تأبين العلامة الباحث الدكتور عفيف بهنسي في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق
رانيا مشوِّح
لأنها بلاد الشمس بعثت أشعتها على هيئة مبدعين أضاؤوا للعالم طريق الفنّ والعلم والمعرفة، ولأنهم أبناء الشمس، ما بخلوا بجميلهم على الإبداع والثقافة، ومن هنا كان تكريمهم واجباً وتخليد ذكراهم حقّاً على كل عارفٍ ومحبّ، وتخليداً لذكرى الدكتور عفيف بهنسي قامت وزارة الثقافة، مكتبة الأسد وبالتعاون مع مؤسسة وثيقة وطن وبمناسبة مرور سنة على رحيل العلامة الباحث الدكتور عفيف بهنسي بإقامة حفل تأبين وتوقيع كتاب «مذكّرات عفيف بهنسي» في قاعة المحاضرات في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق.
القيّم
وفي كلمة أصدقاء الفقيد قال الدكتور علي القيّم: «ثمة استحالة من اختصار سيرة الراحل التي استمرت أكثر من 70 عاماً ونتج عنها ما يزيد على 600 كتاب في مجالات الترجمة والتأليف، إضافة إلى قيامه بالتدريس في كليات الفنون الجميلة والعمارة والهندسة المدنية والآداب والمساهمة بتأسيس المتاحف والجامعات والمراكز الثقافية والفنية وخدمة الآثار والتراث والبحث عن الأصالة والحداثة.
وأضاف: عفيف البهنسي كان وفياً وصادقاً وأصيلاً وشمولياً ولم تخنه بصيرته حتى آخر أيام عمره وترك مآثر حافلة في تاريخ العلماء والباحثين والأدباء وكان مدافعاً عن العقل وعن كبرياء السوريين وعن الحقيقة في ظل اغترابها وفتح نوافذ عديدة في زمن كان فيه هناك من حاولوا أن يسدوا كل بصيص أمل.
القاسم
وبدوره تحدّث معدّ الكتاب الناقد التشكيلي سعد القاسم وقال: الكتاب هو مادة إعلامية اقتصرت على طرح الأسئلة وتسجيل الأجوبة ومن ثم إعادة صياغتها بما يحرّرها من العيوب السردية وعثرات الذاكرة والنقاش مع الراحل في تبويب فصول الكتاب، حجم الكتاب لدى إنجازه تجاوز بكثير المتفق عليه مع المؤسسة ما استدعى إحالة بعض فصوله إلى موقعها الإلكتروني والإشارة إلى ذلك في نهاية الكتاب، ومن المؤلم أن يرحل الدكتور البهنسي قبل أن يرى الكتاب كما كان يتمنى.
مرشد
كما تحدث مدير عام مكتبة الأسد الوطنية إياد مرشد عن الراحل فقال: الراحل عفيف بهنسي باقٍ في سورية بأبنائه وإبداعه وبما قدّمه للمكتبة العربية من معارف أغنت الحياة الثقافية والفكرية والفنية وكان واحداً من صناع الإبداع والجمال في العالم بوجه من يحاولون تشويهه بالدمار والخراب وبتجريد الإنسان من إنسانيته، حيث إن الراحل في حياته قد قام بإهداء مكتبته الخاصة إلى مكتبة الأسد الوطنية.
بهنسي
كما عرض نجل الراحل الدكتور إياد بهنسي في كلمة أبناء الفقيد عن محطّات مسيرة والده في البحث والكتابة والقراءة وروتين حياته اليومية: والدي بقي حتى سنّ التاسعة والثمانين يمارس حياته الطبيعية قضاها كلها في عمل مجدّ وقد حمل هم أمته وتراثها وتاريخها وهو يلامس سن التسعين ليسجل بذلك إعجازاً إنسانياً بأرقى صوره فضلاً عن متابعته المستمرة لما تعرّضت له الآثار السورية خلال الحرب الإرهابية.
تضمن الحفل الذي أقيم بالتعاون مع مؤسسة وثيقة وطن معرضاً لسلسلة من الكتب العديدة التي ألفها الراحل بهنسي بالعربية ولغات أجنبية مع مجموعة من الأطروحات والدراسات والأشعار التي تجاوزت المئة إضافة لأعمال تشكيلية من مختلف المدارس والأساليب قام برسمها خلال العامين الأخيرين من حياته وهو يصارع المرض مُجسداً فيها ما كان يجول في داخله من مشاعر وأحاسيس وأفكار.
كما تم عرض فيلم وثائقي من إعداد ابنته يولا بهنسي عن مسيرة والدها الحافلة والغنية بالعديد من الإنجازات العظيمة على مستوى سورية والعالم سواء من خلال افتتاحه العديد من المتاحف في سورية إلى اكتشافه مواقع أثرية كثيرة وإعداده المئات من الأبحاث والدراسات الأثرية والعمرانية التي أغنت المكتبة العربية في العمارة والفنون والتاريخ والحضارة الإنسانية، إضافةً إلى تسلمه العديد من المناصب التي وظفها في خدمة وطنه والإنسانية جمعاء.
وتمّ في نهاية حفل التأبين توقيع الكتاب الذي حمل عنوان «مذكّرات عفيف البهنسي» وهو باكورة إصدارات «مؤسسة وثيقة وطن» متضمّناً سرداً لأهم المحطات التي مرّ بها الراحل منذ نشأته وبداياته الفنية والمهنية وما تتضمّنه من ذكريات شخصية ومعرفية من تاريخ سورية وشخصياتها.
حضر حفل التأبين وزير السياحة بشر اليازجي ومعاون وزير الثقافة علي المبيض وعدد من مديري المؤسسات الإعلامية والثقافية وحشد من المثقفين والكتاب.
عفيف بهنسي في أسطر
عفيف بهنسي 17 نيسان 1928 ـ 02 تشرين الثاني2017 مؤرّخِ وفنّانِ تشكيلي وأستاذ من مواليد دمشق. درس في دمشق جميع مراحل الدراسة وحصل على إجازة دار المعلمين فيها. حصل على الإجازة في الحقوق ودبلوم العلوم الإدارية من جامعة دمشق عام 1950، درس الفن في «معهد أندره لوت» في باريس ودرس تاريخ الفن في معهد اللوفر. حصل على الدكتوراه في تاريخ الفن من جامعة باريس السوربون عام 1964 بدرجة مشرّف جداً. حصل على دكتوراه الدولة من جامعة باريس السوربون عام 1978 بدرجة مشرّف جداً. لأسرة بهنسي شجرة وتاريخ محفوظة في مكتبة الأسد.
قدّم بهنسي للمكتبة العربية أكثر من 70 كتاباً نالت شهرة عربية وعالمية، وقد ترجم الكثير من مؤلفاته إلى لغات أجنبية كما شارك في تأليف موسوعات عالمية، ووضع كتباً بلغات أجنبية. من مؤلفاته: «الفنون التشكيلية في سورية»، «الفنّ عبر التاريخ»، «الفنّ الحديث في سورية»، «معجم مصطلحات الفنون»، «الفنّ والاستشراق»، «وثائق ايبلا»، «جمالية الفنّ العربي»، «رواد الفنّ في البلاد العربية»، «فلسفة الفنّ عند أبي حيان التوحيدي»، «خطاب الأصالة في الفنّ والعمارة».