المشنوق ممثلاً عون: لبنان انتصر على الإرهاب بالتوافق والتفاهم الداخلي إبراهيم: لانخراط المجتمع الدولي برمته في المعركة واعتماد استراتيجية الأمن العابر للحدود
شدّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على أنه لم يكن ممكناً للبنان أن ينتصر على الإرهاب لولا التوافق والتفاهم اللبناني الداخلي، مؤكداً رفض المجتمع اللبناني لمظاهر التطرف والإرهاب. فيما لفت المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم إلى أنّ الإرهاب عابر للحدود داعياً إلى مواجهته، باعتماد استراتيجية عنوانها «سياسة الأمن العابر للحدود».
هذه المواقف جاءت خلال مؤتمر «اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الإفريقية»، الذي نظمته المديرية العامة للأمن العام، في فندق «فور سيزن» – بيروت، وحضره المشنوق ممثلاً رئيس الجمهورية ميشال عون، النائب محمد خواجة ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب سمير الجسر ممثلاً الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال يعقوب الصرّاف، النائب عدنان طرابلسي، حشد من السفراء والشخصيات الديبلوماسية ووفود من دول إفريقية وممثلين لقادة الأجهزة الأمنية.
بداية، تحدث رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر رئيس مكتب شؤون العديد في المديرية العامة للأمن العام العميد الركن رياض طه، الذي اعتبر أنّ «أخطار إقامة «حزام إرهابي» في القارة الإفريقية، الذي ارتأينا اليوم في مؤتمرنا هذا، الوقوف عند تداعياته وسبل التصدي له، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية في تلك الدول، يمسّ لبنان الذي لا تزال تهدّده الجماعات الإرهابية وصولاً إلى سورية والعراق ومصر وليبيا ودول أوروبية عدة». وقال: «فمن خلال تجربتنا على مر السنوات الماضية في مكافحة الإرهاب، تبينت للمديرية العامة للأمن العام خطوط عدة لعدد من الإرهابيين في لبنان ربطتهم بإرهابيين في القارة الإفريقية كانوا على تنسيق معهم، وبعضهم الآخر كان يتلقى كذلك التعليمات لشن عمليات إرهابية، بالإضافة إلى التنسيق في ما بينهم في تهريب الأسلحة والمتفجرات بين مختلف الدول لمصلحة الإرهاب».
وشدّد على أن «مسؤولية المديرية العامة للأمن العام في مكافحة الإرهاب والتصدي له، بالتعاون مع مختلف الأجهزة في العالم، ترتب علينا اليوم مسؤولية إضافية وهي زيادة التعاون مع دول القارة الإفريقية».
وألقى رئيس المجلس القاري الإفريقي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم عبّاس فوّاز كلمة، قال فيها: «نحن في لبنان تصدينا للإرهاب، ودحرناه، ولن ندخر جهداً لنتقدم الصفوف الأولى في محاربة الإرهاب في إفريقيا والدفاع عن دولها التي لنا فيها وجود، كما هي حالنا في شتى بلدان الانتشار».
وأضاف: «لقد آن الأوان لنعي بعمق وادراك أهمية مسألة التصدي لكل أشكال الإرهاب ودحره أينما وجد، لأننا نعتبر ذلك مسألة وطنية، قومية، كونية، إنسانية، مصيرية، ولأننا ندرك أنّ دحر الإرهاب واستئصاله، وتجفيف منابعه، يعني المزيد من السلام العالمي والاستقرار في لبنان وإفريقيا، وتلك هي ميزات اثار التخلص من ذاك الوباء الذي استشرى وهدد العالم قاطبة في أمنه واستقراره، فاندحار الإرهاب بكل بساطة: مجتمع أمن، وازدهار اقتصادي وتوازن طبيعي بين مكونات الناس. ونحن، وأخص اللبنانيين، قادرون على أن نكون أداة فاعلة في دحر هذا الإرهاب في القارة الافريقية كتفاً بكتف ويداً بيد مع إخواننا الأفارقة، من أجل حياة سليمة وازدهار آمن ومستقبل واعد لأجيالنا».
وشدّد على أنّ «انتصارنا هذا مرهون بمدى حرصنا على وحدتنا وعلى صلابة وصدق تماسكنا في ما بيننا، وبذلك وحده يمكننا أن نقضي على الإرهاب وعلى البيئة الحاضنة له في حال محاولته الإطلال برأسه مرة ثانية».
ثم تحدث المشنوق الذي نقل إلى المشاركين في المؤتمر عناية الرئيس عون الخاصة لافتاً إلى أنه «مؤمن بضرورة مواجهة الإرهاب، أولاً بالتكاتف الوطني، ثم بالعقل وبالسياسة، وبعدها بالمؤسّسات العسكرية والأمنية».
وأكد المشنوق أنه «لم يكن ممكناً للبنان أن ينتصر على الإرهاب لولا التوافق والتفاهم اللبناني الداخلي. صحيح أننا نواجه عثرات بعد مرور أكثر من خمسة أشهر من دون حكومة مكتملة النصاب السياسي والوطني والدستوري. لكن هذا التأخر أو الفراغ أو التعطيل، لا بد أن ينتهي ولا بد أن نرى اكتمالاً لهذه الحكومة».
وأشار إلى «أنّ التجربة اللبنانية استطاعت أن تسقط الكثير من الأوهام والاتهامات التي حاول البعض تحميلها لبيئة معينة أو طائفة معينة، وظهر أنّ كل الإرهاب وكل الضجة وكل الافتعال الذي عشناه لم يستطع أن ينتج أكثر من بضعة قياديين تأكد عدم قدرتهم على الانتشار ولو كان من حولهم بضعة مغررين تحت العنوان الديني. وهذا برهان على رفض المجتمع اللبناني لمظاهر التطرف والإرهاب».
وقال: «تعرفون ويعرف العالم أننا اليوم في لبنان ننعم باستقرار أمني قل نظيره في هذا الجزء من العالم. وأسمح لنفسي بالقول: في كلّ العالم وليس فقط في المنطقة. وبكل ثقة يمكننا القول إننا نعيش قصة نجاح في لبنان، من جوانب كثيرة، على المعنيين والمهتمين درسها واستنباط العبر منها، وهي قصة نجاح أمنية، لكنها اجتماعية أولاً وأخيراً، لأنّ الأجهزة الأمنية اللبنانية، وأقولها بكل ثقة، تمثل صورة لبنان الحقيقي: لبنان المبادرة والمثابرة والإبداع».
من جهته، أوضح اللواء إبراهيم في كلمته أن «مقاربة ملف اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الإفريقية في المؤتمر الذي يجمعنا اليوم، تمثّل التزاماً نبيلاً منّا جميعاً بغض النظر عن الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي او ما شابه»، لافتاً إلى أنّ «لإرهاب عدو مشترك بين الآدميين باعتبارهم بشراً متساوين في الحق في حياة كريمة، مستقرة وآمنة».
ورأى أنّ «المجتمع الدولي برمته، مدعو إلى التوقف عن توجيه التعليمات من بعد والتحول نحو الانخراط الجدي وبالتساوي في المعركة المفتوحة التي إن لم نربحها فسيخسر العالم كله».
وعرض لأسباب انتشار الإرهاب في إفريقيا، مؤكداً «أننا نجحنا في الأمن العام وعبر الأمن الاستباقي في احباط عشرات الهجمات الدامية التي كان لبعضها لو نجح أنّ يتسبب في نوع من الحروب الأهلية. ولاحقا اعتمدنا الأمن الوقائي من خلال تتبع شبكات التطرف عملانياً وعبر شبكات التواصل الالكتروني وكل ذلك تحت سقف القانون وضمان الحريات العامة والخاصة. لقد طورنا مهارات وخبرات هائلة بإمكانات متواضعة جداً وهي لا تزال في استراتيجية مكافحة الإرهاب. ولكن بالرغم من كل النجاحات ومعلوماتنا تؤشر إلى ان هذا الإرهاب ما زال قادراً على التسلح وحيازة التقنيات واستخدام منصات التواصل الإلكتروني لتجنيد مقاتلين وانتحاريين وزرع الأفكار المتطرفة والعنيفة وهو أيضاً قادر على شن هجمات بأسلحة سهلة متوافرة إذا صح التعبير مثل عمليات الدهس وغيره. وما أقوله في هذا الصدد هو للتنبيه والحديث عن ضرورة التعاون الدولي في مجال تبادل التقنيات والمعلومات الاستخبارية ناهيك بموجب مبادرة الدول ذات الإمكانات التسليحية والمهارات التدريبية دعم الدول المتواضعة الإمكانات».
وشدّد على أنّ «ما وصل إليه العالم كله في مواجهة الإرهاب لم يعد يجدي معه الحدّ من الإرهاب بل يجب الانتقال إلى مرحلة مهاجمة الإرهاب وتعطيله أين وحيثما وجد، وإن مهاجمة الإرهاب في أوكاره وملاحقته ضرورتان لا نقاش فيهما لكن وحدهما لا تفيان بالغرض لأنّ المطلوب هو العمل على الآتي: منع انتقال الإرهابيين، قطع أوصالهم وخطوط تواصلهم وامداداتهم، وجوب حرمانهم مواردهم التي تعزز أيديولوجياتهم، وبعض هذه الموارد تقف وراءها جهات وليس أفراداً، اعتماد إجراءات موحدة لتبادل المعلومات الاستخبارتية والبيانات والمعارف لتحقيق الأمن والاستقرار، وقف بعض الدول استثمار الإرهاب في بعض محطات عملها السياسي ومحاربته في محطات أخرى».
وختم اللواء إبراهيم: «الإرهاب عابر للحدود لا بد من مواجهة هذا الخطر الإقليمي والدولي باعتماد استراتيجية مقابلة عنوانها «سياسة الأمن العابر للحدود، وهذا لا يكون إلا بالتعاون الندي والأخلاقي المنزّه عن الفوقية».
ثم بدأت جلسات العمل.