عزوز لـ«العهد»: الإرهاب استهدف كل المناطق السورية وليس عين العرب فقط وواشنطن ليست جدية في مكافحته
أكّد مستشار رئاسة الحكومة السورية وأستاذ العلاقات الدولية عبد القادر عزوز «أنّ التشكيلة الحكومية الجديدة تجسّد عنوان سورية»، لافتاً إلى «أنّ هذه الحكومة تمّ تشكيلها بمرسوم من سيادة رئيس الجمهوية بشار الأسد، وقد عبرت عن توازناتٍ سياسية من خلال تشكيل 35 وزيراً منهم وزارء من حزب البعث ومن الجبهة الوطنية التقدمية وأيضاً وزراء مستقلون».
وعن كيفية مقاومة الحكومة الحالية العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، أوضح عزوز «أنّ سر صمود الاقتصاد السوري حتى الآن هو الإجراءات التي تتخذها الحكومة السورية على المستويين الداخلي والخارجي. فقد قامت الحكومة منذ بداية الأزمة بالبحث عن المصادر البديلة فنحن نعلم أنّ الحرب استنزفت سلة الغذاء السورية وخاصة في المناطق الشمالية والشرقية إضافةً إلى استهداف آبار وحقول النفط وشبكات نقل النفط الخفيف والثقيل فكانت البدائل متاحة من خلال الأصدقاء الروس في نقل النفط ومناقصات القمح العالمية، إضافة إلى الشريك والحليف الإيراني الذي منح الحكومة السورية حساباً ائتمانياً بقيمة 3 مليارات دولار من أجل استجرار المشتقات النفطية ومليار دولار أخرى لتأمين المستلزمات الأولية للمواطن. بكل هذه الإجراءات مع العمل في شكل مستمر نجحت الحكومة السورية في إدارة الأزمة والتكيف معها وصولاً إلى التعافي المبكر منها».
وردّاً على سؤال عن إمكانية تخلي الحكومة السورية عن دعمها للمشتقات النفطية في ظل ارتفاع سعرها، أجاب: «كانت سورية تنتج من النفط الخام 360 ألف برميل يومياً وفي هذه الأزمة انخفض إنتاجها إلى ما دون 17 ألف برميل، ورغم ذلك لا نية على الإطلاق لدى الحكومة السورية لإلغاء الدعم عن المشتقات النفطية، لكن هذا القطاع يعتبر الداعم الأهم للموازنة العامة للدولة إضافة إلى القطاع الضريبي ومن خلال هذا الفائض تقوم الحكومة بدعم سلع أساسية أخرى، إضافة إلى دعم قطاعات التعليم والنقل والصحة والآن تفكر الحكومة بدعم القطاع الصناعي لكن ضمن أوليات إعادة الإعمار».
وعن إعادة الإعمار في المناطق المحررة، لفت عزوز إلى «أنّ هناك لجنة مؤلفة برئاسة وزير الإدارة المحلية عمر غلاونجي تعمل على إنشاء قاعدة بيانات حول المناطق المتضررة والمدمرة وكل ما يتعلق بصرف التعويضات اللازمة للمواطنين. كما أنّ هناك خبراء يعدون خططاً لعملية إعادة الإعمار ولكن لا يمكن على الإطلاق اليوم البدء بهذه العملية في مناطق ساخنة ولا تشهد حالة استقرار لأنّ هذا الأمر يؤدي إلى نزيف وهدر في المال العام».
من جهة أخرى، رأى عزوز أنّ التحول الغربي من دعم الارهابيين في سورية إلى محاربتهم، «هو عن قناعة توصل إليها بعض الدول الغربية أنّ ما يجري في سورية هو في الحقيقة ليس ثورة شعبية بل هو فعل إرهابي وأنّ الجيش العربي السوري يقوم بواجبه الوطني، بالإضافة إلى أنّ الغرب وجد أنّ هذه المليشيات المتناثرة إنما تستهدف المدنيين الأبرياء وتدمّر الممتلكات العامة والخاصة ولا تحترم القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق باتفاقات جنيف الأربعة». واضاف: «هناك بعض الدول الغربية كانت تحوّل الزوايا بالنسبة لها كاستثمار سياسي، وإنّ فشل الوكلاء في أداء الأدوار أدى إلى تدخل المحرّض الأساسي لهم لكنّ هذا المحرّض كان في حاجة إلى شرعية للتدخل فكان من بوابة مكافحة الإرهاب».
وعن كيفية ضرب هذه منابع الإرهاب، أشار عزوز إلى «أنّ الحكومة السورية كانت تتمنى من دول الجوار أن تعمل فقط وفق مصالح أمن أوطانها، فليس من مصلحة الأمن السعودي أو التركي أن يدعم الإرهاب لأنّ الإرهاب لا وطن له فهو كالعقرب كما وصفه الرئيس الدكتور بشار الأسد لا يمكن الوثوق بجانبه على الإطلاق وكل التجارب في دعم المليشيات الإرهابية أثبتت في لحظة ما حين لا تتقاطع مع مصالحها فإنها ترتدّ عليها، وإنّ من يدفع فاتورة هذا الارتداد في النهاية هو المواطن السعودي أو التركي على حدّ سواء. وفي الحقيقة لا يوجد جدية حقيقية لهذه الدول في مكافحة الإرهاب أو إيقاف التمويل بالرغم من صدور مرسوم ملكي يجرّم كل سعودي يذهب للقتال في سورية أو يمول حركات إرهابية، فهناك عند قادة تلك الدول انفصام بالفعل السياسي والقول السياسي وهذا أخطر أنواع السياسة». وتابع: «إنّ تجفيف منابع الإرهاب يأتي من خلال ترتيبات أمنية إقليمية تعمل على تبادل المعلومات وضبط الحدود إضافة إلى وقف جميع أشكال التمويل لهذه المجموعات الإرهابية وتطويق عبورهم من دول المرور إلى دول المقصد».
وردّاً غلى سؤال عن موقف الحكومة السورية من هذه الضربات، أجاب: «الحكومة السورية لديها جملة تدابير لتدافع عن سيادتها من خلال قوة الردع السورية وهذه القوة لم تصب بأي تعطيل على الإطلاق فهي حاضرة وإننا أصحاب الأرض وأصحاب الحقّ وأنا أؤمن أنّ النصر حليفنا ولا يجب أن نستبق الأمور ونراقب المشهد وأن يتطور العقل السوري بحسب تطور المشهد وأيضاً متابعة التطورات والأجندات».
وعن خشية الحكومة السورية من أن يتم ضرب مراكز لها في العمق من قبل التحالف الدولي، لفت عزوز إلى «أنّ الحكومة السورية ضمن السياسة العملية والإجرائية كانت تراقب وترصد هذه الأحداث وقد قامت الحكومة السورية بسدّ الذرائع وامتصاص هذا الاندفاع الأمريكي من خلال التنسيق مع الحكومة العراقية والتي عملت كوسيط بين دمشق وواشنطن، فهذا التنسيق بالنسبة إلى الحكومة السورية هو تحالف الضرورة وليس تحالف الرغبة».
واعتبر عزوز «أنّ الولايات المتحدة الأمريكية لا تمتلك أي جدية في مكافحة الإرهاب، فهي دائماً تختزل المشهد السياسي بعبارة معينة كما اختزلت أحداث 11 أيلول باحتلال أفغانستان، واليوم هي تعيد اختزال المشهد بإعادة الاستقرار إلى المنطقة والقضاء على «داعش» وهي لا تستطيع القضاء على التنظيم الإرهابي إلا من خلال التعاون على المستوى البري والجوي وتطويق كل مصادر الإرهاب المنتشر».
أما عن سبب دعم مشاركة الدول الداعمة والحليفة لسورية في ضربات التحالف الجوية أي روسيا وإيران، قال عزوز: «أولاً روسيا الاتحادية وإيران أبدتا تحفظاتهما من خلال عدم وجود تفويض شرعي فالولايات المتحدة الأمريكية قدمت نفسها على أنها سيدة العالم، ثانياً كان هناك تحفظات من أنّ الولايات المتحدة لم تقرّ بسيادة الدولة السورية مع جملة من التحفظات القانونية والدوافع السياسية لدى جبهة العدوان على سورية، إضافة إلى إشراك أطراف متورطين حتى النخاع في الدم السوري، وكل ذلك كان سبباً أساسياً في عدم استجابة روسيا وإيران لهذا التحالف».
وفي ما يتعلق بالدور التركي في معركة عين عرب، قال: «للأسف ما زالت الحكومة التركية تعمل خارج مصالح الأمن القومي التركي، فهم يريدون أن يقدموا تركيا والشعب التركي محرقة على الأرض السورية فأردوغان يريد استثماراً سياسياً في عين العرب ونحن نعلم أنه لا يمتلك نوايا طيبة اتجاه الكرد وهذا من باب أولى لا يمتلك أي توجهات لا تخدم الشعب التركي وأكراد الشعب السوري».
وأضاف: «لا يجب تضخيم استهداف الإرهاب عين العرب في شكل أساسي، فالإرهاب استهدف جميع المناطق السورية وجميع السوريين، والمادة 12 من الدستور السوري تحدثت عن أنّ الدولة السورية تتكون من روافد ثقافية وتنوع، والأكراد جزء من هذا التنوع. ومنذ بداية الأزمة عملت الحكومة السورية على استنهاض همم الجميع وكان جزء من عمليات التسليح والتدريب هو للكرد السوريين لحماية أنفسهم ومناطقهم، وهذه العمليات لم تكن سرية فهي قدمت للمواطنين السوريين ككل، والحكومة السورية لا تميز بين مواطن سوري ومواطن آخر».