وقت آخر

بلال رفعت شرارة

الآن الوقت يمرّ ثقيلاً، يمشي الهوينا، لا يتوقف أبداً، إذ ليس لديه عطلة أسبوعية ولا سنوية، ولا ينام القيلولة ولا في الليل، يسير فحسب، لا يلتفت إلى الخلف، ولا يعطي فرصاً لتعويض التقصير، ولا يمكن لنا أن نستدرّ عاطفته ولا أن نقف على محطات وقت الوقت.

الآن أودّعكم، أترك بين أياديكم أمانة اللقاءات والسهرات وأحلام يقظتنا، اجتماعنا على الصداقة وانتباها متأخراً على احتراق الوقت، مروره على أشجار أجسادنا مرور الكرام وقطاف بعض أرواحنا.

في وقتي السابق واللاحق لم يكن عندي وقت إضافي لأرمّم الثقوب والتسريبات الإضافية في أحلامكم لأفسّرها لكم، فأنا سبق لي أن اعترفت بأني لست عرّافاً ولم أبن لكم قصوراً على الرمال وأودعتكم سرّي عندما مررت أمام أعينكم دون أن أترك ظلي شبحاً مقيماً في حياتكم، بل تركت وقع خطوات كلماتي على بلاطات قلوبكم.

لو اني مثلاً عرفتكم قبل خمسين أو مئة سنة على الأقلّ، قبل ان تنهدم أسواري في الحروب الكونية، الصغيرة والنكبات، لتغيّر الأمر و… كنت سعدت بالتفاتاتكم، ولكني الآن لن أعود لأشرّح التين على المنشر أمام عين الشمس ولا لاصطياد المواويل في الليالي القمرية ولا لأستعيد خفقات قلبي وأشحذ عاطفة الرمان الى مواسمه او لأشتهي الزيتون المملّح في مواسم القطاف.

الآن كلّ ما في الأمر أنني أتيت ثم ها أني أنصرف ببساطة لاستكمال دورتي في حياتي الصاخبة وآخذ بأيدي أحفادي ما استطعت، ولأكتب بعض اختلاجاتي وما تبصّرت به من أمور لعلكم تتركون لي بعض المساحات البيضاء لأشعل ضوء كلماتي عليها.

من كتابي القادم «سوالف»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى