مبادرة «نحو السلام»… تعاون بين «جوقة مار أفرام السرياني» وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي
لورا محمود
أصوات مبدعة، وأيدٍ تصوغ الحب لحناً، تستحوذ على شجون القلب، وتوقظ الذاكرة الجميلة المزدحمة بأغاني شامنا العتيقة وحلب الموشحة بماء الذهب وفيروز العالقة بصباحاتنا الوادعة والوديعية ايضاً، تعيدنا لأيام كان للفرح طعم السكر ورائحة الخبز وللحبّ أجنحة لا تنكسر وللمحبة قلوب لا تنطفئ نبضاتها. هذا كلّه في حفلٍ ذهبت أرواحنا خلاله إلى عالم بلا حروب يفيض بالسلام، لأنهم أبناء الحياة وكذلك ساروا نحو السلام فأفرحوا بأصواتهم وموسيقاهم كل من حضر وسمع.
بمناسبة اليوم العالمي للسلام أحيت «جوقة مار أفرام السرياني» حفلها الختامي ضمن مبادرة «نحو السلام» على مسرح دراما في دار الأسد للثقافة والفنون بمشاركة «فرقة موزاييك» وبالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الإنمائي وقد رافق الحفل معرض للفنّ التشكيليّ والتصوير الضوئي وإلقاء الشعر والزجل، وكانت جوقة مار أفرام سابقاً قد أحييت أمسيات موسيقيّة وغنائية في مناطق عديدة من ريف دمشق.
أفرام
«البناء» التقت بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار أغناطيوس أفرام الثاني الذي قال: «هذه المبادرة التي تقوم على أساس التعاون بين «جوقة مار أفرام السرياني» وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي هي بحدّ ذاتها رسالة أننا في سورية وصلنا لمرحلة من الإطمئنان على أننا على طريق الحقّ والانتصار. لذا يجب أن نهتم بإعادة بناء مجتمعنا وبناء شخصية الانسان السوري، ليتأكد من أن سنوات الحرب أصبحت خلفنا والمستقبل أفضل. هذه المبادرة تعبير عن ذلك، فالحياة التي نريدها هي حياة سلام ولا يحق لأحد أن يحرمنا من حق أعطانا إياه الله».
وعن رأيه بالأعمال الفنية المعروضة، قال البطريرك أفرام الثاني: هذه الأعمال جيدة، فكل مشارك عبّر بطريقته الخاصة. تتباين من حيث الاستخدام والتوظيف، فالبعض منها مقروء والبعض يحتاج للشرح، يجمعهم الإبداع وأدخلوا مفهوم السلام في كل اللوحات.
إسرائيل
وعن مبادرة «نحو السلام» قال مدير المبادرة رومل إسرائيل لـ»البناء» هذه المبادرة انطلقت في عام 2016 نتيجة الحرب التي عشناها في سورية، فخلال السنوات السابقة فقدنا جزءاً من السلام الروحي وقررنا أن نداوي جراحنا لنكون قادرين على الاستمرار بعد الحرب. اليوم في عام 2018 أعدنا هذه المبادرة بالتعاون مع «جوقة مار أفرام السرياني» وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وأقمنا الكثير من المشاريع برعايته عن طريق البطريركية فهو يقدم التمويل وبيننا الكثير من الثقة.
وأضاف: «المبادرة تضمّ نشاطات عديدة منها الحفل الذي ستقدمه الجوقة، والمعرض الفني الذي استقطب أكثرمن مئة وخمسين عملاً فنياً بين رسم وتصوير وهناك أيضاً شعر وزجل، كما سيتمّ تكريم الفائزين في المجالات الأربعة الرسم والتصوير والزجل والشعر بعد حفل الجوقة مباشرة».
أبو عسلة
بدوره المسؤول الإعلامي عن مبادرة «نحو السلام» طارق أبوعسلة تحدث لـ»البناء» عن المبادرة والحفل والتحضيرات قائلاً: «الحفل اليوم لـ»جوقة مار افرام السرياني» بمشاركة «فرقة موزاييك» ليس الحفل الأول، بل كان هناك حفلان سابقان. وكرّم خلال الحفل الفائزين بالمسابقات الابداعية الأربع. هذا الحفل هو حفل شبابي بحت سواء من ناحية الغناء والعزف وحتى المشاركين بالمعرض هم من الفنانين الشباب ولجنة التحكيم أحسنت اختيارالمشاركين.
