قصف أحياء حلب بالكيميائي… و«الخوذ البيضاء» تتحمّل المسؤولية لبنان بلا حكومة إلى إشعار آخر… والحريري يدرس موعد «التشاوري»
كتب المحرّر السياسيّ
في ظل خلط أوراق كبير على الساحتين الدولية والإقليمية، وتفلت الكثير من أوراق العلاقات الدولية من نطاق السيطرة، وتصبح هوامش اللاعبين المحليين أوسع كما تصبح القدرة على التلاعب بها وتوظيفها من مراكز النفوذ المتصارعة في الدول الكبرى، كحال المواجهة بين المخابرات الأميركية والبيت الأبيض، تظهر على سطح الأحداث الكثير من الإشارات لمخاطر وقوع العالم في فوضى سياسية وأمنية، إذا استمرّ حال التردّد في مقاربة البحث عن تفاهمات كبرى تضع سقوفاً للتسويات الممكنة، والصراعات الصعبة، وكما تبدو حال التصعيد في أوكرانيا خارج سياق العلاقات الدولية المعقدة تبدو الاعتداءات بالسلاح الكيميائي في حلب، حيث تتراوح الاحتمالات بين كونها شعوراً لدى اللاعبين المحسوبين على المعسكر الأميركي بتراجع القبضة الأميركية وقدرتهم على فرض قواعد غير مسيطر عليها للصراع، أو أن تكون المخابرات الأميركية قد قررت استعمال أوراقها لخلق وقائع مربكة للعلاقات الدولية بوجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبيل توجهه إلى قمة بوينس آيرس ومشروع القمة التي ستجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
القصف العنيف لمدن شرق أوكرانيا من جانب الجيش الأوكراني بذريعة إسقاط طائرة بدون طيار تخطّت خط وقف النار، كما القصف الكيميائي لأحياء حلب من قبل جماعات الخوذ البيضاء التي تشغلها المخابرات الأميركية، إشارات لتعقيدات تنتظر الرئيسين ترامب وبوتين تضاف للملفات المعقدة على طاولة القمة، من الوضع في سورية والعقوبات الأميركية على إيران، إلى الوضع السعودي القلق والصعب على خلفية تورط ولي العهد السعودي بقتل جمال الخاشقجي. وقد جاء كلام وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ليرسم إطار نظرة موسكو لهذه التعقيدات، بتشديده على «أهمية إطلاق تعاون مهني وغير مسيّس بين موسكو و واشنطن على المسارات الحيوية، لما فيه مصلحة البلدين و المجتمع الدولي ، وتحديداً في سوريا و كوريا الشمالية». وأشار لافروف في تصريح له إلى أن «المجالات التي تتطلب التعاون بين روسيا والولايات، تشمل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وانتشار أسلحة الدمار الشامل والمخاطر التي تهدد الأمن السيبراني»، لافتاً إلى «أهمية تبادل المعلومات والخبرات على المستوى المهني في المجالات المذكورة، عوضاً عن ممارسة الافتراء والتضليل». واعتبر لافروف أن «نجاح الجهود الرامية إلى تسوية مختلف الأزمات التي تكثر في العالم الراهن بما فيها الأزمة السورية والتطبيع في شبه الجزيرة الكورية، مرهون بموقفي روسيا والولايات المتحدة لكونهما دولتين متنفذتين، حيث توجد «إمكانيات جدية» لتوحيد جهود البلدين من أجل نتائج إيجابية»، كما شدّد لافروف على «ضرورة التغلب على أوجه الخلل في العلاقات الثنائية التي باتت تتراكم بين البلدين منذ أن قطعت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما معظم قنوات الحوار مع موسكو»، ولم يستبعد «احتمال لجوء القوى الأميركية الساعية لتقويض رئاسة دونالد ترامب إلى استفزازات جديدة للإضرار بالعلاقات الروسية الأميركية»، مؤكداً أن «كل ذلك لا يُقصي الحاجة للحوار والتفاعل». وأعرب لافروف عن «تفاؤله الحذر بهذا الشأن في ظل ظهور بوادر إيجابية في الفترة الأخيرة لإحياء بعض قنوات الحوار وتحديداً بين مجلسي الأمن الروسي والأميركي».
لبنانياً، تضاءلت الآمال بولادة الحكومة الجديدة التي بدت معلقة على المجهول، وبات على اللبنانيين تقبل التعايش مع وضع دولة بلا حكومة حتى إشعار آخر في ظل تراكم القضايا والملفات والتحديات أمام جمود اقتصادي قاتل، وتراجع خدمي وشعور بالقلق يعم اللبنانيين، فيما المناشدات بتخطي العقدة المتبقية أمام ولادة الحكومة تذهب في الهواء، ويستمرّ الجمود ينتظر اللبنانيون ما سيفعله الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة بصدد طلب الموعد الذي توجّه به نواب اللقاء التشاوري، كإشارة على نيّة الحلحلة، بينما تتحدّث مصادر مقربة من الحريري عن عدم وجود مبرر للموعد، الذي قال نواب اللقاء التشاوري إنهم يريدون من خلاله تأكيد حرصهم على عدم تحدّي الحريري من جهة وتأكيد حقهم بالتمثيل في الحكومة من جهة مقابلة.
لا جديد على الصعيد الحكومي، فعطلة نهاية الأسبوع لم تشهد أيّ تقدّم على صعيد حلّ أزمة تمثيل سنة الثامن من آذار، فالاتصالات تجمّدت يومي السبت والأحد، في حين كان لافتاً ما أعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم السبت أنّ الأزمة الحكومية لم تعد أزمة صغيرة، لأنها كبرت محذراً من مخاطر تفرّد كلّ فريق بالسلطة. وأتى الرئيس عون على واقعة حكم لسليمان الحكيم «يوم أتت إليه امرأتان مع طفل وكلّ منهما تدّعي أنها أمه. وبعد جهد جهيد، قال إنه سيحكم بالعدل بينهما بأن يتمّ تقطيع الطفل الى قطعتين لكلٍّ واحدة قطعة. فصرخت إحداهما: لا تقتله بل اعطه كلّه الى الأخرى، فعرف سليمان عندها من هي الأم الحقيقية». وقال عون «نحن اليوم نريد أن نعرف مَن هي أم لبنان لكي نعطيها لبنان. وسأكتفي بهذه الكلمة الموجزة». وانسجاماً مع موقف العهد، أكد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جهته من البترون، حيث قال فليكن عنواننا العمل البناء على أمل ان تبصر الحكومة العتيدة النور بالرغم من كل شيء. وقال للأسف لا تزال هناك نزعتان تتحكمان بنا في لبنان: نزعة الفرض ونزعة الاستئثار، وهناك من يريد أن يأخذ كل شيء له وهناك من يريد أن يفرض على غيره، وهاتان النزعتان لا تشبهان لبنان ولا تستطيعان أن تكسرا لبنان، وعندما تحكمتا بنا حصل خلل ما وضرب كل البلد واقتصاده وناسه».
وتبنى البطريرك الماروني بشارة الراعي كلام الرئيس عون ولفت في تصريح له من مطار بيروت الدولي بعد عودته من روما، إلى أن رئيس الجمهورية سأل مَن هي والدة الصبي، داعياً الجميع إلى أن يبرهنوا يحملون هم لبنان، مشيراً إلى أن من يحمل أم لبنان يقدم التضحيات، قائلاً: «لا أرى أحداً لديه همّ لبنان فوق كل اعتبار».
ومع ذلك، تشدّد مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» على انّ رئيس الجمهورية قد يلجأ الى حلّ العقدة السنية على قاعدة تنازل الجميع، مشيرة إلى أنّ خطوة الرئيس عون التي تترافق مع تكليفه الوزير باسيل الاتصال مع جميع الفرقاء بطرح بعض الافكار في محاولة لفتح باب للحوار بين اللقاء التشاوري والرئيس المكلف تهدف الى تسريع التأليف لا سيما أن العهد يتآكل، ففترة تصريف الأعمال طالت، والرئيس عون عوّل منذ اليوم على حكومة ما بعد الانتخابات للقيام بالإصلاحات التي وعد بها، في حين أن الرئيس الحريري يبدو أنه غير مستعجل فهو يعي أن أحداً من المكوّنات لن يلجأ الى تسمية غيره لتشكيل الحكومة. وتختم المصادر كلامها بالقول «انشالله ما يكون كلام القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري مع بداية الاستشارات النيابية صحيحاً حول أن «الحكومة في لبنان لن تتألف إلا وفق شروطنا ومهما طال الوقت».
وتستغرب مصادر حزب الله عبر «البناء» موقف الرئيس الحريري الرافض تمثيل نواب 8 آذار السنة، مشيرة إلى أن الحديث هنا وهناك أن حزب الله يريد عبر تمثيل اللقاء التشاوري محاصرة الرئيس المكلف عار عن الصحة جملة وتفصيلاً، متسائلة ليجاوبنا الحريري أين تكمن المشكلة اذا تمثل اللقاء التشاوري بوزير دولة داخل الحكومة وأين تكمن محاصرته، معتبرة أن الأقاويل السابقة الذكر هي دليل ضعف، لافتة إلى أن الأمور أكبر من ذلك بكثير لا سيما أن الحريري قلق جداً من اعتراف الجميع انه لم يعد يحتكر التمثيل السني، وأن ذلك الزمن قد ولى الى غير رجعة. وسألت المصادر لماذا لم يعترض حزب الله عند توزير إبراهيم شمس الدين او باسم السبع ولم يعتبر أن توزيرهما من ضمن حصة المستقبل إضعافاً للثنائي الشيعي علماً أن أحداً لم يأت على سؤال الحزب او الحركة حينذاك.
وفي هذا السياق، رأى عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن الأزمة الحكومية في لبنان تتفاقم وتتعقد، بسبب تنكر الرئيس المكلف لنتائج الانتخابات النيابية، ولحق النواب السنة المستقلين بالتمثيل الوزاري، لا سيما أنّهم يمثلون شريحة وازنة من اللبنانيين. كلما استمر الرئيس المكلف بالتنكر لنتائج الانتخابات ولحق هؤلاء بالتوزير، فهذا يعني أن الأزمة مستمرة، مؤكداً أننا حريصون على الحل، ولكن الحل والعقدة بدايتهما ونهايتهما عند الرئيس المكلف.
وأعرب الرئيس المكلف سعد الحريري عن أمله «ان يتم التوصل الى حل لأزمة تشكيل الحكومة»، وقال خلال تسلمه رسالة الاستقلال التي جاء بها غطاسون من نادي تشايسدايفرز من قعر البحر: «في نهاية المطاف أنا متأكد اننا سنصل الى حل، ويجب ان نصل الى حلّ، وعلى الجميع أن يعي أن الدستور اللبناني هو الذي يجمعنا». ودعت المصادر الرئيس المكلف الى قراءة الواقع بدقة لأن تشبثه بموقفه لن يعود عليه بالمنفعة على الإطلاق.
وفي المقابل، تؤكد مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن الامور تراوح مكانها، مشيرة إلى أن كل الاوساط الدائرة في فلك بيت الوسط تصب في خانة أن اللقاء لن يتم، لكن الاوساط نفسها تقول إن الموقف الرسمي لم يعلنه الرئيس الحريري حتى الساعة. وشددت المصادر على أن نواب سنة 8 آذار ليسوا على استعداد لتعديل موقفهم، ولم يطلبوا الاجتماع بالرئيس المكلف للتفاوض، إنما من أجل تمثيلهم من حصته، الامر الذي لن يتحقق، ولذلك فإن اللقاء لن يغيّر شيئاً. فوجهة نظر هؤلاء سمعها الرئيس المكلف منهم في الإعلام وتكفل حزب الله بتسويقها أيضاً، والرئيس الحريري قال ما عنده أيضاً، مشدّدة على ان الحكومة جاهزة وينقصها فقط أسماء وزراء حزب الله الثلاثة.
وفيما بدا واضحاً أن هناك مسعى لدى البعض لتوسيع مهمة تصريف الأعمال بحجة أن تأليف الحكومة بعيد المنال، وان الوضع الاقتصادي يستدعي اجتماع حكومة تصريف الأعمال، وإلا فإن البلد كله سيتعطّل. أكد الخبير الدستوري عادل يمين لـ«لبناء» أنه استناداً إلى المادة 64 من الدستور على الحكومة المستقيلة أو المعتبرة مستقيلة الاكتفاء بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، وأمام صراحة النص لا يمكن توسيع صلاحيات حكومة تصريف الأعمال بالمطلق، ولكن هذا المفهوم ذاته يستوعب القضايا والمواضيع ذات الطابع الضروري والملحّ والتي لا تتحمّل تأخيراً وهذا يقود إلى أن إطالة مدة تصريف الأعمال ستؤدي بطبيعة الحال إلى مرور مواضيع وقضايا أكثر وأكثر من هذا النوع وقد تضطر الحكومة إلى التعاطي ببعض المرونة إنما من ضمن سقف تصريف الأعمال.
أما بخصوص محاسبة وزراء تصريف الأعمال فتبقى قائمة، بحسب يمين، من حيث توجيه الأسئلة والاستجوابات من النواب وإمكانية تأليف لجان تحقيق نيابية وكذلك إمكانية توجيه الاتهام في حال ارتكاب جرائم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء وإمكانية تحرّك القضاء، ولكن لا يعود بإمكان البرلمان استخدام صلاحية حجب الثقة.
الى ذلك، وصل إلى بيروت أمس رئيس مجلس النواب البلجيكي سيغريد براك، على رأس وفد، آتياً من بروكسل، في زيارة رسمية للبنان، تستمر أياماً، يُجري خلالها لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين، ويبدأها ظهر اليوم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، للبحث في عدد من القضايا المشتركة، أبرزها العلاقات بين مجلسي النواب في كلا البلدين، وتمديد الاتفاقية الموقعة بينهما، بالإضافة إلى العلاقات بين مجلس النواب اللبناني والبرلمان الأوروبي. ومن المقرر أن يلتقي براك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، ويجول في مخيم للنازحين السوريين في البقاع.
وتحدّث براك عن زيارته لبنان، فقال: «هناك العديد من القرارات المهمة جداً التي على لبنان واللبنانيين أن يتخذوها، وحيث إن لبنان يشكل جسر تواصل وعبور، بين الاتحاد الأوروبي مع العالم العربي، فإننا نتطلّع إلى الاستقرار السياسي في لبنان»، مبدياً تأكيده أن «النموذج اللبناني، سوف ينجح في إيجاد مخرج وحلّ للأزمة السياسية القائمة».
من ناحية أخرى، أعلن لبنان أمس رفضَه نتائجَ التحقيقات التي أجراها العدو الإسرائيلي في جريمة إغراق سفينة تحمل مدنيين عام 1982 قبالة الساحل الشمالي، ودعا الدول الأعضاء في مجلس الأمن الى إدانة «إسرائيل» وإصدار القرارات المناسبة بحقها. وأكدت الخارجية أن لبنان سيبقى السد المنيع وهي ستبقى أداته الدبلوماسية للوقوف بوجه أي اعتداء إسرائيلي على لبنان وشعبه.
موسكو تحتجز 3 سفن عسكرية أوكرانية
أفاد مركز العلاقات العامة في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي بأنه تمّ احتجاز السفن الأوكرانية الثلاث التي انتهكت المياه الإقليمية الروسية.
وأكد المركز أيضاً توفر الأدلة الدامغة لتحضير كييف وقيامها بالاستفزازات في البحر الأسود، مشيراً إلى أنّ هذه «المواد ستنشر قريباً».
ورأى أنه «ينبغي على قيادة كييف، التي تتخذ مثل هذه القرارات الخطيرة وغير المسؤولة، أن تفكر في عواقب أفعالها».