ملاحظات شاهدة عيان والفكر التوراتي؟!
فاطمة الموسى
في ضوء ما نشهده من أحداث سياسية إقليمية ومواقف المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأميركية، خاصة حين يصبحون في رأس السلطة السياسية، نتذكر جورج بوش الإبن, والآن نحن أمام نمط جديد أو ظاهرة جديدة تقرن العقيدة بالمال، فالأرضية العقائدية مهيأة ولا يبقى سوى التنفيذ ولو على حساب الشعوب لهذا نفهم مشروع نقل السفارة الأميركية الى القدس، ثم وقف دعم الأونروا، بما ينعكس سلباً على اللاجئين الفلسطينيين بغرض إنهاء القضية الفلسطينية واعتبار القدس عاصمة «إسرائيل»، هذا هو تحد جديد للقضية الفلسطينية، ومحاولات تهديم المسجد الأقصى من أجل زعمهم إظهار هيكل سليمان!
والذي يزيد من تهجير وحرمان الفلسطينيين من حقهم بإقامة دولتهم ووطنهم وإمتداد سياسة «إسرائيل» واستعمارها على وجه الخصوص..
فقرار الإدارة الأميركية برئاسة ترامب لم يكن مفاجئاً، فهو يستند إلى منظومة معايير وأفكار ستستعرضها غريس هالسل في كتابها «الفكر التوراتي والحرب النووية».
الكتاب صدر عام 1988 وما حفزني لإعادة دراسته وعرض أفكاره المهمة كونها لا تدخل في التنظير بقدر ما عاينت الأفكار في الواقع ولا سيما في فلسطين المحتلة.
حيث قاربت أفكار المبشرين الإنجيليين وتفاعلها في الشارع «الإسرائيلي» ناهيك عن انتشارها في الأوساط الأميركية الشعبية.
يرتكز الفكر التبشيري للإنجيليين على تجميع اليهود من كلّ العالم في أرض فلسطين وقيام دولة صهيون، وهذا يرتبط بعودة المسيح على حدّ قولهم، وزعمهم بأنّ اليهود هم «شعب الله المختار»…
إنّ أهمية هذا الكتاب تكمن في أنه يعطي صورة واضحة عن كيفية عمل هذه الحركة والأسباب التي تجعل الولايات المتحدة الأميركية تؤيد «إسرائيل» بلا تحفظ…
«عندما يعود المسيح يهبط من السماء فوق القدس، ويتولى قيادة تاريخ البشرية في المعركة النهائية العظمى التي سيشهدها الجيل المولود منذ عام 1948 في «أرمجدون بفلسطين».
كتاب «الفكر التوراتي والحرب النووية» لمؤلفته غريس هالسل، وقد عربه الأستاذ عبد الهادي عبلة، وصدر عن دار الكندي للطباعة والنشر في حمص ـ الشام. ومن كتبها أيضاً «النبوءة والسياسة».
عدة أقاويل تحدثت عنها في هذا الكتاب، لعلنا من يصدقه بوثائقه..
تقدّم لنا الكاتبة الصحافية غريس هالسل في هذا الكتاب، رأيها في التطرف الحقيقي وتتحدّث هنا عن الجماعات الأصولية المسيحية والإنجيلية في أميركا، وعن الاعتقاد الأصولي المسيحي بأنّ العالم سينتهي بمعركة دموية تسمّى «أرمجدون»، ويرون في ذلك خلاص البشرية كلها وأمراً حتمياً لا بدّ أن يحدث، وتتطرّق هنا للحديث عن دعم لدولة «إسرائيل» وعودة المسيح، وكذلك التطرق للتساؤل: ما سرّ الترابط بين مصلحة أميركا ومصير «إسرائيل»؟ والكتاب مليء بالوثائق والدلائل والإثباتات العلمية والمنطقية التي تؤيد بها الكاتبة رأيها.
المؤلفة: هل لله حقاً شعبه المختار؟ ثم هل يمكن أن تتطابق «دولة حديثة» تسمى «إسرائيل» مع أرض صهيون القديمة؟
وتتجه المؤلفة الى فلسطين مراراً في رحلات نظمها قادة الدهريين للتعرّف. على «إسرائيل»؟! وليس للتعرف على مهد المسيح!
الانجيليون: هم فئة في الولايات المتحدة الأميركية تؤكد على التعاليم المباشرة لنصوص الانجيل في مقابل تعاليم الكنيسة. هذه الفئة تؤكد على التفسير الحرفي للتوراة.
وهناك أيضا «جيرى فالويل» و»جيمي سواغارت» و»بات روبرتسون». هؤلاء هم قادة هذا المذهب العسكري وليس الديني الظلامي وليس المنفتح.
تقول المؤلفة: انّ «أمجدون» تدلّ في التوراة / سفر الرؤيا / على مكان بينما حوّلها الدهريون الى معركة؟
انّ عالمنا سيؤول الى الدمار والخراب في الكارثة العالمية النهائية العظمى. وانّ المسيحيين المولودين من جديد لأنه عندما تبدأ المعركة النهائية فإنّ المسيح سيرفعهم الى السحاب، سينقذهم ويعرج بهم الى السماء ولن يعانوا أياً من الآلام الأرضية؟
وأما اللوبي اليهودي في أميركا.. قال إنّ مصلحة الأميركيين في الانصياع لليهود..؟!
هكذا يظنّ اليهود
ريغان: عجوز البيت الأسود قرأ كتاب ليندسي «كوكب الأرض العظيم المرحوم».
ومن هنا تكمل…
عام 1986… حينها أدرك هذا العجوز «الطيب» أنّ ليبيا هي العدو الأوّل له كما جاء في نبوءة حزقيال في سفره.. لذا قال ريغان لمرافقه:
أن الاصحاح الثامن والثلاثين من سفر حزقيال ينص على أنّ الأرض /إسرائيل/ ستتعرّض على يد الجيوش الكافرة.
عام 1971 يتحدث ريغان في حفل عشاء عن نبوءة حزقيال ويؤكد على حتمية الحرب ضدّ الاتحاد السوفياتي.. في حرب قيامية عظيمة نهائية هي قيامة «أرمجدون». ينتهي ريغان… ونفتح ملف وزير داخلية أميركا جيمس وات الذي تهوّد هذا انْ لم يكن يهودياً والذي يقول بنفس النبوءة التوراتية، المفصلة تفصيلاً على الحقد اليهودي الظلامي: لست قلقاً جداً حول خراب موارد الأرض لأنني لا أعلم كم من الأجيال القادمة يمكننا الاعتماد عليها قبل عودة المسيح؟
النبوءة التوراتية: تقتضي حسب الدهريين أن يدمّر المسجد الأقصى ليقوم مكانه الهيكل اليهودي!؟
ونتيجة لذلك تتأسّس في أميركا مؤسّسة «هيكل القدس» لمساعدة العازمين على تدمير المسجد وبناء الهيكل؟!
رئيس هيئة الأركان في البنتاغون كان يقيم الصلوات في مقر عمله، وتتساءل الكاتبة: هل كان «جون فيسي» هذا يؤمن بأنّ حرباً ذرية لا بدّ قائمة مع الاتحاد السوفياتي تحقيقاً للنبوءة التوراتية؟
تقول هالسل:
ـ هناك حوالي 85 مليوناً من الأميركيين يؤمنون بلاهوت «أرمجدون».
ـ الدهريون ووسائلهم الإعلامية في خدمة دولة اليهود اللا شرعية:
وبعض المؤرخين يتحدث أيضاً: إنّ المحرقة النووية فقط هي القادرة على إعادة المسيح إلى الأرض؟
لقد تعلم اللاهوتيون وعلّموا أنّ القوانين البشرية لا تنطبق على «إسرائيل» وانّ «الإسرائيليين» من بين كلّ شعوب الأرض لا يخضعون للقوانين البشرية بل لقانون الرب.
تتابع غريس هالسل الرحلة في فلسطين مع الأدلاء اليهود..
حاولت أن أتخيّل بوذياً يذهب الى كاما كورا بوذا في طوكيو، أو مسلماً يذهب الى مكة، ليستخدم المرحاض فقط»؟
وأنّ زعماء الرحلة يجاهدون في سبيل عزلنا عن المسيحيين الفلسطينيين، وحتى عن المسيحيين الأجانب المقيمين في فلسطين. ولو كانوا أميركيين.
وفي هذا كله لم نستوف الكتاب بأكمله وتفاصيله ولكن المضمون برأي الكاتبة بأنّ كلّ العالم ضدّنا بسبب معاداته المتأصّلة للسامية.. وهو شعور بالإضطهاد يعود في أصوله إلى نمط إيمان اليهود…
هذا الكتاب وثيقة عملية ومعرفية مهمة حتى يفهم العرب دورهم وحتى لا يصرّح ترامب مثلاً أنه لولا الدعم الأميركي لما بقيت الأسرة المالكة في السعودية حاكمة لمدة أسبوعين، فإنْ كانت «إسرائيل» تقوم على مبدأ الكنيس والثكنة فإنّ الإنجيليين الجدد يستندون على الكنيس والثكنة والظلام…