بطرس
وخلال حديثه مع «البناء» أشار مؤسس «فرقة موزاييك» الدكتور ماريو بطرس، قال: «الحفل هو جزء من مبادرة «نحو السلام» والتي ضمت أربع أمسيات بالإضافة إلى المعرض الفني والمسابقة التي تقيمها جوقة مار أفرام وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والحفل اليوم يضمّ أغاني سورية وطنية وأغاني من مختلف المحافظات السورية بالإضافة إلى أغنيتين جديدتين للكورال».
وعن التدريبات لفت بطرس إلى أنها كانت بين محافظتَي حمص ودمشق. فالموسيقيون في حمص والكورال في دمشق. وأشار إلى أن الأهم في هذا العمل احتواؤه على عدد كبير من المشاركين، ويدمج فكرين مع بعضهما في الروح نفسها لتقديم هذا العمل.
ورأى بطرس أنّ الفنّ والموسيقى قادران على مواجهة الحرب، فالحرب الثقافية التي تعرّضت لها سورية لم تكن سهلة لذا من واجبنا نحن كشباب مثقف وواعٍ العمل على هذه التقديمات.
سكر
وبدوره تحدث رند سكر عازف كمان في «فرقة موزاييك» وقال: برنامج اليوم غني جدا يضم فيروزيات ووديعيات وأغاني من التراث السوري والحلبي، والكل ملتزم بالنوتات سواء الموسيقيون أو الكورال ويوجد بيننا درجة عالية من الانسجام. ونحن اليوم نشهد تحسّناً كبيراً بالحركة الثقافية في سورية خصوصاً في حمص، لأنها من أكثر المدن التي تأثرت بالحرب السورية.
طحان
أما ريتا طحان وهي عضو بـ»فرقة مار أفرام السرياني» فقالت: «نحن منذ بداية الأزمة في سورية اتخذنا شعار «لأننا أبناء الحياة» ففي كل مرة كانت الحرب تقوى على سورية كنا نحن نقوى عليها بوجودنا ومتابعة الحياة، فنحن كشباب أمسكنا بأيدي بعضنا وواجهنا الحرب بالغناء والموسيقى ونادينا بالسلام والمحبة، وكان هذا هدفنا فأبناء الحياة يجب أن يكونوا أبناء السلام لنبني مجتمعنا ووطننا من جديد ومبادرة اليوم «نحو السلام» هي المبادرة الرابعة والختامية».
والتقت «البناء» مشاركين في معرض الرسم والتصوير:
أنجليلا السوي وهي طالبة فنون جميلة قالت: عرفت بالمبادرة عن طريق كنيسة مار افرام التي ترعى نشاطات كهذه. ولم أكن أعرف أن لدينا مبادرات مثلها. من المهم أن يهتم الناس بالفن والثقافة خاصة في ظل الظروف التي عشناها، فالفن هو هوية وبصمة كل بلد فهو ليس ممتعاً للبصر فقط بل هو أعمق من ذلك. فهو شيء روحي وبالنهاية يجب أن لا تؤثر الحرب فينا وردّة فعلنا يجب أن تكون إيجابية لنستفيد من كل ما جرى وننهض بسورية جديدة.
آيات ناصر الدين طالبة فنون جميلة سنة ثانية تحدثت عن عملها قائلة: عبّرت بلوحتي عن وحدة الأديان والأمم والأوطان لنبني فكرة السلام بطريقة جديدة ونكون يداً واحدة ليعمّ السلام فعلاً في سورية وفي العالم ولننهي الحروب.
الفرق المشاركة في الحفل في أسطر
يُذكَر أن «جوقة مار أفرام السرياني» تأسست عام 1980. كان هدفها تسليط الضوء على التراث السرياني الغنائي الديني والشعبي، أحيت الجوقة أكثر من 95 أمسية وحفلاً غنائياً في سورية ولبنان وشاركت في مهرجانات عدة للموسيقى أهمهما «مهرجان الترنيمة» والأغنية الانسانية «قيثارة الروح». نالت جوائز أفضل لحن وعمل عن فئة الترنيمة ولها العديد من الإنتاجات الخاصة بها أبرزها القلب الجديد ـ أنطاكية ـ شآم ـ أطياف النقاء . كما نظّمت الجوقة العديد من المبادرات المجتمعية مثل مسابقة السلام الأولى للفنون من أجل السلام بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والتي تضمّنت حفلات غنائية ومعارض فنية.
أما «فرقة موزاييك» فتأسّست في مدينة حمص في مرمريتا تحديداً، وكانت أولى حفلاتها في المركز الثقافي هناك عام 2012. تعزف الموسيقى الشرقية والغربية بتوزيعات جديدة واسلوب جديد بالاضافة لمؤلفات عازفي الفرقة وتضم 22 عازفاً موسيقياً و6 مغنين.