جبران عريجي.. سخّر حياته من أجل نهضة سوريانا ورقيّها وبأمثاله تحيا سورية
د. مروان فارس
هذا الرجل، جبران عريجي الذي يعتلي قلمه الأقلام، سافر إلى أقاصي الأرض، من لبنان إلى فنزويلا، حمل قضيته وعمل لها في المغتربات.
سمته الأساسية أنه صاحب عقل نيّر يحاور ويناقش ويطرح موضوعات مختلفة أبرزها قضية المقاومة، فالمقاومة كانت الهدف الأبرز له في حياته، وهي في الأساس معطى عقائدي تميّز به الحزب السوري القومي الاجتماعي. فالرصاصات الأولى التي كتبت تاريخ تحرير بيروت من العدو الصهيوني، كانت رصاصات خالد علوان ورفقائه. هذه الرصاصات أجبرت العدو الاسرائيلي ليقول لا تطلقوا النار علينا إننا راحلون وهي المرة الأولى في تاريخ الصراع التي يضطر فيها العدو لأن يعترف بأنه قد هُزم على أيدي خالد علوان ورفقائه.
ما هو معنى أن يصرخ الاحتلال اليهودي ويتقهقر؟ معنى ذلك أنّ المقاومة التي آمن بها جبران عريجي ورفقاؤه استطاعت ان تقلب جملة من المعطيات والأفكار في التاريخ رأساً على عقب.
لقد أثبت هذا النهج المقاوم أنّ الأمة قادرة على تحقيق الانتصار، شرط ان تتوفر الإرادة. وهذا ما حصل في حرب تموز 2006، فقد حققت المقاومة انتصاراً فعلياً باعتراف العدو الذي توصل الى نتيجة واحدة هي الاعتراف بالهزيمة، وهذا يؤكد بأن المقاومة هي لغة الرجال الأشداء المؤمنين بقضية كبرى وفي طليعتهم جبران عريجي وخالد علوان.
ونحن نتحدث عن رجل مثل جبران عريجي، لا يسعنا إلا أن نقول له، وإنْ رحلت عنا بالجسد فالحزب الذي انتميت إليه مستمرّ على عهد البطولة والمقاومة والاستشهاد، كيف لا ومؤسّس حزبنا واجه الطغاة قائلاً أنا أموت أما حزبي فباق . وبهذا الإيمان استمرّ فكر أنطون سعاده واستمرّ حزبه مع الرجال الذين يحملون هذا الفكر، فالحياة بحدّ ذاتها قيمة كبيرة من قيم الاستمرار في التكوين والبناء.
ولا بدّ من التأكيد أنّ معطيات جديدة قد نشأت في التاريخ الجديد للصراع مع العدو الصهيوني. هذه المعطيات تؤكد أنّ جبران عريجي ومن خلال مساره النضالي الطويل، كان رؤيوياً، واخترق المعطيات الضئيلة لإيجاز معطيات جديدة في الفكر الحديث.
اما وحدة الحزب فكانت هي الثابت في مساره الطويل، وعلى أساس المفاهيم والمرتكزات العقائدية. كما كان في كلّ محاضراته وإطلالاته التلفزيونية، مميّزاً هادفاً إلى تحقيق الوحدة في المفاهيم أولاً وفي الواقع ثانياً.
لذلك كله نستطيع أن نقول إنّ وحدة الحزب قد تحققت بوجود أمثاله في القيادة، وهو الذي انتخب رئيساً للحزب لدورتين، ليرسّخ مفاهيم الوحدة الفعلية.
أمّا وقد فارقنا الأمين جبران عريجي، فالحزن يلفّنا، لكنه لن يأخذ من قناعاتنا التي كانت هي قناعاته، الحزن لأنّ الأمة ما زالت تعاني من التفتت والانقسام، وهي ما زالت بحاجة إلى رجال أمثاله.
جبران عريجي يعرف جيداً أنّ العقيدة التي ينتمي إليها هي عقيدة لا يمكن أن تموت، فالعقيدة القومية الاجتماعية برأيه وبرأينا هي عقيدة لا تموت، ولقد أثبت التاريخ ذلك.
بعد جبران عريجي ماذا يمكن أن نفعل؟ إننا نؤكد له وإنْ رحل فإنه سوف يحيا، والحياة الجديدة سوف تكون منطلقة من إثبات قناعاته، هذه القناعات صلبة مثلك يا أمين جبران، إنها قوية بقوة الرجال الذين يمتلكونها، وأنت أحدهم، يأخذنا الحزن على فقدان رجل من رجالات النهضة القومية الاجتماعية، إلا أنه وإنْ مات الرجال فتبقى العقيدة للأجيال القادمة قدوم الشمس إلى الزمان.
وداعا يا أمين جبران، فسوف يبقى حبك راسخاً في الأذهان وفي الذكريات، وسيبقى صوتك صادحاً بالحياة لسوريانا التي سخّرت سنين حياتك من أجلها عاملاً من أجل نهضتها ورقيّها، فبأمثالك تحيا سورية.
عميد في الحزب السوري القومي الاجتماعي