المنصوريّة بلدة الحضور القوميّ المشعّ والنشاط الإذاعيّ

لبيب ناصيف

من بلدات المتن الشمالي التي شهدت حضوراً جيداً للحزب، وتعرض رفقاؤنا فيها عام 1975، مع بداية الحرب الأهلية الى هجوم من قبل الكتائب 1 فنهب مكتب المديرية ومنازل الرفقاء ودمر بعضها، ما اضطر معظمهم الى مغادرة البلدة مع عائلاتهم.

استشهد خلال المعركة في 18 و 19 كانون الأول 1975 المواطنان ناصر ومفيد حاموش، واغتيل في جديدة المتن بتاريخ 20/12/1975 المواطن جورج حاموش. تلك البلدة هي المنصورية.

عنها نحكي استناداً الى المعلومات التي قدمها الرفيقان طانيوس حاموش 2 وإيليا صادق.

في عام 1969 انتمى الرفيق إيليا صادق في مديرية إنطلياس التي كان مديرها في ذلك الوقت الرفيق جان داية، أنشئت على أثرها مفوضية في المنصورية تشكلت من الرفيق إيليا صادق مفوضاً، ومن رفقاء مقيمين فيها، ولم يكونوا من أبنائها: ميشال أنطكلي وحرب زيود من الشام ، منير النابلسي الجنوب السوري ، فكتور غطاس مشغرة عصام رزق الله العربانية .

بادرت المفوضية الى استئجار مكتب لها في البلدة وبدأت نشاطها الإذاعي 3 وكان أول المنتمين الرفقاء: بارد حاموش، ريمون حاموش وطانيوس حاموش، ثم تباعاً كعدي كعدي قوسايا يوسف حاموش، سليم الأسمر زندوقة رابحة حرب زيود، فأنشئت مديرية وتعيين الرفيق إيليا صادق أول مدير لها. انضم إليها رفقاء من خارج المنصورية كانوا يقطنون فيها، منهم: حسن خليل الجنوب ، غازي زرزور زحلة ، مأمون منصور مشغرة .

عام 1971، وكان الأمين إنعام رعد يتولى مسؤولية عميد للإذاعة، ألقى في مكتب المديرية محاضرة عقائدية شاملة 4 كان لها الأثر البالغ في دفع المديرية الى المزيد من النشاط، والانتماءات، وفي 1973 انتمى الطالب في إحدى ثانويات الأشرفية، جورج أسعد حاموش 5 .

كانت مديرية المنصورية تتبع منذ تأسيسها، وحتى اندلاع الحوادث عام 1975، لمنفذية الضاحية الشرقية التي كان يتولى مسؤولية المنفذ العام فيها الرفيق جميل عساف الأمين لاحقاً .

أصدرت المديرية نشرة شهرية عنوانها «صوت المنصورية» كانت تُنشر فيها تعليقات وأخبار ومعلومات حزبية وسياسية واجتماعية. ساهمت النشرة، الى انتقال مكتب المديرية الى بناء جديد وسط البلدة، في انتشار الحضور الحزبي في المنصورية وإقامة أوثق الصلات مع العدد الكبير من أبنائها والمقيمين فيها.

انتقل الرفيق إيلي صادق لتولي مسؤولية ناظر مالية في منفذية الضاحية الشرقية 6 ، فعين الرفيق كعدي كعدي مديراً لها. ثم تولى المسؤولية الرفيق طانيوس حاموش 1974 1975 الى أن حصل الهجوم من قبل الكتائب اللبنانية على مكتب المديرية ومنازل الرفقاء.

لا يسعنا أن نورد جميع أسماء الرفقاء والمواطنين الأصدقاء من عائلة حاموش التي تعتبر من أكثر عائلات المنصورية قربى من الحزب.

كذلك أسماء الرفقاء الآخرين في المنصورية وهي شهدت حضوراً حزبياً مشّعاً على مدى سنوات 1969 1975 .

المنصورية: تاريخاً وجغرافية

نقلاً عن العدد الأول من نشرة «المنصورية» كانون الأول 1972

نشوء قرية المنصورية:

يحدد التقليد عمر هذه القرية بنحو أربعماية سنة. وليس هنالك ما من شأنه أن يثبت صحة التقليد أو يكذبه، غير أن هنالك منطقة تحمل اسماً سريانياً، تشكل منطقة من أملاك المنصورية وتعرف بـ«عيلوت» يبدو أنها كانت مأهولة منذ ما قبل القرن الرابع عشر حتى نهاية الربع الألأول من هذا القرن. وقد يكون اسمها السرياني دلالة كافية على قدمها، بالإضافة الى آثار استصلاح الأراضي المحيطة بها منذ عصور قديمة، غير أن «عيلوت» التي كانت في القرنين الأخيرين مزرعة لأهالي المنصورية، قد هجروها نهائياً بسبب عدم وصول الطريق إليها، فخرجت بيوتها وغدت قرية مهجورة لا سكن فيها. أما اسمها السرياني فهو تصحيف لـ«علايوتا» أي العالي والمرتفع والقمة والهضبة.

