تقرير إخباري
أصداء واسعة على الصعيد السياسي والدبلوماسي أعقبت القمة الثلاثية التي جمعت بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره القبرصي نيقوس أناساتاسيداس ورئيس الوزراء اليوناني أنتونيوس ساماراس، إذ تباينت قراءة دوافع وتداعيات تلك القمة بين المراقبين، فمنهم مَن يراها ضربة موجعة وصفعة قوية على وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لا سيّما في ضوء تصاعد نبرة التطاول من جانبه تجاه مصر في الآونة الأخيرة، فيما قرأها آخرون بأنّها خطوة لتعزيز العلاقات المصرية الأوروبية وبناء مصالح مشتركة في المجالات المختلفة مع دول الاتحاد الأوروبي، والتي يحرص الرئيس السيسي عليها مذ توليه الحكم.
توتّر وارتباك
واستند من يرى القمة «صفعة» لتركيا، إلى أسباب عدة ترجح أن يكون ذلك اللقاء موجهاً بشكل مباشر، وهو ما يذكره الباحث السياسي يسري العزباوي، في تصريحات قائلاً: «المواقف التركية تجاه كل من مصر وقبرص واليونان بها شيء من التوتّر والارتباك، تتمثّل في الأزمة الدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة منذ «ثورة 30 حزيران»… والإطاحة بحكم الإخوان، في حين ما زال الرئيس التركي يدعم التنظيم الدولي للجماعة حتى الآن، بل ويحتضن مؤتمراتهم في مدينة إسطنبول، فضلاً عن فتحه الباب أمام قيادات التنظيم عقب طردهم من بعض الدول على حد تعبيره، وذلك بالتزامن مع تطاول مستمر منه على القيادة المصرية الحالية، وكان آخرها كلمته باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
وفي ما يتعلق بالعلاقات التركية مع دولتي قبرص واليونان، يوضح العزباوي أنّ «التوتر بين تركيا وقبرص يرجع إلى أزمة تمتد لسنوات بين البلدين، منذ سيطرة تركيا على الجزء الشمالي من الجزيرة، فضلاً عن اختلاف وجهات النظر والمواقف السياسية بين تركيا واليونان أيضاً»، مؤكداً أنّ هذه عوامل تجعل القمة من الدول الثلاثة بمثابة ضربة وتحالف ضد تركيا، للعدول عن مواقفها العدائية تجاه الدول المختلفة معها سياسياً.
علاقات دبلوماسية
على النقيض، يعارض مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير أحمد أبو الخير ذلك الرأي، مشيراً إلى «الهدف من تلك القمة الثلاثية هو سعي مصر الدائم منذ «ثورة 30 حزيران» إلى بناء علاقات دبلوماسية قوية مع دول الاتحاد الأوروبي ومن بينها قبرص واليونان»، مستبعداً أن تكون القمة عُقدت خصيصاً بهدف توجيه ضربة من أي نوع لتركيا، وإنما جاءت للتعاون وتعزيز العلاقات على المستويات كافة.
ويُرجع أبو الخير في تصريحاته، أسباب انعقاد القمة الثلاثية قائلاً: «مصر تحاول إيجاد بوابة لها وظهيراً داخل الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن وجود اتصالات مباشرة بينها مع مختلف دول الاتحاد لتحقيق هذا الغرض، فضلاً عن محاولتها لبناء مصالح مشتركة بينها وقبرص واليونان، نظراً إلى ما يربطهم من علاقات تاريخية ومواقف سياسية موحّدة».
مشيراً إلى أنّ البيان الصادر عن الدول الثلاث عقب القمة أكد ذلك، حينما تضمن: «تحالفنا ليس موجّها ضد أية دولة معينة، ويهدف إلى أن يكون أنموذجا للتعاون الإقليمي»، وهو ما يعتبر أمراً حاسماً لكل التأويلات حول دوافع القمة والمغزى منها.
تحدّ
وسلطت وسائل الإعلام التركية الضوء على اجتماع القمة الثلاثية وما صدر عنها من إعلان تعاون مشترك في مجال الطاقة والغاز الطبيعي، والتي وصفته تقارير إعلامية تركية بأنه «تحد» لرغبة أنقرة في السيطرة على مصادر الغاز الطبيعي بشرق البحر المتوسط، وفقاً لما أوردته صحيفة «وورلد بولتين» التركية، في معرض تناولها اجتماع القمة.