الراعي من بعبدا: يكفي خلق العقد وعلينا أن ندعم موقف الرئيس من أجل لبنان
أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يقبل أن تتعثر مسيرة الحكومة. وتوجّه الراعي من قصر بعبدا الى المسؤولين جميعاً في لبنان بالقول إنه إذا لم ندعم الرئيس عون والرئيس المكلف، فلن تكون عندنا حكومة، والقوة ليست في وضع العصي في الدواليب بل في تمهيد الطريق لتشكيل حكومة لأنه لم يعد باستطاعتنا التحمل، والجميع يعلم ما يعاني منه البلد بسبب هذه الاوضاع، فيما العالم من حولنا يشتعل. لا يمكننا الا ان نتحد مع بعض، وهذا ما يرغب به رئيس الجمهورية، فالوحدة الداخلية والتوازن والسير الى الامام هو الكفيل للخروج من المآسي التي نعيشها. هذه كانت المواضيع الأساسية، وكلنا متضامنون مع فخامته، ونأمل ان يدعم الجميع موقفه الذي عبّر عنه بصراحة في الإعلام، من اجل لبنان».
واشار الى ان الرئيس عون يقول إنه لا يمكن الخضوع الى مشكلة جديدة، وهو بانتظار عودة الرئيس المكلف لإيجاد الحلول التي لا يمكن ان تكون على حساب لبنان والوحدة الداخلية ولا ما يسمّيه فخامته «التوازن الداخلي». وقال «يؤسفني انه كان يتم تحميل المسيحيين مسؤولية عدم تشكيل الحكومة بسبب «العقدة المسيحية»، وعندما تم حل هذه العقدة تم ظهور عقدة جديدة. يكفي خلق العقد، ويجب وضع لبنان امام الجميع، فإما هناك نيات صالحة لقيامة لبنان أو لا توجد هناك نيات حسنة».
وتحدث البطريرك الماروني فقال: «وضعت فخامة الرئيس في أجواء الزيارات التي قمت بها الى دول الانتشار، حيث التقينا اللبنانيين هناك وشعرنا بألمهم من أجل لبنان وانتظارهم المخرج، وتساؤلاتهم حول إيجادهم كل المجالات لتحقيق ذاتهم في دول الخارج وهو ما لم يتوفر لهم في لبنان. نحن نحمل هذه الصرخة باستمرار، وما يفرحنا هو التنظيم الذي يتسم به المطارنة والكهنة والرعايا الذين يجمعون اللبنانيين، ما يجعلنا نشعر وكأننا في لبنان، ولكن في الوقت نفسه يغمرنا الالم لرؤية الشبان والشابات يغادرون لبنان، ونأمل ان يستقر هذا البلد سياسياً كي يستقر اقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً ويبقى شعبنا في هذه الارض وان يجد الشباب أنفسهم هنا. كما وضعت فخامة الرئيس في أجواء سينودس الشبيبة الذي انعقد في روما على مدى ثلاثة أسابيع ونظرة الكنيسة الى شبيبتها في العالم، وما يخصنا في لبنان التركيز على كيفية مساعدتهم لإيجاد أنفسهم ومعنى وجودهم ودعوتهم في الحياة، اذ لا مستقبل دون شبيبة على أن نهتم بها. ثم وضعت فخامته في جو زيارتنا الى الاعتاب الرسولية التي ستتم بين 18 و25 تشرين الثاني الحالي، والذي اختار قداسة البابا أن يكون اللقاء معه شخصياً في 22 تشرين الثاني ذكرى استقلال لبنان، كي يذكروا أهمية هذا التاريخ.».
الى ذلك، اكد البابا فرنسيس خلال رسالة وجّهها الى رئيس الجمهورية نقلها اليه السفير البابوي لدى لبنان المونسنيور جوزف سبيتري «انّ قضية السلام في الشرق الأوسط، كما في مختلف انحاء العالم، تشكّل همّاً مشتركاً يتقاسمه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون»، مكرراً الرغبة في «أن تسهم العلاقات بين لبنان والكرسي الرسولي في التوصل الى حلول فاعلة ودائمة للمسائل موضع النزاع ولا سيما منها في المنطقة». وشكر الأب الأقدس، الرئيس عون على رسالة التضامن التي كان بعثها إليه إثر «يوم الصلاة والتأمل للشرق الأوسط» الذي دعا اليه البابا فرنسيس، وجمع فيه بطاركة الشرق من كاثوليك وأرثوذكس في مدينة باري الايطالية، في شهر تموز الماضي. واغتنم البابا فرنسيس المناسبة «لتأكيد صلاته الدائمة للبنان واللبنانيين»، مستمطراً «على الشعب اللبناني بركته الرسولية».
في مستهلّ اللقاء، نقل السفير سبيتري الى رئيس الجمهورية تحيات البابا فرنسيس، وأطلعه على الزيارة التي ينوي عميد مجمع الكنائس الشرقية في الكرسي الرسولي الكاردينال ليوناردو ساندري القيام بها الى لبنان، من 13 الى 16 الحالي، بصفته رئيساً لاتحاد وكالات المساعدات للكنائس الشرقية ROACO، بهدف لقاء البطاركة والأساقفة الكاثوليك، في إطار النشاطات واللقاءات التي يعقدها المجمع لمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس الاتحاد.
وردّ رئيس الجمهورية شاكراً البابا فرنسيس على عاطفته تجاه لبنان، واهتمامه الدائم بدعم قضاياه المحقّة والسلام في الشرق الاوسط والعالم. وحمّل الرئيس عون السفير البابوي تحياته البنوية الى الأب الاقدس، منوّهاً بالدور الذي يقوم به الكرسي الرسولي في سبيل ارساء ثقافة الحوار والتلاقي بين الشعوب، والتي هي في صلب رسالة لبنان المنطلق من تجربته في التعددية والساعي الى تكريس هذه الرسالة من خلال إنشاء «اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار» على ارضه، والتي طرحها لبنان أمام المجتمع الدولي خلال اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك في شهر ايلول الماضي.
واستقبل الرئيس عون وفداً من مركز أبناء النور للمكفوفين المنسيين برئاسة رئيس المركز جبران فرح الذي ألقى كلمة طالب فيها بحقوق المكفوفين لا سيما لجهة الحصول على فرص عمل. وقال: «نريد وظيفة بعرق الجبين. هنيئاً لنا بالوالد العظيم لشعب لبنان العظيم، وهنيئاً لنا منارة الشرق أنتم وخلاص لبنان بأياديكم الطاهرة وقلبكم الأبيض».
وردّ الرئيس عون معتبراً أن المكفوف يعاني من نقص في النظر، إلا أنه يعوّض عن ذلك عبر استعمال بقية حواسه وعقله. وأكد على ضرورة أن يتابع المكفوفون تعليمهم ودراستهم، «فهم يستطيعون أن يروا العالم بعقلهم، ويبذلون جهداً استثنائياً عبر تصميمهم على متابعة تحصيلهم العلمي الجامعي، ما يشير الى عصامية لا توجد حتى عند الإنسان المكتمل الحواس».
وتابع الرئيس عون: «لن أتمكن اليوم من أن أعبّر لكم بالكلمة عن مدى شعوري تجاهكم، واعتزازي بكم. فأنتم تعبتم وتستحقون أن تحصلوا على حقوقكم التي أنتم محرومون منها حتى الآن، إني أحبكم، وقد استقبلت سابقاً العديد من الاشخاص ذوي الحاجات الخاصة وهذا عمل اجتماعي يجب أن نسلط الضوء عليه، لأن الدولة كانت مقصّرة بحقكم ليس لأنها فقيرة، بل لأنها نُهبت. وأمنيتي اليوم أن أتمكن من مساعدتكم فتحظوا بفرص عمل، وسنسعى بكل جهدنا لتحقيق ذلك قريباً».
وفي قصر بعبدا، رئيس لجنة دعم مسيحيي الشرق في بلجيكا واوروبا الدكتور سيمون نجم الذي قدم لرئيس الجمهورية كتاب «مسيحيو الشرق» الذي أعدّته اللجنة، وأطلق في معرض الكتاب الفرانكوفوني في «البيال» في تحويطة فرن الشباك.
من جهة أخرى، أبرق رئيس الجمهورية الى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي معزياً بضحايا الهجوم الذي استهدف الاسبوع الماضي حافلة للأقباط كانت تقل حجاجاً إلى دير الأنبا صموئيل.