اسم المنصورية عربي، أفادتنا التقاليد في الجوار والمحيط بأن معركة صليبية حصلت على تلك الرابية، وكان النصر فيها من نصيب العرب، فدعوها المنصورية، نسبة الى انتصارهم في تلك المعركة، وهذا ما ذكر في بعض المخطوطات التي يعود تاريخها الى أواخر القرن الماضي.

المنصورية تنمو بعد فترة الاستقلال:

حين شبت ثورة سنة 1840 على حكم الأمير بشير، انتقل الأمير خنجر الحرفوش، أح قادة الثورة مع بعض الرجال الى حمانا ومنها الى المكلس، فأرسل اليه سليمان باشا عسكر الأرناؤوط ونشب قتال بين الفريقين، ولما اشتد أوار المعركة وكثرت العساكر المصرية انهزم الثوار وتفرقوا، ففر الأمير خنجر الى جرد العاقورة، ونهبت عساكر الأرناؤوط المكلس والمنصورية وأحرقت بعضهما بالإضافة الى إحراقها دير القلعة وبيت مري.

دام عدم الاستقرار في المنطقة حتى ما بعد الحرب العالمية الاولى، ورغم أن المنصورية كانت تعد من قرى مقاطعة المتن الكبيرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلاّ أنها لم تكن تتمتع بعناصر الإنتاج وسبل البحبوحة قبل نهاية الربع الأول من هذا القرن.

كانت أولى بوادر انفتاح القرية على المجتمع العام وعلى المدينة انفتاحاً مباشراً قيام الأهلين بتمويل وتجهيز مشروع شق طريق تصل القرية بالمدينة من ناحية، وبطريق بيت مري من ناحية ثانية.

ففي عام 1930، شقّ أبناء المنصورية طريقاً من سن الفيل الى رأس المنصورية بالتعاون مع اهالي المكلس، وبلغ طولها نحو ستة كيلومترات فقدموا أملاكهم وأتعابهم في سبيل تحقيق هذا المشروع.

بقيت طريق المنصورية من دون رصف ولا تعبيد مدة ثماني سنوات، يوم رصفتها جنود الحلفاء عند دخولها لبنان في الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك التاريخ بدأت المنصورية ترتدي طابعاً يميزها عن القرية المنزوية البعيدة عن الطريق العام.

بعد رصف الطريق وتعبيده بسنوات قليلة، جُهّزت المنصورية بشبكة مياه نبع المنبوخ، بفضل المشروع الذي قام به المرحوم حبيب عقل، ثم جهزت القرية بالكهرباء.

إنجازات حديثة:

رافقت المشاريع العامة حركة العمران، إذ أنشئ في المنصورية حديثاً مركز للبرق والبريد والهاتف، وأنيرت طرقاتها بشبكة ضخمة من الفلوريسانت، وجُدّدت فيها مدرسة رسمية أنشئت منذ نحو عشرين سنة، كما أنشئت فيها مدرسة رسمية ثانية.

عام 1960، أنشأت طائفة البروتستانت الكلية المعمدانية، وعام 1963، أنشئ معهد يعرف بمعهد بنايل. وهنالك مدرسة خاصة منذ نحو 20 سنة تعرف بمدرسة تابت العالية.

هوامش:

1 – نحكي عنها في نبذة خاصة لاحقاً.

2 – تولى في الحزب مسؤوليات محلية عديدة، منها ناظر مالية منفذية زحلة، ومدير مديرية الروشة، ومركزية في عمدتي الدفاع والعمل، كان أبرزها توليه في الأعوام 1980-1984 المكتب المركزي لرعاية أسر شهداء الحزب.

3 – كان يغطي الحلقات الإذاعية عدد من الرفقاء المذيعين أبرزهم الأمينان الياس جرجي وتوفيق مهنا، والرفيقان نصري صايغ وجان داية.

4 – يذكر الرفيق طانيوس حاموش أن المحاضرة شهدت حضوراً كثيفاً ونوعياً. من الحضور رئيس بلدية المنصورية سابقاً الأستاذ خليل نجم الخوري.

5 – عرفته رفيقاً مقداماً ونشيطاً، غادر الى فرنسا في الثمانينات ولم أعد أعرف عنه شيئاً.

6 – تعيّن الرفيق صادق بعد ذلك ناموساً للمنفذية كان الأمين رضا خطار منفذاً عاماً فرئيساً لشعبة الخدمات الاجتماعية في عمدة العمل العميد الأمين نصري خوري وتمّ في اثنائها تأسيس مستوصفات في كل من سن الفيل، وحي السلم والنبي عثمان. من الرفقاء الأطباء الذين كانوا يعالجون في المستوصفات: فهيم داغر، ورامز صباغ ونجيب نهرا.

عام 1974 ساهم في تأسيس تعاونية استهلاكية في سن الفيل، كان فيها الأمين محمود غزالة رئيساً لمجلس الإدارة، والرفيق إيليا صادق مديراً. بقيت هذه التعاونية تعمل بنجاح منقطع النظير حتى 30 حزيران 1975 يوم تعرضت للنهب وأحرقت.

رئيس لجنة تاريخ الحزب

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى