«أفد» يختتم مؤتمره السنوي: الالتزام باتفاق باريس المناخي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلبان استثمارات ضخمة

اختتم «المنتدى العربي للبيئة والتنمية»، أمس، مؤتمره السنوي الحادي عشر عن «تمويل التنمية المستدامة في البلدان العربية»، الذي عقد يومي 8 و9 تشرين الثاني الحالي 2018 في فندق بريستول في بيروت.

وشارك في المؤتمر نحو 420 مندوباً و50 متحدثاً من 36 بلداً، يمثلون الهيئات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الإقليمية والدولية ومراكز الأبحاث والمجتمع المدني والأكاديميين والطلاب.

توصيات

وأعلن الأمين العام للمنتدى نجيب صعب توصيات المؤتمر، الذي أكد أنّ «الالتزام باتفاق باريس المناخي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلبان استثمارات ضخمة، تحتاج بدورها إلى آليات تمويل مبتكرة. ونظراً إلى أن الحكومات وحدها لا تستطيع تلبية كل الاحتياجات، فإن منظمات العون وصناديق التنمية والشركات والقطاع المصرفي مدعوة في شكل متزايد إلى المساهمة».

وشدّد على «وضع القوانين والتشريعات الضرورية لاجتذاب المساعدات والاستثمارات، ووقف الإهدر والفساد». ودعا إلى «تعديل أنظمة دعم الأسعار لإدارة الموارد الطبيعية بكفاية، وبخاصة الطاقة والمياه، وتطوير أنظمة الضرائب لتعزيز مصادر الدخل مع تأمين توزيع عادل للثروة».

وأوصى المؤتمر بـ «وضع استراتيجيات وخطط متكاملة واقعية وقابلة للتنفيذ، مع تحديد أولويات واضحة ومتسلسلة لأهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي، وفقاً لجدول زمني محدد للتنفيذ، مدعوم بدراسات جدوى معدة جيدا. ويجب أن يقترن ذلك باعتماد الإطار التشريعي والتنظيمي الملائم ما يضمن ثقة الجهات المانحة».

وتحدث في جلسة مكافحة الفساد باتريك موليت رئيس شعبة مكافحة الفساد في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، ومختار الحسن «مدير التنمية الاقتصادية والتكامل في الاسكوا»، وأركان السبلاني «كبير المستشارين الفنيين لمكافحة الفساد والنزاهة في المركز الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية»، وأيمن دندش «مدير المشاريع والبرامج الميدانية في الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لا فساد». وأدار الجلسة ناصيف حتي «مدير المعهد العالي للعلوم السياسية والإدارية في جامعة الروح القدس – الكسليك».

وأدار حسين أباظة «مستشار وزيرة التخطيط في مصر»، جلسة عن «مواءمة النظم المالية مع أهداف التنمية المستدامة»، تحدث فيها سعد عنداري «نائب حاكم مصرف لبنان»، عن «برامج مصرف لبنان عن الاقتصاد الأخضر وتعاونه مع المصارف اللبنانية في هذا المجال». وشارك في الجلسة يوس فيربيك «الممثل الخاص للبنك الدولي لدى منظمة التجارة العالمية» في جنيف، وأمل العربي مديرة التنمية المستدامة في البنك التجاري الدولي في القاهرة.

ونظمت «سويتش ميد» – برشلونة جلسة لمناقشة سبل الوصول إلى مصادر تمويل مبادرات الاقتصاد الأخضر، أدارتها كلوديا باني مديرة مشروع ريادة الأعمال الخضراء في المنظمة.

وكذلك عرضت مجموعة من رواد الأعمال الشباب نماذج لمشاريعهم وبينهم مارك عون من CubeX، وحسام حنوني من FabricAid، وسمية مرعي من Taqa، وميشيل مرقدي من Alfanar، وترايسي الأشقر من مؤسسة Diane، وفادي نفاع من AgryTech.

وشارك نحو 50 طالباً من الجامعات العربية الأعضاء في منتدى «أفد» لقادة المستقبل البيئيين في جلسة نقاشية عن تنمية مستدامة يقودها الشباب، أدارتها لما سخنيني من جامعة البحرين.

وأدار الأمين العام لـ «أفد» نجيب صعب نقاشاً عاماً، تلاه إعلان توصيات المؤتمر التي ستعمم على الحكومات والهيئات العربية والدولية.

فعاليات اليوم الأول

وكان المنتدى افتتح أمس، برعاية رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ممثلاً بالرئيس فؤاد السنيورة، في فندق البريستول، تخلله إطلاق تقرير عن تمويل التنمية المستدامة في البلدان العربية.

بداية، تحدث رئيس مجلس أمناء «أفد» رئيس الوزراء الأردني السابق الدكتور عدنان بدران، الذي أكد أن «المطلوب من الحكومات العربية إدارة الموارد البشرية والمالية والطبيعية بكفاءة عالية، والقضاء على الترهل الحكومي والفساد، وإنشاء شراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة». كما دعا إلى «إحلال السلام من خلال الديبلوماسية النشطة لحل النزاعات القائمة في دول المنطقة، وتحويل النفقات الباهظة لشراء الأسلحة إلى تمويل الاقتصاد الأخضر ودعم التنمية المستدامة، بما يؤدي إلى فتح فرص عمل جديدة للحد من البطالة».

ثم تحدث السنيورة وأكد «أن الإصلاح الذي تحتاجه دولنا العربية لتحقيق النهوض، هو أمر قد أصبح واقعا وواجبا علينا أن نؤمن به وأن نعيشه وأن نمارسه».

وألقى وزير المشاريع الكبرى في تونس توفيق الراجحي، كلمة أشار فيها إلى أنّ الدستور الجديد كرس الحق في البيئة السليمة. وقال: «ان تحديات التنفيذ فرضت وضع استراتيجية تمويل التنمية المستدامة في تونس، وذلك بتعزيز موارد صناديق الخزانة المخصصة للبيئة، مثل صندوق إزالة التلوث وصندوق التحول الطاقي، وبالشراكة بين القطاعين العام والخاص، والاستفادة من التعاون المالي الدولي».

ثم قدم الأمين العام للمنتدى نجيب صعب التقرير السنوي للمنتدى، مفنداً مهمة المنتدى بدعم السياسات والبرامج البيئية الضرورية لتنمية العالم العربي، استناداً إلى العلم والتوعية. وقال: «بينما شخصت تقارير «أفد» العشرة السابقة وضع البيئة العربية واقترحت حلولا ساهمت في تطوير السياسات البيئية في المنطقة، جاء الآن وقت التنفيذ. وهذا يستدعي إيجاد مصادر تمويل ملائمة». وعرض لأعمال «أفد» سنة 2018، والأثر الذي تركته في السياسات البيئية العربية، خصوصاً في مجالات تحفيز كفاءة المياه والطاقة بتعديل أنظمة دعم الأسعار، وتنويع الاقتصاد مع ادخال الطاقة المتجددة على نطاق واسع، والمشاركة الإيجابية في المساعي الدولية لمواجهة تغير المناخ». ودعا إلى «تنمية تحترم كرامة الإنسان وتقوم على المشاركة والعدالة».

وأظهر التقرير «أنّ المنطقة العربية تحتاج إلى أكثر من 230 بليون دولار سنوياً مخصصة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. أما الفجوة التمويلية السنوية فقدرت بأكثر من 100 بليون دولار. كما بين أن الخسائر في النشاط الاقتصادي بسبب الحروب والصراعات في المنطقة العربية منذ العام 2011 بلغت نحو 900 بليون دولار، وهذا سيعيق تنفيذ أهداف التنمية، لتداخلها مع متطلبات إعادة الإعمار. كما بين أن الفساد تسبب بخسارة توازي المبالغ المطلوبة لسد فجوة الاستثمار في التنمية، والمقدرة بمئة بليون دولار سنوياً».

ولفت التقرير إلى «انحسار مصادر التمويل العامة والخاصة في المنطقة العربية. ففي مقابل كل دولار يدخل من خلال تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، يتم إعادة استثمار نحو 1.8 دولار فعليا في الخارج، إما بواسطة تدفقات الاستثمار المباشر إلى الخارج، أو من خلال تحويل الأرباح التي يحققها المستثمرون الأجانب. وفي الوقت نفسه، تظل المنطقة مقرضة للبنوك الأجنبية، حيث كانت ودائع العملاء العرب لدى البنوك الدولية الرئيسية أعلى باستمرار من القروض المقابلة للعملاء العرب من هذه البنوك. ودعا إلى العمل على عكس اتجاه الاستثمارات إلى المنطقة العربية، ما يستدعي إصلاح السياسات المالية والنظام الضريبي ومكافحة الفساد وإعطاء حوافز وتسهيلات لتشجيع الاستثمار واستخدام الموارد بكفاءة».

بعد ذلك، أعلن صعب عن تقديم «جائزة العمر البيئية» إلى مدير عام صندوق أوبك للتنمية الدولية أوفيد سليمان الحربش، الذي تولى قيادة الصندوق بين 2003 و2018، «تقديراً لعمله خلال 15 عاماً على إدخال البيئة والتنمية المستدامة في صلب اهتمام صندوق أوبك، وهو من قاد إدخال القضاء على فقر الطاقة كواحد من أهداف التنمية في الأمم المتحدة».

وكان «أفد» منح الجائزة سابقاً إلى العالم المصري الراحل محمد القصاص 2008 ورئيس المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية، عبد الرحمن العوضي 2016 .

وتابع المؤتمر يومه الأول في أربع جلسات تم فيها تقديم نتائج تقرير «أفد» ومناقشة أبرز توصياته.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى