذه النيات يمكن أن تجعل العالم أكثر خطورة».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان تصريح ترامب يعطي دلالة سلبية لعدم تجديد المعاهدة؟ أجاب بيسكوف: «الاستدلال ممكن، ولكن بالكاد مناسب. نحن بحاجة إلى خطوات ملموسة من واشنطن. لقد تم التعبير عن النية، ولكن هذا لم يدعم باتخاذ الإجراءات الضرورية».
حول ما إذا كانت روسيا سعيدة ببيان ترامب، خاصة وأن بوتين تحدّث عن «تنامي الرغبة في الخروج من هذه المعاهدة، وتطوير إمكاناته؟»، قال بيسكوف: «لقد قلت مراراً وتكراراً إن الولايات المتحدة تقوم بحكم الأمر الواقع بإجراءات لانتهاك المعاهدة، لكن بوتين كان دائماً يقول إن تدمير هذه الوثيقة سيضر بالأمن العالمي».
وحول ما إذا كان هذا من بقايا الحرب الباردة، رد بيسكوف: «كانت هناك ولا تزال مشكلات حول هذه المعاهدة»، مضيفاً: «هناك دول كثيرة في آسيا ومناطق أخرى تقوم بتطوير الأنظمة المماثلة التي يمكن اعتبارها صواريخ متوسطة وقصيرة المدى. لكن روسيا والولايات المتحدة هما الدولتان اللتان تتحملان مسؤولية الاستقرار ومسؤولية الأمن في العالم».
بدوره، حذر السيناتور الأميركي، روبرت مينيندس، من «زيادة عزلة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، حال انسحابها من المعاهدة الروسية الأميركية بشأن الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى».
وقال السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيو جيرسي، في بيان، أول أمس، «إن الانسحاب من هذه المعاهدة، في غياب استراتيجية شاملة لاحتواء النتائج الاستراتيجية لهذا القرار ، ومن دون إجراء مشاورات مع الكونغرس أو مع حلفائنا، يهدد المصالح البعيدة المدى للولايات المتحدة في ما يخص أمنها القومي».
وانتقد مينيندس إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، السبت، عن عزمه الانسحاب من المعاهدة، بزعم أن روسيا والصين «تنتهكانها».
واعتبر أن «رئيس الدولة، بدلاً من العمل في إطار هذه المعاهدة على الدفاع عن أمن الولايات المتحدة وحلفائها على أتمّ وجه، يُعطي الانتصار السياسي لـ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويزيد من عزلة الولايات المتحدة على الساحة الدولية».
ورأى مينيندس، وهو كبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الدولية بمجلس الشيوخ الأميركي، «إن قرار ترامب جاء دليلاً جديداً على سعي إدارة ترامب إلى اتخاذ خطوات أحادية من دون أن تأخذ بعين الاعتبار اعتراضات أقرب حلفائنا وعلى حساب أمنهم».
ودعا السيناتور المشرّعين من كلا الحزبين في الكونغرس إلى «تقييد جهود هذه الإدارة لتدمير اتفاقات أبرمت منذ سنوات بشأن مراقبة الأسلحة ومنع سباق الأسلحة النووية».
في الوقت نفسه، انتقد مينيندس روسيا، محمّلاً إياها مسؤولية «انخفاض فعالية المعاهدة الراهنة»، كما أنه اعتبر أن «قرار ترامب المتهوّر والقصير الرؤية سيتيح لموسكو فرصة لتصنيع ونشر مزيد من الصواريخ المتوسطة المدى لتهدّد بها حلفاء واشنطن في أوروبا».
فيما قال السيناتور عن ولاية كنتاكي، راند بول، «إن إدارة ترامب سترتكب خطأ كبيراً إذا انسحبت من المعاهدة»، مشيراً إلى أنه «من المفضّل إجراء مشاورات مع موسكو من أجل بلورة حل يأخذ بعين الاعتبار ملاحظات كلا الطرفين».
يذكر أنه منذ توجيهها للمرة الأولى، في تموز 2014، اتهامات إلى موسكو بانتهاك المعاهدة، التي تم توقيعها بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كرّرت واشنطن هذه الاتهامات مراراً، الأمر الذي واجه رفض موسكو وتوجيهها اتهامات مقابلة إلى الجانب الأميركي بخصوص تطبيق المعاهدة.
وشملت المعاهدة، التي وقع عليها الرئيسان الأميركي رونالد ريغان، والسوفياتي ميخائيل غورباتشوف، أثناء زيارته لواشنطن، في 8 كانون الأول 1987، طبقة واسعة من الصواريخ ذات المدى المتراوح بين 500 وألف كلم، وبين 1000 و5500 كلم، والقادرة على حمل رؤوس نووية، بما فيها تلك التي نشرها الاتحاد السوفيتي في كوبا عام 1962، مما أثار «أزمة الكاريبي» آنذاك.