رئيس الجمهورية: إما تنجح المبادرة الحكومية وإما الكارثة
أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان «إسرائيل» «ابلغتنا عبر الولايات المتحدة ان ليس هناك من نيّات عدوانية» في اعمالها الأخيرة على الحدود وستستمر بالعمل من داخل الأراضي التي تحتلها. ونحن ايضاً لا نيات عدوانية لدينا، وبالتالي لا خطر على السلام، انما يجب أخذ بعض التدابير لإزالة سبب الخلاف، ونحن مستعدون العمل في هذا المجال ولكن بعد الحصول على التقرير النهائي وتحديد المواضيع التي تجب معالجتها».
ولفت الى ضرورة تفعيل العلاقات مع النمسا على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون في المجالات كافة، بما يخدم مصالحنا المشتركة، وتمنى للمنتدى الاقتصادي اللبناني – النمساوي الذي سيطلق اليوم، النجاح في تسهيل فرص الاستثمار الثنائي.
وبالنسبة إلى الوضع الحكومي، اوضح الرئيس عون انه بعد «العجز عن معالجة المسألة الحكومية بالطريقة التقليدية بين رئيس الحكومة وبقية الأطراف، رأينا انه من الواجب اخذ المبادرة للتوفيق بين الجميع لتشكيل الحكومة لأن الأخطار أكبر من قدرتنا على تحمّلها. وشدّد على وجوب نجاح المبادرة، «وإلا سنكون امام كارثة، ونحن نملك رأياً للتوفيق بين كل الأطراف».
من جهته، أشاد الرئيس النمساوي الكسندر فان در بيلين بالعلاقات اللبنانية – النمساوية، معرباً عن تقديره لاستقبال لبنان العدد الكبير من اللاجئين السوريين، وهو أمر «لم نشهد له مثيلاً». وقال إن «العلاقات الاقتصادية بين البلدين جيدة وخالية من التوتر، ولكن يمكن تحسينها وتقويتها ورفعها الى المستويات التي نريدها. وأتمنى أن تنجح لقاءات المنتدى الاقتصادي النمساوي – اللبناني، وتعطي الزخم الضروري للعلاقات الاقتصادية الثنائية».
مواقف الرئيسين عون وفان در بيلين جاءت خلال المحادثات اللبنانية – النمساوية التي جرت أمس في قصر بعبدا، وعقبها مؤتمر صحافي مشترك ثم غداء على شرف الرئيس الضيف وقرينته.
المحادثات
وتوجّه الرئيسان عون وفان در بيلين إلى «صالون السفراء» حيث عقدا جلسة محادثات ثنائية عقبتها محادثات موسّعة بحضور الوفدين الرسميين اللبناني والسويسري. وخلال الخلوة والمحادثات الموسّعة، شكر الرئيس عون مشاركة النمسا في قوات «اليونيفيل» وتعاون الكتيبة النمساوية مع الجيش اللبناني، إضافة إلى وقوف النمسا إلى جانب لبنان في مناسبات عدة. وتطرق البحث إلى ضرورة تطوير العلاقات الاقتصادية وتعزيز التعاون بين رجال الأعمال اللبنانيين والنمساويين لا سيما مع وجود فرص تعاون عدة وإمكانية الاستثمار في حقل النفط. وشرح عون موقف لبنان من الأزمة السورية وتطوراتها وانعكاساتها على لبنان أمنياً واقتصادياً وديموغرافياً، عارضاً لموقف لبنان لجهة ضرورة عودتهم الآمنة إلى سورية من دون انتظار الحل السياسي. كما تناول عون موقف لبنان من أزمة الشرق الأوسط ومبادرته لإنشاء «أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار».
بدوره ثمن الرئيس النمساوي رعاية لبنان للنازحين السوريين على رغم الأعداد الكبيرة منهم ما شكل عبئاً ثقيلاً على لبنان وشعبه. معرباً عن أمله في أن يعود السوريون قريباً إلى بلادهم. وركّز الرئيس النمساوي على أهمية التعاون الاقتصادي بين لبنان والنمسا وحرص بلاده على التعاون بين رجال الأعمال في كلا البلدين.
مؤتمر صحافي مشترك
وبعد انتهاء المحادثات الموسعة، عقد الرئيسان عون وفان در بيلين مؤتمراً صحافياً مشتركاً، استهله الرئيس عون بكلمة جاء فيها: «عرضت لفخامة الرئيس للتهديدات الاسرائيلية المتواصلة ضد لبنان، والتي ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة. وهي تصبّ في إطار الضغوط التي تمارسها اسرائيل على لبنان، في ظل استمرار انتهاكها لسيادته براً وبحراً وجواً. وشددنا على اهمية توحيد الجهود الدولية من اجل مكافحة الإرهاب الذي بات خطراً شاملاً. كما ركزنا على ضرورة الإسراع في إيجاد حل لازمة النازحين السوريين يساهم في إعادتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم، من دون انتظار التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية، لا سيّما أنّ لبنان لم يعد بمقدوره تحمّل المزيد من الأعباء نتيجة ضخامة حجم هذا النزوح وعلى المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته في هذا السياق».
ثم تحدث الرئيس النمساوي فقال: «قمت أمس بزيارة الى مخيم حوش النبي في البقاع لتكوين صورة ملموسة عن الأوضاع، والتحديات التي يواجهها لبنان ومنها الوضع الاقتصادي بسبب ازمة اللاجئين وهو أمر ندركه. إن بلادنا تدعم لبنان ووضع اللاجئين من خلال المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي، وعلى الصعيد الثنائي ايضاً اضافة الى المتعددة الطرف وذلك عبر صندوق الاتحاد الأوروبي».
حوار
بعد ذلك دار حوار بين الصحافيين والرئيسين عون وفان در بيلين، فأكد عون «ان الحرب في سورية حمّلتنا نتائج عديدة ومنها ازمة النازحين، والحلّ السياسي سيساعدنا على إنهاء مشكلة النازحين وهي أصعب ما تحملناه، بعد ان وضع الجيش اللبناني حداً لتسلل الإرهابيين الى لبنان من الأراضي السورية. ولكن الحل السياسي لا يخضع لإرادتنا او لإرادة سورية، فهناك دولتان كبيرتان هما روسيا والولايات المتحدة تتنازعان النفوذ على الاراضي السورية، وبالتالي فإنهما تحاولان التوصل الى حل سياسي، ولكن هذا الأمر من الصعب تحقيقه في مدى زمني قصير».
ودعا الرئيس النمساوي رداً على سؤال حول مواصلة اسرائيل اعتداءاتها ضد لبنان الى «اعتماد الهدوء طالما ان الامور بمثابة «الإبرة التي توخز»، في الوقت الراهن، لا اعتقد بأن الاعتداءات ستمتد الى لبنان فهذا امر استبعده، لأن من مصلحة كافة الدول في المنطقة المحافظة على الوضع على الحدود».
في عين التينة
وانتقل الرئيس النمساوي والوفد المرافق الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وعرض معه العلاقات الثنائية بين البلدين والوضع في لبنان والمنطقة. وتطرّق الحديث الى موضوع النازحين السوريين والأعباء التي يواجهها لبنان جراء هذه القضية.
بعد الاجتماع الذي استغرق ساعة وربع الساعة ودّع الرئيس بري الرئيس النمساوي عند مدخل قصر عين التينة.
وردّ بري على سؤال حول مبادرة رئيس الجمهورية الحكومية وما إذا كانت الفرصة الأخيرة: «لا شيء اسمه فرصة أخيرة، العقل اللبناني دائما خلاق وبالإمكان ان يتوصل فخامة الرئيس الى حلول سريعة. وأمس تبادلنا أفكاراً متعددة حتى اذا لم تنجح فكرة، تنجح الثانية، واذا لم تنجح الثانية تنجح الثالثة».
وعن الرسالة الرئاسية الى المجلس النيابي قال بري: «اعتقد ان فخامة الرئيس بالمشاورات التي أجراها استغنى عن هذا الأمر. أعتقد ذلك، ولكن لم نتناول هذا الموضوع أمس وقد كنا قد بحثناه انا وفخامة الرئيس منذ حوالي ثلاثة أشهر».
وحول التطورات في الجنوب والمزاعم الاسرائيلية حول الأنفاق، قال: «لا زلنا في لبنان ننتظر ان يعطونا إحداثيات. حتى الآن لا توجد إحداثيات، والاسرائيليون يعملون في المنطقة المحتلة. ونحن في لبنان لم نتسلم أية إحداثيات بالنسبة لهذا الموضوع، وفي الوقت نفسه ايضاً نحن مصرون على تنفيذ القرار 1701 والذي ينص على عدم احداث خرق من طرف ضد الآخر بينما هناك 150 او 160 خرقاً اسرائيلياً شهرياً ضد لبنان ولا أحد يقول تعالوا لنبحث هذا الموضوع بينما عندما يحصل أي شيء يندرج في إطار الاتهامات ضد لبنان «هاتو بيت الله لنهدو»..
وكان الرئيس النمساوي جال في وسط بيروت ووضع إكليلاً من الزهر على نصب الشهداء في ساحة الشهداء.