السوريات يجدن الحلّ!

رماح إسماعيل

كأيّ حرب قد تعصف بأي أرض، ستترك آثارها السلبية على جوانب متعددة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ففي سورية مثلاُ بات سوء الأحوال الاقتصادية الذي سببه غلاء الأسعار لعشرة أضعاف تقريباً بعد الحرب هو السبب الرئيس لعزوف الكثير من الشبان عن فكرة الزواج، وذلك لصعوبة تأمين مسكن ومأكل وتحمل أعباء ومصاريف عائلية.

ومن جانب آخر فنقص عدد الشبان الذين يعتبرون في السن الأمثل للزواج هو سبب ثانٍ لا يقلّ أهمية عن الأول، فالشبان السوريون إما في البلاد يؤدون الخدمة العسكرية الإجبارية، أو هاجروا إلى الخارج بحثاً عن حياة أكثر هدوءاً بعيداً عن وطأة الحرب.

السوريات اليوم، بعد أعوام من الأزمة السورية، انتقلن إلى مرحلة التأقلم مع انعكاسات الأخيرة، والبحث عن حلول مجدية لإعادة عجلة الزواج إلى مجراها الطبيعي في البلاد، فكانت الحلول جلها تكمن في قابلية تخلي الشابات عن الكماليات في حياتهن الزوجية، والتركيز على الأساسيات، في خطوة من شأنها نزع العصي من الدولاب الاقتصادي كي يعاود الدوران.

وأيضاً، بعض الشابات عبّرن فعلياً عن استنكارهن فكرة المهر المرتفع، والذي يعتبر من أكبر العقبات أمام الشاب السوري بشكل عام الذي ينوي التقدّم بخطبة إحدى الفتيات. وقد يطلب الأهل مهراً قد يصل إلى ملايين الليرات السورية، والتمسك بهذا الرقم حتى لو عرقل الزواج كله، فوجدت الشابات في تخفيف الأرقام بما يتناسب مع الأحوال الاقتصادية للعريس، والاكتفاء برقم يحفظ حقوق الزوجة، هو الحلّ الأمثل لتجاوز مثل هذه العقبة.

لكن في المقابل، فكرة واحدة ترفض جلّ الشابات السوريات التخلي عنها، ألا وهي حفل الزفاف، حتى لو كان حفلاً متواضعاً. فهذا البند من بنود الزواج لا تستهين به المرأة بشكل عام، ويمكن أن يتمّ بشكل مدروس بحيث لا يزيد من الأعباء الاقتصادية على الزوج أبداً.

تجدر الإشارة هنا إلى حلّ اكتسح مواقع التواصل الاجتماعي في العام الماضي، حين انتشر خبر مفاده أنّ القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود معراوي اعتبر أنّ الزواج الثاني هو أحد الحلول المقترحة للقضاء على ظاهرة العنوسة في المجتمع السوري، وما إن بدأ هذا الخبر بالانتشار حتى استقبلته النساء بالاستنكار والغضب والرجال تناولوه في صفحاتهم من باب الدعابة.

وفي خطوة من القاضي الشرعي ذاته لتسهيل الزواج نظراً لقلة عدد الرجال في سورية بفعل هجرتهم فقد سمح القضاء السوري بتثبيت عقود الزواج في حال كان الزوجين أو أحدهما خارج سورية عن طريق إرسال وكالات شخصية مصدقة، ولكن في بعض الدول لا توجد سفارات سورية وقد يصعب السفر إلى أقرب سفارة سورية لإرسال الوكالة، لذلك يمكن للزوج أن يوكل أحد أقاربه شفهياً عن طريق أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ويجري تثبيت الزواج بحضور أهل العروسين والشهود.

لا بدّ أنّ تلك المشكلة ستتبدّد بعد انتهاء الحرب على سورية وعودة المياه إلى مجاريها، فتخفيض الأسعار، وعودة المهاجرين من الخارج جراء الحرب، وتسريح مجندي الخدمة الإلزامية بعد عودة الأمن والأمان، هي جوانب ثلاثة كفيلة بتلاشي كابوس العنوسة من أذهان الشابات السوريات.

صحافية سورية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى