واشنطن تعترف بدور الأسد في أي مستقبل لسورية حزب الله يلاقي زمن التسويات بالتمسك بعون مرشحاً

كتب المحرر السياسي

المفاجأة المدوية التي فجرها وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، في جلسة الاستماع التي شهدها الكونغرس الأميركي حول تطورات الحرب على «داعش»، ستكون نقطة البداية للتحول الكبير، الذي تتجمع مؤشراته التدريجية مع السياقات التي ترسمها التطورات وموازين القوى والخيارات المتاحة واقعياً، وليس في التمنيات والرغبات.

قال هاغل إن التوصل لتسوية سورية ـ سورية يشكل الضرورة الملحة لتزخيم الحرب على «داعش» وتسريع ساعة الحسم، وأن هذه التسوية لا بد أن تنتج سلطة لمرحلة انتقالية لا بد أن يكون للرئيس بشار الأسد دور فيها، وأن هذه المرحلة الانتقالية المشتركة بين الحكومة والمعارضة، كشركاء في الحرب على «داعش» ستحدد آليات المصالحة وإعادة تكوين السلطة عبر عملية انتخابية، تحظى برضا وقبول من جميع المكونات السورية، وتلتزم المعايير المعتمدة من المجتمع الدولي.

كلام هاغل وقع كالصاعقة على جماعة واشنطن من حكومات المنطقة التي لا تزال تأمل بتغيير أميركي يسمح بجولة مواجهة جديدة في سورية، وتسعى لتعويم «جبهة النصرة» وإلباسها ثوب الاعتدال بالتعاون مع «إسرائيل»، لتكون حصان الرهان في الحرب على «داعش» والدولة السورية معاً.

كلام هاغل تتمة لكلامه السابق عن أن الحكومة السورية بين أوائل المستفيدين من الحرب الأميركية على «داعش»، فيما بدا تمهيداً للقول ما لم نتفق مع سورية فنحن نقدم لها هدايا مجانية، كما كان كلام وزير الخارجية جون كيري متقاطعاً مع النتيجة ذاتها بقوله نحن ندعم معارضة سورية لأننا نريد المجيء بالرئيس الأسد لطاولة المفاوضات، وهو هنا أيضاً يقول ضمنا، «وليس لإسقاطه».

يتزامن كلام هاغل مع المؤشرات المتتابعة عن شيء يطبخ في موسكو بشراكة مصرية لبلورة مفاوض عن المعارضة برئاسة الرئيس السابق للائتلاف أحمد معاذ الخطيب، وعضوية ميشال كيلو وهيثم مناع وقدري جميل، فيما تبحث الحكومة السورية مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا كيفية الربط بين مبادرته والقرارات الدولية لتصير جزءاً من مشروع الحل السياسي والحرب على الإرهاب في وقت واحد، وهذا ما يفترض عدم شمول التجميد العسكري المجموعات التي تتردد في المشاركة في الحرب على «داعش» و»النصرة».

في زمن التسويات الذي يبدو أنه يتقدم، جدد حزب الله تمسكه بالعماد ميشال عون مرشحاً رئاسياً، غير قابل للمقايضة، ما يعطي الحديث عن التسويات درجة أعلى من الجدية، وبدا أن سبب التشديد من حزب الله يهدف لوضع ترشيح العماد عون خارج التسويات، التي ستشمل إعادة رسم المعادلات التفصيلية للقوى في المنطقة، في قلب الحرب على الإرهاب والتي يشعر حزب الله أنه الأقوى في قلبها وأن له الحق بتحديد أي تركيب للدولة اللبنانية يتيح له التفرغ لهذه الحرب وإدارة ظهره لداخل لبناني مطمئن.

وكان وفد من حزب الله ضم المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل ومسؤول لجنة الارتباط وفيق صفا، زار عون في الرابية مساء أمس.

وعقب اللقاء الذي حضره وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، أعلن خليل أنه «بالنسبة لنا العماد عون هو المرشح الوفاقي». وقال: «من الطبيعي أن يترشح إلى الرئاسة الرجل الأقوى مسيحياً والأوحد وصاحب القرار على الساحة الداخلية وعلى مستوى المنطقة»، موضحاً «أن التباين في مواضيع كالتمديد مع التيار الوطني الحر هو من الصغائر العابرة».

وأكدت مصادر المجتمعين لـ»البناء» أن «لقاء وفد حزب الله عون يؤكد العلاقة الحميمة بين الطرفين»، مشيرة إلى أن هذه الزيارة تأتي بعد موقف رئيس تكتل التغيير والإصلاح عن التكامل الوجودي مع حزب الله، فأراد الحزب أن يرد التحية بمثلها، فالعماد عون تحدث عن الارتقاء بالتفاهم إلى التكامل، ومن البديهي أن يتقاطع حزب الله معه، لا سيما أن ورقة مار مخايل كانت نتيجة تفاهم الفريقين».

وأكدت المصادر»أن كلام خليل عن العماد عون نسف المواقف التي تريد إبعاد الجنرال من السباق الرئاسي، فهو أكد أن عون هو مرشح الوفاق الوطني الذي يدعمه حزب الله». وشددت المصادر على أن حزب الله «يرفض مقارنة الجنرال عون بأي أحد، ويعتبر أن مقايضته بأي أحد لا تصح».

«الوطني الحر» يقدم الطعن بالتمديد

وسبق هذا اللقاء، تقديم أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان باسم نواب التيار الوطني الحر الطعن بقانون التمديد للمجلس النيابي بعد مضي يومين على صدوره في الجريدة الرسمية، إلى المجلس الدستوري الذي لديه فترة شهر للنظر في هذه المراجعة وبتها.

وأوضحت مراجع دستورية أنه على رئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان وخلال خمسة عشر يوماً، تعيين مقرّر وعلى الأخير أن يرفع تقريراً إلى المجلس الذي يجب أن ينعقد المجلس بنصاب ثمانية أعضاء وأن يتخذ قراراً بقبول الطعن أو رفضه من قبل سبعة أعضاء، وإذا لم يتوافر نصاب السبعة أعضاء وانتهت مهلة الشهر يُصبح القانون نافذاً.

وبعد تقديم الطعن، أكد كنعان أن «الديمقراطية تعني الانتخابات وتداول السلطة وإذا ضرب الاثنان لا يبقى شيء منها». وأعلن أنه لا يجوز اعتماد معيار «الظروف الأمنية» لتأجيل الانتخابات، متسائلاً: «هل حوادث عرسال وطرابلس ترقى إلى مستوى الحروب المدمرة؟».

جعجع ينتقد الراعي

وفي السياق، وجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» انتقادات لاذعة للبطريرك الماروني بشارة الراعي على خلفية مواقف الأخير من التمديد. وقال جعجع في حديث تلفزيوني: «القاعدة الأساسية للكنيسة في لبنان هي القوات اللبنانية، وموقع بكركي يهمنا جداً، ويهمنا أن يبقى بالعظمة التي هي عليه». وتمنى «أن تحافظ بكركي على موقعها وهيبتها، ويجب أن تبقى بكركي فوق كل اللعبة السياسية».

واعتبر جعجع أن «الطريق إلى قصر بعبدا تمر بمعراب والرابية معاً وهذا ما أعمل عليه منذ أشهر عدة».

الحكومة: سجال حول الخليوي وغياب الأمن الغذائي

من جهة أخرى، لم تنعكس السجالات الجارية بين وزير الصحة وائل أبو فاعور من جهة ووزيري الاقتصاد والسياحة ألان حكيم وميشال فرعون من جهة أخرى على أجواء مجلس الوزراء التي لم يعكر صفوها أي موضوع ما خلا سجال وحيد بين الوزير باسيل ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش من جهة، وبين وزير الاتصالات بطرس حرب من جهة أخرى، على خلفية مشروع تلزيم الخليوي الذي كان قدمه الأخير ولقي اعتراضاً قوياً من باسيل ما استدعى تدخل رئيس الحكومة تمام سلام الذي طلب تأجيل البحث في الموضوع إلى جلسة لاحقة.

وعلمت «البناء» أن الخلاف تمحور حول نقاط فنية في مشروع حرب اقترح على أثره الوزراء عقد لقاء بين الوزراء الثلاثة برئاسة سلام في 21 الجاري للبحث في النقاط الفنية العالقة. وفي ملف النفايات طلب وزير البيئة محمد المشنوق إرجاء البحث في هذا الملف، لأن دفتر الشروط كبير ولم يتسن للوزراء دراسته.

وأشارت مصادر وزارية إلى أن ما تبقى من بنود وأمور أخرى لم يحصل حولها نقاشات ساخنة على رغم أنه جرى تأجيل بعض البنود بسبب التباينات.

وتطرق الرئيس سلام إلى قضية العسكريين المخطوفين، مشيراً إلى وجود إيجابيات في هذه القضية، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أنه على رغم تطمينات سلام، فإن الأمور لا تزال معقدة وصعبة وتحتاج إلى جهود كبيرة. وأشارت إلى أن المجموعات المسلحة لا تزال تتعاطى بطريقة الابتزاز والمراوغة من حيث تحديد ما تطالب به لإطلاق العسكريين، لافتة إلى أن ما كان سلمته الجهات الخاطفة من شروط للموفد القطري وتحديداً ما يتعلق بلائحة الأسماء التي طالبت بإطلاق سراحهم، إنما هو دفعة من الأسماء التي تشترط إطلاقهم في مقابل تحرير العسكريين.

أما موضوع الأمن الغذائي وما دار حوله من سجالات بين بعض الوزراء فقد غاب عن الجلسة، واكتفي ببحثه في اجتماع جانبي بين الوزراء المعنيين. وعلم أن اجتماعاً سيعقد بين وزراء الصحة والزراعة والسياحة والاقتصاد الأربعاء المقبل لدرس ملف الفساد الغذائي وتنسيق الخطوات بما يتعلق بتحسين السلامة الغذائية.

أبو فاعور: محاربة الفساد مستمرة

وكان وزير الصحة وائل أبو فاعور قدم أمس في مؤتمر صحافي، لائحة جديدة تتضمّن أسماء المؤسسات التي تبيع أطعمة فاسدة، مؤكداً أن فرق وزارة الصحة ستدخل إلى كلّ المناطق. وليس من ممانعة سياسية في أيّ منها.

وسأل أبو فاعور عن «السبب الذي يدفع وزير الاقتصاد آلان حكيم إلى التصدي والطعن بأي أمر تقوم به وزارة الصحة»، مضيفاً: «إذا كان لدى وزير الاقتصاد مئة وخمسون محضر ضبط، فلماذا لا يعلن نتائج هذا العمل الرسولي الصامت، فيعلماللبنانيون أين هي المشكلة ومن أين يمكنهم شراء غذائهم؟».

أما عن إعلان وزير السياحة ميشال فرعون أنّ حملة وزارة الصحة تؤذي السياحة، فأشار أبو فاعور إلى أنّ «مشكلات السياحة أكبر بكثير مما نقوم به»، لافتاً إلى أنّ «عالم بعض الزملاء غير عالمنا، فعالمهم نخبوي، ومهتمون بمنظومة علاقات معينة. أما ما يهمنا فهو المواطن اللبناني … ولن تتوقف محاربة الفساد، وسنستمر في اتخاذ الإجراءات في حق المخالفين».

توقيف قائدي مجموعتين إرهابيتين

على الصعيد الأمني، واصل الجيش ملاحقة الإرهابيين المتورطين في اعتداءات على عناصره، وفي هذا الإطار أعلنت قيادة الجيش عن توقيف الإرهابي أيمن عبد الحميد محيش الذي كان يقود مجموعة إرهابية أقدمت خلال الشهر الماضي على محاولة خطف عسكريين على جسر بحنين، وإطلاق قذيفة باتجاه آلية عسكرية أثناء تدخلها لإنقاذ هؤلاء العسكريين، ما أدى إلى إصابة عدد ممن كان في داخل الآلية. وقد أوقف معظم أفراد المجموعة الإرهابية المذكورة. كما أوقفت مديرية المخابرات الإرهابي أسامة يحيى بخاش الذي كان على رأس مجموعة إرهابية أقدمت الشهر الماضي أيضاً على نصب كمين لآلية عسكرية على جسر بحنين ما أدى في حينه إلى استشهاد ضابطين ورتيب وفرد، وإصابة الإرهابي بخاش، بينما فرت مجموعته عبر البساتين المجاورة إلى جهة مجهولة.

تحذير لبناني لـ «إسرائيل»

إلى ذلك، ووسط المعلومات عن محاولة «إسرائيلية» نقل المسلحين الإرهابيين من الجولان المحتل إلى شبعا وانشاء منطقة عازلة في الجهة اللبنانية، حذّر الجيش اللبناني خلال الاجتماع العسكري الثلاثي الأممي- اللبناني- «الإسرائيلي» الشهري في رأس الناقورة، العدو من الإقدام على هذه الخطوة منبهاً إلى أن مخاطرها ستنعكس على كل الجوار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى