واشنطن تعترف بفشل معادلة الصفر النفطي… وتأثير العقوبات 10 فقط الحكومة مؤجَّلة بلا سقف زمني أو سياسي… وجلسة تشريعية الأسبوع المقبل
كتب المحرّر السياسيّ
جاء اليوم الموعود الذي قال عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو ومستشار أمنه القومي جون بولتون أنّه يوم الصفر في مبيعات إيران النفطية، والحصيلة تقارب الصفر في النتائج، فوفقاً لمركز عالمي أميركي يقوم بمتابعة مبيعات أسواق المواد الخام، هو آر بي سي كابيتال تراست، لن تنجح العقوبات بوقف تصدير أكثر من 200 ألف إلى 300 ألف برميل يومياً من أصل 3 ملايين برميل تبيعها إيران يومياً قبل العقوبات، ووفق لوائح المستوردين الرئيسيين للنفط الإيراني، شملت الإعفاءات الأميركية أبرز ثماني دول، بينها الصين والهند واليونان وإيطاليا وتايوان وتركيا وكوريا الجنوبية واليابان. وهي الدول التي تستورد أكثر من 90 من النفط الإيراني وفقاً للجدول الذي نشرته إذاعة الـ بي بي سي البريطانية.
التعليقات الأميركية على نتائج العقوبات تحدّثت عن قيمة نفسية لها متجنّبة التقييم لحصيلتها بالأرقام، حيث قال بولتون إن الانكماش في الاقتصاد الإيراني سيكون نتيجة حتمية للعقوبات الأميركية، رغم بقاء القدرة الإيرانية على تصدير نسبة مهمة من نفطها، بينما في إيران جرى التعامل مع العقوبات بصفتها أقل تأثيراً من الحزمة التي طالت النفط الإيراني قبل التوقيع على التفاهم النووي عندما كانت العقوبات بقرار أممي ومشاركة روسية وصينية، حيث بلغت مبيعات إيران أقلّ من 800 ألف برميل يومياً أيّ أقلّ من ثلث الكمية التي تبيعها إيران اليوم، ولم تتأثر مواقف إيران ولا اقتصادها ولا دعمها لقوى المقاومة يومها، فكيف لها أن تتأثر اليوم، ويأتي التعامل الإيراني مع العقوبات بوصفتها تحدياً قابلاً للتحول إلى فرصة تتخطى حدود الإفادة التقليدية من العقوبات بتنمية مقدرات الاكتفاء الذاتي في الاقتصاد الإيراني. فيقول الرئيس الإيراني حسن روحاني، نجحنا بالالتفاف على العقوبات بفخر، وأشار معلّقون إيرانيون إلى ما قصده الرئيس روحاني بالقول إن إظهار محدودية نظام العقوبات الأميركي كان مطلباً عالمياً تفتخر إيران بكونها مَن يحقق هذه الأمنية بعدما ضاق العالم ذرعاً بالتهديدات الأميركية والغطرسة والتفرّد التي صارت سمات التعامل الأميركي مع الحلفاء وليس فقط مع الخصوم، وقال وزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف، إن واشنطن في عزلة وليس طهران، ويكفي النظر إلى مَن يقف في صف إيران ومَن يقف في الصف الأميركي لمعرفة أن إيران تغيِّر العالم.
في لبنان، حيث نُسجَت الكثير من التحليلات عن صلة موقف حزب الله الداعم لتمثيل نواب اللقاء التشاوري في الحكومة، بملف العقوبات الأميركية على إيران وتداعياتها، سواء لجهة ما قاله بعض نواب تيار المستقبل عن تعطيل الحكومة كورقة ضغط بوجه العقوبات، أو ما قاله آخرون عن إصرار حزب الله على التعطيل ليقول إن الكلمة النهائية في ولادة الحكومة تبقى له وحده، كردّ على العقوبات، أو إن حزب الله يريد كما إيران مراقبة ما ستحمل العقوبات قبل منح الضوء الأخضر لولادة الحكومة، ردت مصادر في قوى الثامن من آذار على هذه التحليلات بالقول، إنّ نهاية العقدة الحكومية ستكشف تفاهة وسطحية هذه التحليلات، حيث ببساطة القضية أن قانون الانتخابات الذي شكل حزب الله قوة الدفع الرئيسية لولادته على أساس النسبية، كان واضحاً أن الهدف منه تصحيح التمثيل، وقد حقق الهدف، وهناك مَن يريد إسقاط نتائج الانتخابات النيابية في طلب موافقة حزب الله على حكومة يتمثل فيها 45 نائباً هم نواب الثامن من آذار بنصف حصة قوى 14 آذار التي حازت على 44 نائباً بحصيلة الانتخابات، فينالون في التشكيلة المقترحة 12 وزيراً مقابل 7 وزراء لقوى 8 آذار، وبالمقابل ينال التيار الوطني الحر الذي يتمثل بـ29 نائباً عدداً من الوزراء يوازي تمثيل قوى 8 آذار التي تتمثل بعدد من النواب يعادل مرة ونصف حصة التيار النيابية، وتساءل المصدر هل قوى 8 آذار هي الطرف الوحيد المطلوب منه التنازل لتبصر الحكومة النور، وهل المطلوب إرضاء الآخرين بأحجام تناسبهم على حساب تحجيم 8 آذار ليكون حزب الله عامل تسهيل وينال التصفيق، على طريقة كوني جميلة واصمتي، أي بالنسبة للبعض كونوا مقاومة ولا تطالبوا بحقوق تمثيل منصف، وربما عند البعض الآخر لا تكونوا شيئاً كي لا نتهمكم بالتعطيل؟
يبدو أنّ مسار تأليف الحكومة قد توقف إلى أجل غير مسمّى. فالاتصالات الجدية على خط حلحلة العقدة الحكومية الأخيرة، لم تبدأ بعد، والرئيس المكلف سعد الحريري قرّر الاعتكاف في فرنسا بانتظار أن تثمر مساعي الخيّرين لإيجاد حلّ بإنهاء العقدة السنية بعيداً عن تمثيل اللقاء التشاوري، أما قصر بعبدا فلم يعكس بدوره أيّ إشارات أو معلومات بشأن ما وصلت إليه الاتصالات عن حلّ العقدة السنية. وطالما أنّ المشاورات والمفاوضات لم تفضِ حتى الساعة إلى أيّ بصيص أمل لإمكانية معالجة العقدة المستجدّة وولادة الحكومة الأسبوع المقبل، قرّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري الدعوة إلى جلسة تشريعية عامة تُعقَد عند الحادية عشرة من صباح يومي الإثنين والثلاثاء في 12 و13 تشرين الثاني الحالي صباحاً ومساءً، وذلك لدرس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال يتألف من 38 بنداً، أبرزها يتعلّق بالقطاع الصحي وفتح اعتماد إضافي تكميلي لمواجهة النقص في وزارة الصحة بالإضافة الى إنشاء معامل النفايات الصلبة والمواد البترولية، علماً أنّ الاقتراح المقدّم من وزير الطاقة سيزار أبي خليل والمتعلق بإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأجل في البند 33.
وفيما تعتبر مصادر كتلة المستقبل لـ «البناء» أنّ التصريحات التصعيدية من حزب الله وحلفائه في اللقاء التشاوري للنواب السنّة المستقلين ستنعكس سلباً على التأليف ولن تقدّم أو تؤخر في موقف الرئيس المكلف، مستغربة لجوء البعض الى ابتزاز الرئيس المكلف سياسياً وتعطيل جهوده في تأليف الحكومة.
وترى أوساط نيابية في التيار الوطني الحر لـ «البناء» أنّ حزب الله على غرار ما فعله الرئيس المكلف حيال القوات عندما تراجع عن موقفه بإعطائها ما تريد، سيلجأ في نهاية المطاف الى التراجع عن موقفه المتشدّد حيال ضرورة تمثيل السنة المستقلين، مشيرة الى أنّ المستغرب انّ حزب الله لم يكن يظهر منذ بدء الاتصالات لحلّ العقدتين المسيحية والدرزية أيّ إصرار على ايّ معالجة لهذه العقدة، وهذا ما يدعو الى التساؤل من دون أن يعني ذلك أنّ الأمور ذاهبة مع حزب الله الى خلاف رغم التباين حيال هذه المسألة، مع تأكيد المصادر انّ مفتاح الحلّ بيد حزب الله الذي عليه أن يقنع حلفاءه بالتراجع لا سيما انّ كلّ الفرقاء قدّموا التنازل تلو الآخر للإسراع في تأليف الحكومة، لا سيما انّ حزب الله يدرك انّ الوضع الاقتصادي يفرض علينا تأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن. وترفض المصادر نفسها الشائعات التي تضع إصرار حزب الله على تمثيل اللقاء التشاوري بشخصية مستقلة عن حصة الرئيس عون والرئيس المكلف في خانة قطع الطريق على رئيس الجمهورية وتكتل لبنان القوي للحصول على الثلث المعطل داخل الحكومة.
الى ذلك برزت أمس، زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وأشار الى أنّ «عقبة جديدة طرأت في اللحظة الأخيرة عطلت تأليف الحكومة»، مؤكّداً أنّ «الرئيس منزعج من هذه العقبة، ولن يقبل بتعثر مسيرة الحكومة». وشدّد الراعي على أنّ «المرجلة هي في تمهيد الطريق لعملية التأليف». وقال: «الحلول لن تكون على حساب لبنان والوحدة الداخلية والتوازن الداخلي»، مشيراً إلى أنّه «إذا لم ندعم رئيس الجمهورية والرئيس المكلف فلن تتشكل الحكومة». إلى ذلك وعلى خط الفيول الكهربائي، بدأت بواخر «الفيول» إفراغ حمولاتها أمس، بحسب ما أعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل من بعبدا مشدّداً على انه لن يكون هناك قطع للكهرباء. أوضحت مصادر مؤسسة «كهرباء لبنان» من جهتها أمس، أنّ «الشركة الجزائرية ستُفرغ الشحنات المطلوبة من «الفيول أويل» في معملي الزوق والجية، لكن تسليم الشحنات وتفريغها في المعملين من قبل الشركة الجزائرية لم يتمّ قبل 24». وأجرى الرئيس سعد الحريري اتصالاً من باريس بالرئيس ميشال عون أطلعه خلاله على نتائج الاتصالات التي أجراها بالمسؤولين الجزائريين والتي أفضت إلى قرار تفريغ حمولتي الباخرتين الجزائريتين لصالح كهرباء لبنان، على أن يواصل اتصالاته مع المسؤولين الجزائريين لإيجاد حلّ دائم للمسألة خلال الأيام المقبلة.
وفي سياق آخر، أقرّت لجنة المال والموازنة البطاقة الصحية التي أصبحت على أبواب الهيئة العامة وأعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان أنّ المطلوب هو قرار سياسي يثبت حق اللبنانيين بالاستشفاء. وتمنى كنعان ان تكون البطاقة الصحية من أولويات التشريعات لأنها تمسّ كلّ لبناني وكلّ بيت.
من ناحية أخرى، وبعد محطته في كيان العدو الإسرائيلي حطّ الموفد الخاص للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المستشار اوريليان لوشوفالييه في بيروت، حيث التقى مستشاري رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعيداً عن الأضواء، حسبما أفادت وكالة المركزية، وزار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في قصر بسترس ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط.
وفيما أشارت أوساط سياسية الى انّ الموفد الفرنسي سيبحث في ضرورة إنقاذ مقرّرات «سيدر» وفي ما سمعه من تل أبيب، من زعم عن وجود مصانع أسلحة تابعة لحزب الله في أماكن آهلة في بيروت والجنوب، لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال استقباله كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الجنرال السير جون لوريمر، الذي زار الرئيس بري في عين التينة أيضاً، الى «تزايد الادعاءات الإسرائيلية حول وجود صواريخ في أماكن آهلة، لا سيما قرب مطار بيروت الدولي»، مؤكداً «زيف هذه الادّعاءات التي تتزامن مع استمرار الانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية».