الشاعر الشاب علي المولى… نجاح تلو نجاح و«ولا أستثنيك» هي البداية و«لا مستحى» سيبصر النور قريباً

حاورته: رنا صادق

«كأنني .. أستلُّ الرَّحمةَ من معاليكِ

فما يعني .. أن أُقصي روحيَ عنكِ

وغصباً عنّي تأتيكِ؟

ما يعني .. أن تشرُدَ منّيَ سُفُني

وترسو في موانيكِ؟

وأن أُعادي كلَّ ما فيَّ لكِ ..

وأنتِ لا أُعاديكِ

ورغمَ هذا ..

فلتسلَمي يا ذنباً.. رغماً عنّي أحملُهُ

لستُ بحاقدٍ أبداً.. إن كانَ هذا يُعزّيكِ

لكن.. كفى تَظهرينَ في كل امرأةٍ أعرفُها

وتُحبطينَ مسعايَ في تخطّيكِ ..

ويا أحاسيسي.. ما المتعةُ إن تعرّي جَبهتي

وتَصنعي نُسَخاً.. لأصلٍ ليسَ يُجديكِ؟»

هي كلمات، عبرٌ وأكثر، لا بل هي وجدان شاعر ممزوجة باستنسابية القدر وحكم القلب، من ناحية الصورة فإنها صورة تسمو على جميع أنواع الصفات في معاني العشق.. عرفنا كلماته ولم تغب عنا لحظاته الولهانية، حقّق نجاحات على صعيد الأغنية اللبنانية، وتتصدّر أغانيه في المراتب الأولى في لبنان.

كثيرٌ ما تلتصق أعمال فنّية في أذهاننا من دون أن نعلم من قام بها، أو دون أن ندقّق وراء هذا العمل المبدع، فالشاعر علي المولى هو الذي تردّدت كلمات الحبّ والحنين في أشعارها في حضن كل عاشق.

طريق النجاح طويل ووعر، يحمل في طيّاته أياماً حزينة وأخرى محبطة، لكنه في بعض الأحيان يحمل معه المشقّة والتعب، ومن يصل بعد مشوار طويل من الكفاح لا يقع من قمة إلا إذا اعترته الغطرسة والتعالّي، يهبط حينها من أعلى القمم ويخسر محبّة الناس الفعلية، لكن شاعرنا الشاب وإبن البيت يعكس تماماً أن في الوصول إلى القمة يبقى الأصل في قلب الشاعر ووجدانه، ويسمو على ضفاف التواضع والتسامي، وهو أكثر ما يُنجح الإنسان باختلاف أهدافه.

إن شئتُ أن أُعرّف به، لقلت عنه ذاك الشاب المتواضع في قالب الشاعر وروحه، هو صاحب كلمات أغنيتَي «هوي الحبّ» لأدهم النابلسي و»شو محسودين» لسعد رمضان. علي المولى، الشاعر وصاحب الكلمة الحقيقية، جايل عصره وتكلم لغة الشباب، وقرّب المعنى في فحوى الشعر.

«البناء» التقت علي المولى وتعرّفت إلى آخر أعماله. ننقل إليكم تفاصيل اللقاء..

بداية المشوار

كان في السابعة من عمره عندما بدأ كتابته الشعرية في الفصحى تزامنًا مع مكوثه في المستشفى، نتيجة تعرّضه لحادث. نال الجائزة الأولى عن فئة الشعر في لبنان في الثانية عشرة من العمر بعد أن عوّدته والدته، الشاعرة أميرة المولى، على تقديس الكلمة واحترام الفنّ والموهبة. ديوانه الأول كان مزيجًا من الجرأة والحياة بعنوان «أنا أقذر رجل في التاريخ».

انتقل المولى الى الكتابة الشعرية اللّبنانية في مجال الفنّ عام 2013 مع أغنية «إحساسك صنم» للفنان سعد رمضان بمحض الصدفة، عن طريق الملحّن صلاح الكردي الذي شجّعه على الشّعر اللّبناني، بعد أن كان يعتبر أنّ شعر الفصحى ثابت ولا مجال لاستبداله.

«لا أستثنيك»

حققت أعماله الفنية نجاحًا باهرًا، منها ما كان مزيجاً من الكتابة الشعرية بالفصحى واللّبنانية، وأبرزها قصيدة «لا أستثنيك» التي تظهر في مقدّمة أغنية الفنان أدهم نابلسي حيث جسّد الحقيقة من خلال الشعر:

«أعترف أنّي عصيت اللّه في الدنيا

وأنّي شربت الخمر ومارست العهر

وما التزمت صلاة ولا احترمت الصيام

لكنّي، لم أمنح عائلة بأكملها

لقب الأيتام

وما سرقت وما قتلت

وما عثت في الأرض خرابًا

ولا لبست عباءة الدّين لأحرّف القرآن».

إذاً، كتاباته خليط ما بين السياسة والوطن، الحبّ والكبرياء، الجرأة والواقع، فكلٌّ من قصائده تُشكّل حكاية يعيشها جيل اليوم. ويرى أنّ شهرته بدأت بعد أن حوّل مساره الى الشعر الغنائي، ويأسف لاعتبار محور كلمات الأغنيات حول الفنان وليس الكاتب «ما في قيمة للكتابة، في قيمة للمظاهر».

وبالنسبة لوالدته التي أثقلته بالمعرفة، يضيف: «هي الدور وليس جزءاً منه، فلو لم تحتضن موهبتي، لَمَا كنت علي المولى اليوم».

حرٌّ في شعره، مفتون في حدسه

يُفضّل كتابة القصيدة على كتابة الأغنية الطربية، حيث لا قيود في الأولى والتنقّل حرّ، فلا وزن ولا موسيقى. أمّا الأغاني، فهي اختصار شديد ولا تتعدّى خلاصة من أربعة أسطر، لكن شاعرنا حقّق نجاحًا بارزًا في المجال.

وكشف علي المولى أنّ لا حبّ له تجاه الكتابة بالطّابع الديني، مُبرّرًا قصّة أغنية «الشهيد» بأنّه «أحكي عن الشهيد بشكل عامّ بغضّ النظر عن انتمائه، الشهيد المؤمن بقضية أو بفكرة».

وعن مشاريعه المستقبلية، صرّح عن احتمال إصدار ديوان جديد بعنوان «لا مُستحى»، حيث سيُصدر بعض قصائده تدريجيًّا مع موسيقى وكانت أوّلها «عرب على ورق» مع الفنان آدم. وتوقّع المولى، ذو الطموح العالي، أن يعتمد اللّون الوطني، لاحقًا، أيّ أن يعمل على أغاني تُشبه الوطن فعليًّا. كما يرى نفسه في الكتابة بمجال أناشيد المقاومة والغناء والفصحى معًا، لكن بنظره أنّ قلّة هم من يقرأون اليوم، لذلك الأغاني هي التي تُلبّي حاجته.

قصيدة «اتركيني لقضاي»

لا تدومي قربي يوماً

ما دمت عشت سواي

ولا تعاني جرح نفسي

واتركيني لقضاي

باطل فيك انتقامي

وباطل عنك كلامي

وباطل أيضاً هواي

فلم أقصيت أحلامي إلى المنفى؟

وجرّدت شغفي عن مبتغاي؟

واستكثرت العطف على رمقي؟

وكسرت عيني وسحقت مناي؟

فهل لنقص في رجولتي؟

أم لنقص في جمالي؟

أم حقير مستواي؟

أم لأني عصيت ميل نفسي؟

ولجمت ثورات الصبا في مشاعري؟

وعشتُ أجاري أتعابي

وامتصّ فرحي في شقاي

بينما تسلين دوني

وتقيمين ضيفاً في مداي؟

فبأي وجه تغدرين وتنادمين؟

وتقيلن شمسي من سماي؟

ما كنتُ آمل منك جرحاً

عزّه عيني عداي

فيا من عشقتها حتى عشقتها..

ما عدت تجري في دماي..

حللت جناحك من أسري

فطيري بعيداً عن خطاي

وتناسي أننا تقابلنا

يا أحلى أيام صباي..».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى