المميّز في بناء العمل القومي الاجتماعي على صعيد أشبال الحزب وزهراته..
إعداد: لبيب ناصيف
… لعلّ أكثر الرفقاء الذين أمضوا فترة طويلة من العمل مع الأشبال وكنت ألتقيه على مدى سنوات عمله الحزبيّ، وصولاً إلى تولّيه مسؤولية وكيل عميد التربية، فحائزٍ على رتبة الأمانة، هو الأمين محمد صادق، الذي كنت على تواصل محبّ معه طوال تواجده في المركز، إلى أن خسرناه بعد صراع مرير مع المرض الذي كان راح يقتات من عافيته، حتى الرمق الأخير.
وفاءً لذكراه ووتقديراً للجهد المميّز الذي كان يقوم به في مسؤولياته الحزبية، أقدّم هذه النبذة التي لا يمكن أن تفيه حقّه أو تغطّي كامل مسيرته الغنية بالنضال والتفاني، راغباً إلى شقيقته الرفيقة اعتدال، وإلى رفقاء تعاونوا معه في المسؤوليات الحزبية أن يكتبوا مزيداً عنه.
النعي الحزبي
بتاريخ 26/10/2008 نعى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين أسعد حردان مدير الدائرة الكشفية في عمدة التربية والشباب في الحزب الأمين محمد صادق خير الدين الذي وافته المنيّة مساء السبت في 25 تشرين الأول بعد مغالبة بطولية للمرض العضال الذي أصابه.
وأشاد رئيس الحزب بسيرة الأمين محمد صادق خير الدين النضالية المميّزة وبإنجازاته الكبيرة في كلّ المسؤوليات المركزية والشبابية والكشفية التي أوكلت إليه، منوّهاً بمثابرته على أداء واجباته الحزبية وعلى تولّي المسؤوليات الحزبية طوال مدة انتمائه منذ عام 1957 وحتى اللحظات الأخيرة من حياته، مثنياً على المناقب والأخلاق العالية التي اتّصف بها وبكفاءته العالية المقرونة بشدّة الإيمان بالعقيدة وبصلابة الإرادة ومضاء العزيمة حتى غدا قدوة لرفقائه ولمواطنيه.
التشييع الحاشد
شيّع الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين محمد صادق خير الدين في مأتم شعبي وحزبي شاركت فيه مجموعات كشفية ورفقاء وأصدقاء الفقيد، في روضة الشهيدين.
تقدّم الحضور رئيس الحزب الأمين أسعد حردان ورئيس المجلس الأعلى الأمين محمود عبد الخالق وعدد كبير من أعضاء مجلس العمُد والمجلس الأعلى والمكتب السياسي بينهم الوزير الأمين علي قانصو، والنائب الأمين د. مروان فارس، إضافة إلى عدد من المسؤولين المركزيين والمنفّذين العامين في لبنان.
كما حضر التشييع عدد من الشخصيات السياسية والحزبية وممثّلي القوى الشبابية والطلابية، ومن بين الحضور، مدير عام وزارة الشباب والرياضة زيد خيامي، رئيس بلدية الغبيري أبو سعيد الخنسا، رئيس اتحاد كشافة لبنان مصطفى عبد الرسول، نائب القائد العام لكشافة المهدي الشيخ نزيه فياض، مفوض عام الكشاف التقدّمي يوسف خداج، مفوض عام كشاف المستقبل أحمد حبلي، نائب رئيس كشافة الرسالة الإسلامية حسن حمدان، قائد كشافة التربية الوطنية فايز داغر، وفد من موظفي وزارة الشباب والرياضة تتقدّمه رئيسة الدائرة الشبابية في الوزارة فاديا حلال، إضافة إلى وفود كشفية.
بدأت مراسم التشييع بآيٍ من الذكر الحكيم، ثم ألقى ناظر الإذاعة والإعلام في منفذية المتن الجنوبي الرفيق حسن ابراهيم كلمة، وقّدم عميد التربية والشباب الأمين صبحي ياغي الذي ألقى كلمة مركز الحزب، وجاء فيها: حين يهوي النسر من علاه تنحني القمم لوداعه وتفتح الأرض قلبها لاستقباله، فالنسور لا تعشق إلا القمم ووقفات العزّ، وأنت نسر من نسور حزبنا تشتاق الأرض لأمثاله.
الأمين محمد
في يوم الرحيل حملتَ المدى في عينيك وأحلت نبض الأرض وعداً حملت الوطن فرحاً ينهمر وأطبقت جفنيك تحلم بالوطن المحرر تذهب في التراب عند هذا المغيب لقد تعلمنا أن وجودنا لا يروق إلا في التضحيات الكبيرة. هذا هو قدرنا، أنّ دمنا حدود الأرض وتاريخ الزمن.
نأتي اليوم لنودّعك إلا أنّ أبناء الحياة لا ينتهون بمأتم، نحن لا نعدّ الأيام التي عشناها بل الأفعال التي قمنا بها، فحياتك مليئة بالإنجازات والأعمال ونحن قوم ما تعوّدنا البكاء بل الاعتزاز بتاريخنا وتاريخ كلّ واحد منا وبيننا والموت حكاية طويلة فكم عانقناه متى كان طريقاً للحياة. نودّعك مناضلاً مصارعاً، ورجل موقف أمضى عمره على درب النهضة السورية الاجتماعية، درب المقاومين الصابرين.
في صمتك أقرأ تاريخاً طويلاً وأحزن حتى ينتهي الحزن، قطفك الموت باكراً وأنت زهرة كلّ الفصول فبعدك كل الصباحات حزينة.
حضرة الأمين،
كنت مخلصاً في عملك الحزبي، لم تنقطع يوماً، لم تتغيّب، بل بقيت متابعاً حتى اللحظة الأخيرة، كما كنت مخلصاً في وظيفتك في وزارة الشباب والرياضة وفي كشافة التربية وكنتَ المفوض العام لكشافة النهضة التي أسّستها وسهرت على عملها.
في صمتك نقرأ 33 سنة من الجهاد والصراع.. لم تلن لك عزيمة، خلالها كنت المؤمن بقضية أمتك ووطنك، لم تهادن ولم تساوم.. تنقلت في مواقع المسؤولية الحزبية، اقترن اسمك بعمل الأشبال في الحزب، تعلمنا منك الكثير واستفدنا من خبرتك الطويلة فخرّجت عشرات الآلاف من الأشبال والطلبة حتى الصيف ورغم مرضك أصرّيت على المشاركة في البرنامج الصيفي فكان لك ما تريد، لقد أحسسنا بأنك تودّع آخر صيف لك فخضعنا لرغبتك..
أبا صادق،
اطمئن انّ حزبك سيبقى قوياً على الصعاب والشدائد وسيقوى أكثر بأمثالك من الرفقاء، اطمئن انّ حزبك سيبقى حزب الوحدة والمقاومة وحزب الناس.
اقول لك لن ننساك سنتذكرك دائماً ستبقى معنا حاضراً في كلّ مواقع عملنا الحزبي سنكمل الدرب مع زوجتك وأبنائك مع لإخوتك مع جميع الرفقاء.
في الختام أقيمت مراسم كشفية للفقيد، حيث عزفت لحن الموت، ثم ووري الفقيد الراحل الثرى في جبانة روضة الشهيدين في بيروت.
ذكرى الأسبوع
أقام الحزب وجمعية كشافة النهضة، ذكرى أسبوع للمسؤول القومي والقائد الكشفي الأمين محمد صادق خير الدين، وذلك في حسينية البرجاوي في بيروت.
حضر الذكرى نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين يحيى جابر، وعدد من أعضاء قيادة الحزب، الوزير السابق محمد يوسف بيضون، النائب السابق بهاء الدين عيتاني، مدير عام وزارة الشباب والرياضة زيد خيامي وممثلون عن الأحزاب والقوى اللبنانية والفلسطينية، والجمعيات والمؤسسات الكشفية، وجمع من الفعاليات إضافة إلى حشد من القوميين وأصدقاء الفقيد.
تحدث في المناسبة، الإعلامي سالم زهران معرّفاً، ثم ألقى رئيس اتحاد كشاف لبنان مصطفى عبد الرسول كلمة تحدث فيها عن معرفته بالراحل، وألقى مدير عام وزارة الشباب والرياضة زيد خيامي كلمة عدد فيها مآثر الفقيد.
وتحدّث بِاسم العائلة، شقيق الأمين الراحل، الرفيق بلال صادق خير الدين، وكانت كلمة مؤثرة أبرز فيها الدور الذي لعبه الراحل تجاه العائلة بعد وفاة الوالد.
أما كلمة مركز الحزب السوري القومي الاجتماعي، فقد ألقاها نائب رئيس الحزب يحيى جابر الذي قال: يعزّ عليّ أن أقف اليوم في حضرة محمد لأقول كلمة فيه، وصدّقوني القول إنّ القلم لم يطاوعني. فكلما تذكرت محمد تذكرت مأثرة من مآثره، ووقفة من مواقفه، وحكمة من حكمته، وندّة من ندته، وصرخات من صرخات ألمه. تذكرت هذا الرجل الذي أبى وهو يعرف أنّ ساعاته الأخيرة قد تنل منه، أبى ان يستسلم، فبقي في آخر لحظات حياته واقفاً على قدميه يتمّم واجباته وهو يعرف أنّ الطريق طويل وشاق لا يقف عليها ولا يثبت عليها إلا الأحياء وطالبو الحياة. فيا محمد اعذرني أيها الرفيق إن لم تطاوعني كلماتي أن أقول ما يجب أن أقول فيك، حسبك أنك انتميت إلى هذه النهضة الكبيرة، لا لتنصر إقطاعياً على إقطاعي، ولا رأسمالياً على رأسمالي، ولا «زعيماً» على «زعيم»، ولا طائفة على طائفة، ولا مذهباً على مذهب، ولا منطقة تشدّ أزرها نكاية بمنطقة أخرى، ولكنك انتميت إلى حزب النهضة حيث تجمعنا وحدة الحياة ووحدة المصير ووحدة الهدف ووحدة الإرادة ووحدة الأعداء، حيث اليوم، ومع الأسف الكبير، أضاع الكثير من أبناء شعبنا البوصلة، فصار الصديق بمقام عدوّ، وصار العدوّ صديقاً، ولكن تحت مسميات الجار أو ما اشبه من ذلك.
من سألتم يوماً عن محمد إلا وقالوا فيه الشيء الكثير، ويسعدني اليوم أنني سمعت من الأخ زيد، ومن الأخ مصطفى، حقيقة ما لم يكن في الحسبان أن أحسبه، لم يكن محمد في حياته عابر سبيل، بل كان ذا فعل مؤثر في الحياة. سنفتقدك يا محمد سيفتقدك أشبالنا، ستفتقدك زهراتنا، سيفقدك كلّ من عرفك وأحبك، لكنك ستبقى في القلب والوجدان والذاكرة، واحداً من قديسي هذا الحزب العظيم.
يا رفيقي، أعرف أنك رحلت وفي قلبك غصة، وفي عينك دمعة، وما أطهرها وما أسخاها وما أحرّها أن ترى أمتك وهي تعاني ما تعاني، وتكابد ما تكابد، وكنت أحرص الناس على نقطة دم تذهب في غير موقعها.
يا رفيقي يا محمد،
نم في عليائك قرير العين واعذرنا إن أخطأنا في بعض مواقفنا. نعاهدك، نعاهد عائلتك الصغيرة والكبيرة، نعاهد رفقاءك وكلّ محبّيك، نعاهد هذا الوطن، نعاهد كلّ حبة تراب من هذا الوطن، بأن نبقى على العهد كما أقسمنا. من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلاً، ولن نبدّل تبديلاً.