تركيا لم توفِ بتعهّدات إدلب ماذا بعد؟
حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ تركيا لم توف بتعهّداتها ولم تقم بما يتوجب عليها أن تقوم به لتنفيذ اتفاق سوتشي المبرم مع روسيا والذي يحمل توقيع وزير الدفاع التركي.
نصّ اتفاق سوتشي في فقرته الثالثة حرفياً «إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 – 20 كيلو متراً، داخل منطقة خفض التصعيد»، ونصت المادة الخامسة من الاتفاق على «إبعاد جميع الجماعات الإرهابية الراديكالية عن المنطقة منزوعة السلاح بحلول 15 تشرين الأول».
ونصّت المادة السادسة من الاتفاق على «سحب جميع الدبابات وقاذفات الصواريخ المتعددة الفوهات والمدفعية ومدافع الهاون الخاصة بالأطراف المتقاتلة من داخل المنطقة منزوعة السلاح بحلول 10 تشرين الأول 2018».
الآن مرّ أكثر من أسبوعين على الآجال المحدّدة لتنفيذ الاتفاق، ولم يطبّق أيّ بندٍ من بنوده.
الإرهابيون الراديكاليون لا يزالون في مواقعهم، ولم يتمّ سحب أيّ إرهابي واحد من مناطق تمركزه التي كان يتواجد فيها قبل الاتفاق. والأسلحة الثقيلة لم يتمّ سحبها من المنطقة المنزوعة السلاح، والدليل على ذلك القصف الذي استهدف أحياء حلب الغربية ومواقع الجيش العربي السوري في ريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي، فلو أنّ الاتفاق نفّذ، ولا سيما سحب المدافع، لكان متعذّراً إطلاق القذائف على أحياء حلب أو على مواقع الجيش السوري، لأنّ العمق الذي جرى تحديده للمنطقة منزوعة السلاح يحول دون تعرّض أحياء حلب الغربية، أو مواقع الجيش للقذائف الصاروخية ولقذائف المدفعية، ولأنه لم يتمّ الالتزام بالاتفاق، فإنّ القذائف الصاروخية وقذائف المدافع تستهدف أحياء حلب ومواقع الجيش السوري من داخل المنطقة منزوعة السلاح، التي باتت مجرد منطقة افتراضية لا وجود لها في الواقع.
واضح أنّ ما يجري في منطقة خفض التصعيد التي تمّ الاتفاق بشأنها في سوتشي شيء وحيد واضح، وهو تعزيز الجيش التركي لقواته مستفيداً من الاتفاق أو متذرّعاً به، أما ما تبقى من بنود الاتفاق الأخرى، فهي لا تزال حبراً على ورق.
لا شك أنّ هذا الواقع لا يمكن القبول به من قبل الدولة السورية التي أكدت على لسان أكثر من مسؤول أكثر من مرة أنها لن تقبل الأمر الواقع القائم الآن في إدلب.
ومما لا شك فيه أنّ روسيا لن تقبل أن تستغلّ في هذه المسألة ويتحوّل توقيعها على اتفاق سوتشي وسيلة لتعزيز الاحتلال التركي لأجزاء من سورية، لهذا كان الرئيس الروسي واضحاً في القمة الرباعية في اسطنبول عندما أكد أنّ موسكو ستقدّم كلّ الدعم اللازم للجيش السوري للقضاء على الإرهاب في إدلب.
أعطيت الفرص، ولم يعد هناك مجال آخر للمماطلة، أيام قليلة ستكون تركيا أمام الخيار الأخير: إما أن تقوم بما يتوجب عليها في اتفاق سوتشي، وإما أن يستأنف الجيش السوري العملية العسكرية بدعم من القوة الجوفضائية الروسية.