ماذا يجري في عفرين؟
حميدي العبدالله
شهدت مدينة عفرين وبعض البلدات القريبة منها اشتباكات عنيفة بين الميلشيات المسلحة التي تتعاون مع الاحتلال التركي.
وعلى الرغم من أنّ العنوان الإعلامي الذي حرص المحتلون الأتراك والميلشيات العميلة وضع ما يجري تحته هو محاربة الفساد والمفسدين، وضبط حالة الفلتان الأمني، إلا أنه لوحظ أن الهجوم الذي شنّه الجيش التركي مع ميلشيات عميلة أخرى له استهدفت أحد الميلشيات التي دخلت إلى عفرين أثناء عملية الغزو التركي لها وهي ميلشيات ما يعرف بـ: «شهداء الشرقية».
واضح أنّ العملية ليست مكافحة فاسدين أو وقف الفلتان الأمني، بل إنها تحوّلت إلى عملية عسكرية حيث وقعت اشتباكات عنيفة شاركت فيها القوات التركية وميليشيات مسلحة أخرى، وترافقت مع إعلان حظر التجوّل في مدينة عفرين ومناطق أخرى. وقد شاركت الدبابات والآليات الثقيلة التركية في الاشتباكات، وقد جاء التدخل التركي بعد أن عجزت الفصائل الأخرى عن حسم المعركة لمصلحتها ضدّ ميليشيا «شهداء الشرقية».
السؤال المطروح الآن إذا لم تكن هذه المعارك فعلاً تستهدف فاسدين أو وقف الفلتان الأمني الذي حوّل المنطقة إلى جحيم يضاف إلى الجحيم الذي تسبّب به الغزو التركي، فما هي الأسباب والدوافع التي تفسّر هذه الاشتباكات، علماً أنّ جميع الميليشيات المسلحة في هذه المنطقة تعمل تحت راية جيش الاحتلال التركي وتتلقى الدعم والمساعدة من تركيا؟
بعض التفسيرات تقول إنّ سبب الاشتباكات عدم ثقة تركيا بهذه الميليشيات التي ساهمت في تمكين الاحتلال التركي من السيطرة على عفرين، لأنّ غالبية مسلحي ميليشيا «شهداء الشرقية» هم من دير الزور، لا سيما أنّ بعض التقارير الإعلامية تقول إنّ هذه الميليشيا رفضت تسليم أسلحتها لتركيا بعد أن طلبت قوات الاحتلال التركي منها ذلك. إذن ربما يكون عامل عدم الوثوق بولاء هذه الميليشيا الحصري لقوات الاحتلال التركي والخشية من تعاونها مع قوات الاحتلال الأميركي هو الذي يفسّر هذه الاشتباكات، أيّ أنها صراع على الولاء لقوات الاحتلال، تركيا تريد حصر ولاء الميليشيات بها وحدها، في حين أنّ بعض الميليشيات تسعى للارتباط بجهات أخرى مثل الاحتلال الأميركي، وربما دول أخرى تمول هذه الميليشيات مثل المملكة العربية السعودية التي تجري اتصالات بصورة مباشرة عبر بعض رجال العشائر المقيمين فيها للتأثير على الأوضاع في سورية حيث تنتشر هذه العشائر.
تفسير آخر يشير إلى أنّ استهداف ميليشيا «شهداء الشرقية» لأنها رفضت الامتثال لما جاء في اتفاق سوتشي، ولا سيما المنطقة العازلة، لكن هذا التفسير غير صحيح لأنّ هذه الميليشيا لا تتواجد في المناطق المحددة كمناطق منزوعة السلاح.
إذن يبقى التفسير الوحيد المنطقي أنّ تركيا تريد حصر الولاء لها وعدم قبول أيّ ميليشيا لا يكون ولاؤها حصرياً لتركيا.